شؤون عمانية- خاص
حققت “مبادرة القرية القارئة” انتشارا جيدا في المجتمع العماني وفي الوطن العربي، ضمن المبادرات القرائية العربية، وصارت نموذجا يشار إليه على أنه علامة ثقافية في سلطنة عمان للعمل الثقافي القرائي التطوعي الموجهة للأطفال.
وعن المبادرة يقول مؤسسها الكاتب والحكواتي أحمد الراشدي: “المبادرة أصبحت نموذجا للمبادرات القرائية المستدامة والتي عملت على تحبيب الأطفال في القراءة وجعلها عادة وسلوكا في حياتهم، كانت البداية من ملاحظة تدني مهارة القراءة لدى أطفال قرية وادي قري بسمائل، وهي القرية التي نشأتُ فيها، فكانت الخطوة الأولى مع مجموعة شباب وشابات في القرية لتأسيس مبادرة لتنمية مهارة القراءة لدى هؤلاء الأطفال عن طريق جلسات القراءة المستمرة والحكي الشفهي أو عن طريق مسرح الدمى، وتدشين مكتبة خاصة بالمبادرة يجد فيها الأطفال كتبا تناسب أعمارهم”.
ويضيف الراشدي: “بدأت المبادرة في 2010 مع الأطفال من سن 5-12 ثم تطورت وصارت 2012 تستهدف أيضا اليافعين حتى سن 16 ووفرت المبادرة لهم كتبا تناسب مرحلتهم واحتياجاتهم، وأهم ما يميزها أنها انطلقت من استقراء حقيقي وملاحظة ميدانية لحاجة المجتمع والفئة التي تستهدفها وهي ملاحظة تدني مهارة القراءة ولم تنطلق من رغبة في الشهرة الإعلامية أو العمل على الفعاليات الآنية التي تميل للترفيه عن الطفل رغم الادعاء أنها مبادرات تعليمية تثقيفية.
ويقول الراشدي: “سعت المبادرة لاستصدار ترخيص رسمي من قسم التنمية الثقافية من وزارة الثقافة والرياضة والشباب منذ إصدار قانون المبادرات الثقافية 2017، وهذا الأمر وفر مظلة رسمية تعمل ضمنها المبادرة وتتلقى دعمها، كذلك تتميز المبادرة أنها انطلقت من هدفين واضحين محددين وهما أولا تأصيل حب القراءة في نفوس الأطفال وتم تحقيق هذا الهدف عن طريق عدة أدوات منها جلسات القراءة والحكي حيث استضافت المبادرة حتى الآن 30 كاتبا وقاصا وحكاء عمانيا وعربيا بمعدل 2 أو 3 في السنة.
وتم تأسيس مكتبة القرية القارئة التي تضم أكثر من 500 كتابا للأعمار من سن 3 – 18 في مجال القصة والرواية والعلوم والشعر والسيرة والتراث الثقافي والدين.
أما الهدف الثاني الذي سعت المبادرة لتحقيقه هو تشجيع الأطفال على تأسيس وتكوين مكتباتهم الخاصة وقد تحقق ذلك من خلال هدايا الكتب التي ربحها الأطفال في المسابقات ومن خلال رفوف الكتب التي أهدتها المبادرة للقراء المواظبين على القراءة ومن خلال رحلات خاصة للمكتبات وللجمعية العمانية للكتّاب والأدباء ومعرض مسقط الدولي للكتاب والسينما كنوع من التشجيع والتحبيب للقراءة عن طريق مشاهدة الأفلام المحولة عن روايات.
ويؤكد الراشدي أن أهم الأعمال التي حققتها المبادرة هو حصولها عام 2019 على المركز الأول في الدورة الأولى من مسابقة المبادرات القرائية المجتمعية التي أطلقتها إدارة معرض مسقط الدولي للكتاب، كما فازت المبادرة عام 2012 كأفضل مبادرة تعليمية في جائزة سمائل الثقافية، وحصلت 3 طالبات في المبادرة وهن شذى عبدالعزيز واليقين عبدالله ومكية أحمد على مراكز متقدمة في مسابقة تحدي القراءة، حيث قرأت كل واحدة 50 كتابا، كما شارك 9 أطفال من المبادرة في برنامج القارئ الصغير في إذاعة سلطنة عمان وحصلت خديجة الراشدية على جائزة الإلقاء الشعري على مستوى السلطنة في مسابقة الأندية وحصلت شمسه الراشدية المركز الأول في الخطابة على مستوى محافظة الداخلية.
ويفيد الراشدي: “من أغلى وأهم التكريمات التي حصلت عليها المبادرة هو استضافتها في مسابقة الحلم الذهبي للمبادرات الإنسانية في بغداد في جمهورية العراق في ديسمبر 2021 من قبل مؤسسة البيت العراقي للإبداع ليكون مشرف المبادرة ضمن لجنة التحكيم الدولية في المسابقة، كما تم استضافة المبادرة للحديث عن إنجازات المبادرة لأمناء المكتبات في مكتبات أبوظبي العامة 2018، كما تم استضافة المبادرة في لقاء خاص عبر إذاعة البي بي سي البريطانية ضمن المبادرات الشبابية المؤثرة في التغطية الخاصة التي قدمتها الإذاعة 2019، وكذلك تم استضافة المبادرة في لقاء خاص عبر إذاعة مونت كارلو الفرنسية الدولية عام 2021، وساهم في مراجعة أعضاء المبادرة لمسيرتها والتخطيط لتأسيس مكتبة عامة في القرية بالتواصل مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب تحتضن فعاليات المبادرة لتكون أنشطتها عامة تشمل ولايات محافظة الداخلية ولا تخص القرية فقط”.
كما أطلقت المبادرة هذا العام سلسلة ورش اكتشاف الموهوبين للبدء في رعاية الموهوبين من أطفال المبادرة سواء في المسرح أو التصوير أو التحدث أو الكتابة أو الشعر وتوفير كافة الدعم لهم تحت إشراف مختصين في كل مجال.
في ختام حديثه يتطرق الراشدي إلى مكتبة مكية وهي متجر إلكتروني لبيع الكتب على منصة الانستجرام ومشروع استثماري لتربية الأطفال على ريادة الأعمال في مجال تحبه الأسرة وهو القراءة، مضيفا “نشأ أطفالي في مكتبة القرية القارئة التي خصصتُ لها ركنا في بيتي وتشرف عليه زوجتي؛ إذ لا يوجد في قريتنا مكانا لتأسيس مكتبة، ولذلك صارت بين أطفالي والكتب علاقة صداقة كما أني دربتهم ليكونوا أمناء لمكتبة المبادرة التطوعية يشرفوا على استعارة الكتب وإرجاعها وإرشاد أطفال القرية والأهالي لأفضل الكتب التي تناسب كل مرحلة. ولهذا جاء مشروع مكتبة مكية تطورا طبيعيا كإحدى الثمار التي وهبتني إياها مبادرة القرية القارئة”.