مسقط- شؤون عمانية
من المنتظر أن تشهد العلاقات الاقتصادية العمانية المصرية نقلة كبرى بعد زيارة فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي تبدأ اليوم وتستمر لليومين، والتي يلتقي خلالها بأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- حيث سيكون الجانب الاقتصادي أحد أهم الجوانب التي ستتناولها المباحثات بين قادة البلدين.
ومن المتوقع أن تُركز زيارة الرئيس على الشقّ الاقتصادي للبلدين بما يتناسب مع الرؤى والخطط الطموحة التي يسعيان إلى تحقيقها، خصوصا مع ما تملكه البلدان من ميزات استثمارية كبيرة في العديد من القطاعات التي تتكامل بها المصلحة المشتركة، حيث شهدت العلاقات الاقتصادية المصرية العُمانية زخمًا كبيرًا خاصة في ظل إيمان القيادة السياسية في البلدين بأهمية تنمية وتوسيع حجم العلاقات المشتركة بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.
وقد شهدت العلاقات العمانية المصرية دفعة كبيرة في الآونة الأخيرة، وعقدت اجتماعات على كافة المستويات سعت إلى تعزيز أطر التعاون الاقتصادي المشترك، بهدف تنمية وتطوير العلاقات التجارية والصناعية والاستثمارية لتعكس عمق وتاريخية العلاقات المشتركة بين مصر والسلطنة وكذا العلاقات السياسية المتميزة التي تربط قيادتي البلدين.
وهذا ما أعرب عنه المهندس إبراهيم محمود العربي، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية في جمهورية مصر الشقيقة، حيث أعلن أن العلاقات المصرية العمانية تشهد بداية مرحلة جديدة من الشراكة، تتناسب مع عمق العلاقات التاريخية المشتركة، وترسم ملامح مستقبل صناعي تجاري تشاركي، لاستكمال ما تم تحقيقه من نجاحات علي مر التاريخ المشترك للدولتين.
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورا كبيرا خلال الأعوام الثماني الماضية، حيث تجاوزت الاستثمارات المصرية في السوق العماني الـ 700 مليون دولار موزعة على 142 شركة مصرية، بينما تضاعف التبادل التجاري خلال السنوات الثماني الماضية وشهد قفزة كبيرة حيث وصل لحوالي 535.4 مليون دولار (205.8 مليون ريال عُماني) مقارنة بـ290 مليون دولار خلال عام 2014، ويملك البلدان الشقيقان فرصة كبيرة لمضاعفة تلك العلاقات الاقتصادية، وإحداث التكامل الاقتصادي المنشود.
وفي سبيل تطوير العلاقات الاقتصادية شهدت كل مسقط والقاهرة عدد من اللقاءات التي أسهمت في هذا التطور الملحوظ على رأسها، لقاء السفير خالد راضي سفير مصر لدى السلطنة مع وزير التجارة والصناعة والترويج للاستثمار بسلطنة عمان قيس اليوسف في مارس الماضي، حيث تناول اللقاء سُبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، بما يتناسب مع مستوى التعاون القائم بينهما في شتى المجالات ويحقق مصالح شعبيهما الشقيقين، وبحث الجانبان آليات زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وسلطنة عمان، كما استعرض الفرص الاستثمارية الواعدة بالسوق المصري في القطاعات التي تهم البلدين ومن بينها قطاعات الطاقة والبنية التحتية والسياحة والتعدين والزراعة، فضلاً عن فرص تطوير التعاون الثنائي في مجال الممارسات التجارية وتبادل الخبرات في القطاعات ذات الصلة.
وأكد الجانبان خلال اللقاء أهمية تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في دعم عملية التنمية وتنشيط الحركة التجارية بين البلدين، وتوافقا على تقديم كافة أشكال المساندة من الجهات المعنية لتحقيق هذا الغرض، كما اتفقا على مواصلة العمل والتنسيق خلال الفترة المقبلة لدفع حركة التجارة البينية والاستثمارات المتبادلة بين الجانبين.
وفي نهاية 2021 أكدت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة حرص الوزارة على تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي بين مصر وسلطنة عمان خاصة في ظل توافق الرؤى وعلاقات الأخوة التي تربط القيادة السياسية وحكومتي البلدين، مشيرة إلى أهمية ترجمة هذه العلاقات الوطيدة إلى مشروعات كبرى تعود بالنفع على الاقتصادين المصري والعماني وتلبي طموحات الشعبين الشقيقين وتخلق مزيداً من فرص العمل، جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقدته الوزيرة مع أعضاء مجلس الأعمال المصري العماني من الجانبين في أعقاب الاجتماع الأول للمجلس بعد إعادة تشكيله، وذلك بحضور المهندس رضا بن جمعة آل صالح، رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان والسفير محمد فهمي غنيم سفير مصر في سلطنة عمان وأحمد بن علوي، رئيس الجانب العماني بمجلس الأعمال المصري العماني، والدكتور أحمد مغاوري، رئيس التمثيل التجارى.
وقالت الوزيرة إن مجلس الأعمال المصري العماني يضطلع بدور محوري في تنشيط حركة التبادل التجاري وتعزيز الاستثمارات المشتركة بين القطاع الخاص بالبلدين بما يسهم في إحداث نقلة نوعية في مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لافتةً إلى أهمية دورية انعقاد اجتماعات المجلس لتبادل وجهات النظر والمعلومات حول فرص الاستثمار الصناعي في كلا البلدين بغرض تعميق الشراكة في إقامة المشروعات الصناعية والاستثمارية المشتركة وزيادة التجارة البينية وبحث الحلول لأي تحديات تواجه المشروعات المقامة بالسوق المصري والعماني.
وأشارت جامع إلى حرص الوزارة على تقديم كافة أوجه الدعم للشركات العمانية العاملة بالسوق المصري وتذليل العقبات التي تواجه حركة التبادل التجاري بين البلدين، لافتةً إلى أن الدولة المصرية تنفذ حالياً خطة متكاملة لتعميق الصناعة المحلية وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص بما يسهم في تلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير للأسواق الخارجية.
وأكدت الوزيرة ضرورة تكثيف الجهود بين مصر وسلطنة عمان على مستوى الحكومات ومجتمعي الأعمال للنهوض بمعدلات التجارة البينية والاستثمارات المشتركة بين البلدين لترقى لمستوى العلاقات بين البلدين، كما التقت الوزيرة المصرية مع عبد الله الرحبي، سفير سلطنة عمان بالقاهرة، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات وفي مقدمتها التعاون الصناعي والتجاري.
لقد حرصت القيادة العليا للبلدين على إقامة علاقات وثيقة واستراتيجية، تقوم على تعزيز التعاون التجاري والصناعي والاستثماري المشترك بين البلدين، وتستهدف تعزيز معدلات النمو الاقتصادي لـمصر وعُمان، خصوصا مع انطلاق اجتماعات مجلس الأعمال العمانية المصرية الذي أنشئ في 2019 ليقوم بدور فاعل في تحقيق نقلة نوعية في مستوى العلاقات المشتركة وبصفة خاصة في مجالات النقل واللوجستيات وربط الموانئ، لتحقيق الاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز لكل من مصر وسلطنة عمان، وحقق هذا المجلس قفزة حقيقية في مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وقد شارك وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي ووزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بعمُان قيس اليوسف في الدورة الثالثة من مجلس الأعمال المصري العماني المشترك، وذلك في حضور رئيس وأعضاء مجلس الأعمال عن الجانبين.
والتقى الوزير شكري بعدد من كبار المسئولين بعمان لبحث أوجه العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وما يجمعهما من روابط وطيدة، فضلاً عن تبادل الرؤى بشأن القضايا العربية المُلحة وأبرز الملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وتم خلال اللقاءات التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم وبرامج التعاون الثنائية؛ كما شهد وزير الخارجية افتتاح الدورة الثالثة من مجلس الأعمال المصري – العُماني المشترك.
وينتظر أن تتحقق التوصيات التي أوصى بها المجلس في اجتماعه الأخير الذي تم بحضور سامح شكري وزير الخارجية المصري، والسيد بدر بن حمد البوسعيدى وزير الخارجية العماني، والذي شهد انتظام وتيرة انعقاد اجتماعاته منذ إنشائه في عام 2019، بما يعكس رسوخ إرادة الجانبين على توسيع مجالات وأطر التعاون بين البلدين الشقيقين.
وجاءت التوصيات على النحو التالي: التوصية بإنشاء مصنع لتصنيع المواد الخام للأدوية في مصر، وبحث إمكانية إنشاء شركة عمانية مصرية للاستفادة من الثروة السمكية وإنشاء أحواض الاستزراع السمكي في السلطنة، إضافة إلى تبادل الخبرات بين الجانبين في مجال تخطيط المدن وتشييد المنتجعات السياحية، واقتراح إنشاء موقع للمجلس على شبكة الإنترنت يقوم بتقديم الفرص الاستثمارية في البلدين، وحث الاجتماع على إمكانية التباحث بين حكومتي البلدين لمبادرة تأسيس شركة أو صندوق أو بنك بين الجانبين بما قيمته 100 مليون دولار لتنمية التبادل الاستثماري وتعزيز التبادل التجاري.
كما شملت التوصيات استكمال الجوانب القانونية للاتفاقيات الموقعة بين البلدين لتسهيل التبادل التجاري وضمان حقوق الاستثمار وتفعيل اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي والتي وقعت بالأحرف الأولى بين البلدين سنة 2000 ولم يتم توقيعها بشكل نهائي حتى الآن، وكذلك بحث إمكانية موافاة الجانب العماني عبر السفير المصري بسلطنة عُمان بقائمة عن أهم الاستثمارات الصناعية المطلوبة من الجانب المصري؛ لتسهيل استثمار الجانب العماني بها، علاوة على التباحث حول أهمية الربط الملاحي واللوجستي بين البلدين والاستفادة من التجربة المصرية في تنمية الموانئ العمانية، مثل ميناء صلالة، والدقم وصحار وميناء السلطان قابوس، مع بحث إمكانية تصنيع أسطول عماني مصري مشترك لصيد الأسماك، فالمجلس يعدّ حلقة وصل بين البلدين في المجال الاقتصادي، ويسعى بالتعاون مع مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة وسفارتي البلدين، للوصول إلى الطموح الاقتصادي المنشود الذي ينتظره الجميع.