سالمة بنت هلال الراسبية
بقطعة جبن وحبتي زيتون والقليل من الماء يبلل ريقهم، هكذا يبدأ بعض طلاب البعثات الخارجية في بريطانيا يومهم الدراسي.
مواد تموينية مرتفعة الأسعار وشقق سكنية طلابية ضيقة بثمن باهظ، كل ذلك كان شبحا مخيفا مرعبا خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلالها على كل شبر في أوروبا من جميع النواحي الإنسانية والمعيشية، فهل لدى وزارة التعليم العالي علم بهذه الأمور؟! وإذا كان لديها علم ولم تضع حلولا مبتكرة وعاجلة للطلبة المبتعثين فالمصيبة أعظم!!
لا أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تسلط الضوء على هذه الزاوية المظلمة التي تهدد نفسية الطلبة المبتعثين، فرغم تقليص عدد البعثات الخارجية في العام الماضي إلا أن مصروف الطلبة المبتعثين لا يتجاوز 500 ريال عماني شهريا، فكيف سيغطي الطلبة تكاليفهم الشهرية بهذا المبلغ؟
في الواقع، إن الطالب المبتعث يكون بين مطرقة المطالبات الشهرية للسكن ومستلزمات يومية وقرطاسية وفواتير كهرباء وماء وهاتف، وسندان المصروف الذي لا يتجاوز المبلغ المذكور، فكيف ستكون حالته النفسية وهو مطالب بتحقيق طموحه وحلمه واجتياز الاختبارات والحصول على مستوى يؤهله لاستكمال سنوات التخصص؟!
هكذا تتوزع المتطلبات الأساسية الشهرية، شقة متواضعة لا تزيد عن 6×5 متر قد يكون سعر الإيجار بين 300 إلى 350 ريالا عمانيا، فواتير الكهرباء والماء بين 30 إلى 40 ريالا عمانيا، رصيد الاتصال 15 ريالا عمانيا كأقل تكلفة، ناهيك عن تأشيرة الطالب بداية العام الدراسي التي تصل إلى 900 ريال عماني والتأمين الصحي السنوي الذي يبلغ 400 ريال عماني، فهل هؤلاء الطلبة الذين تتجاوز نسبتهم الـ 97% يستحقون كل هذا العذاب النفسي؟ فبدلا من أن يفكروا في دراستهم ينشغل ذهنهم بقوت يومهم، ينشغلون بكيفية تدبير هذه المبالغ.
كم من عائلة من ذوي الدخل المحدود أو من الطبقة المتوسطة كل أملهم أن يتخرج ابنهم أو ابنتهم حتى يرفع عنهم ثقل الأيام وهموم الدنيا والالتزامات المالية التي لها أول وليس لها آخر؟! ثم يتفاجؤون باتصال ابنهم لحاجته للمال لشراء مؤونة الشهر وهم بالأساس في ضيق من الحال، لماذا لا يتم وضع حلول سريعة ومبتكرة لتحسين وضعهم وتحسين معيشتهم؟ فأقل تقدير زيادة ما بين 100 و150 ريال لكل طالب أو إعطائهم كوبونات شهرية مجانية من أجل شراء المستلزمات من مواد غذائية وقرطاسيات، أو أضعف الإيمان تغطية تكاليف فواتير الكهرباء والماء والهاتف.
الطلاب بدلا من أن يعودوا ونفسيتهم مستقرة وصحتهم جيدة، يعودون إلى أهلهم وقد خسروا نصف وزنهم ناهيك عن الشتات الذهني الذي يصابون به.
معالي وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الموقرة، أنتم أكثر قربا وأكثر اطلاعا بأوضاع المبتعثين، معاليكم، أما وأنكم ابتعثتم أبناء الوطن وأبناءكم من المتفوقين إلى بقاع الأرض، فإنكم مسؤولون أمام الله أولا ثم أمام أسرهم وعامة الشعب عنهم، فلا يجب أن يكون هذا وضع أبناء الوطن، معاليكم، الرجاء الاستماع والإنصات لهم، ونرجوا أن تصل إليكم رسالتهم المغلفة بالحب والمعطرة بالثقة “فأنتم حضنهم الآمن بعد ذويهم”.