خاص ـ شؤون عمانية
ثمة اتفاق لا يمكن تجاوزه في وقتنا الراهن ونحن نتفاعل بشكل يومي مع أحد أهم وسائل التواصل الاجتماعي في عصرنا الحاضر والمتمثل في “تويتر”، هذا الاتفاق يفيد بأن هذه الوسيلة الاجتماعية أصبحت بمثابة الصداع الذهني اليومي، نظرا لما يجري فيها من خلافات ونقاشات وترويج لمعلومات غير صحيحة، ناهيك عن الخروج عن مبادئ الحرية المسؤولة وغير ذلك.
شؤون عمانية، اقتربت من بعض المتابعين بغية تقصي ما يقع في هذه الوسيلة من أحداث وأعمال وأفعال متداخلة.
جرائم المحتوى
المحامي والشاعر حمود المخيني يفند قوله في هذا الإطار: “إن تعرض المتلقي للمحتوى العشوائي الذي يتضمن شتى الأفكار والمواضيع يؤدي حتما إلى الشعور بالصداع الذهني، لأنني في لحظة ما قد أقرأ فكرة تتعارض مع أفكاري الخاصة فأنزعج منها، كما أنني أكون معرضا لتلقي محتوى لا يتناسب مع أفكاري ومعتقداتي، وبالرغم من أن موقعا مثل تويتر قد طور من أدواته بحيث أتاح للمستخدم إلغاء المتابعة أو حظر المغرد إلا أن الضرر قد وقع فعلا من لحظة وصول الفكرة إلى ذهني”.
ويضيف المخيني: “إن المحتوى الذي يُعرض في تويتر أو أي برنامج آخر يجب أن يكون متناسبا مع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الذي أفرد فصلا مستقلا في أحكامه أسماه “جرائم المحتوى”، وأصبح نشر أو عرض أو توزيع المحتوى الممنوع قانونا هو بمثابة الجريمة، لذلك يمكن القول أن المحتوى الذي نتعرض له في تويتر مقيّد قانونا، والمغرد ليس حرا في نشر أفكاره وأخباره فهنالك ما يجب عليه الاحتفاظ به لنفسه، لأنه يحق للمتلقي أن يتقدم بشكواه لدى الادعاء العام -إدارة جرائم تقنية المعلومات- ضد أي محتوى مخالف للقانون والدين والعادات والتقاليد والنظام العام”.
انعكاسات نفسية
الإعلامية مشاعل القاسمية توضح: “لا شك أن للجدل الدائر في تويتر انعكاسات نفسية على من يتابعه، أتحدث عن الجدل العقيم الذي يدور في حلقة مفرغة ولا يصل إلى نتيجة محددة، وغاية ما يخرج به المشارك أو حتى المتابع المحايد هو الصداع فحسب، وأنا أتفق مع تسميته صداعا، لا سيما وأن أكثر أنواع الصداع شيوعا –بحسب اطلاعي- الصداع المرتبط بالتوتر”.
وتشير القاسمية: “ينعكس هذا النوع من الجدل غير المؤسس على احترام الاختلاف ولا على فهم الحرية وحدودها ولا على الرغبة في الوصول إلى نهاية محددة واضحة؛ على الصحة النفسية للأشخاص، وفي هذا يقول أحد الأدباء: ما رأيت شيئا ككثرة الجدل يحبط الأمل ويهلك العمل”.
أهداف عدوانية
أما الباحث والكاتب حبيب الهادي فشير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تقوم اليوم بأدوار محورية في المجتمعات الإنسانية إذ تقدم خدمات جليلة في واقع الناس، وهي في هذا وذاك سلاح ذو حدين واستخدامها فيما ينفع البشرية كبير ومتاح، وأيضا في المقابل حينما يتم تغيير مسارها إلى أهداف عدوانية تكون وبالا على المجتمع، وهناك مساحة واسعة من الحريات نجدها في وسائل التواصل الاجتماعي ومنها منصة تويتر التي تعد أحد أهم تلك الوسائل التي يستطيع أي شخص أن يدلي بآرائه وأفكاره أمام الجميع ويتلقى الرد أيضا عليها.
ويضيف الهادي: “قد يتجاوز البعض المستوى المطلوب من الحريات إلى التغول في جوانب حساسة لا ينبغي طرقها لأن حرية الشخص تنتهي عند حرية الآخرين كما يقال وبشكل نسبي طبعا فهناك مسلمات لا ينبغي تجاوزها.
أفكار غير مسؤولة
وتفيد الكاتب والصحفية ليلى الرجيبية أن تويتر منصة إعلامية واسعة تجتذب الجميع دون انتقاء، الكل يضع بصمته في أي من الآراء التي تطرح، يوافق أو ينفي أو يناقش أو يخالف ولكن هذا المقدار تراه جانبا مشرقا في نقل الصورة بشكل سريع بدلا من الانتظار للتحري وانتقاء كلمات مناسبة ترقى إلى مسامع المتابعين وتروق لأعين القراء ليبقى للحدث السرعة والحداثة في نقله.
وتؤكد الرجيبية: “الإشكالية أن ما يحدث عادة أن المصداقية التامة أصبحت مفقودة في طرح الآراء أو نقل الخبر، أو حتى الحوارات الجانبية أو التعليقات على نقطة ما، وما نلاحظه هو الانسياق وإبداء الأفكار غير المسؤولة، ولو نتطرق للإعلام على سبيل المثال نلاحظ أن هناك استعراضا في نقل الشائعات دون الرجوع إلى المصادر الرئيسية وهنا من يؤلف وهناك من يبتر بغية الحصول على أكبر عدد من الإعجاب والمتابعة”.