مع كل يوم تشرق فيه شمس جنوب الشرقية يذهب الموظفون والعاملون والمرضى والكثير من العوائل التي تربطهم علاقات أسرية من ولايات الكامل والوافي وجعلان بني بوعلي وبوحسن، إلى صور العفية، والعكس.
لم تكن رحلة عائلة أبو أحمد التي تعيش في ولاية الكامل والوافي بلا مخاطر وهم في طريقهم إلى مستشفى صور المرجعي، حيث كان لديهم موعد مع القدر، في طريقهم كانوا يتبادلون أطراف الحديث، وينظرون الى جوانب الطريق والتي مازالت طور البناء.
سأل أحمد أبيه عن سبب عدم الانتهاء من الشارع على مدار 3 سنوات، ليجيبه الأب أنهم سمعوا أن شركات المقاولات أوقفت استكمال الطريق بسبب عدم قدرتها المالية وحتى الشركة الجديدة المسند إليها الطريق اعتذرت، ولا يدرون متى سيتم استكمال الطريق.
تنهدت الأم، وعبرت عن اشتياقها لزيارة أصدقائها التي لم تذهب إليهم منذ أكثر من 3 سنوات، وزيارة سوق صور الي تم تطويره وأصبح في أبهى حلة له بإضافة لوحات تراثية وزخارف، كل ذلك بسبب عدم استكمال الطريق.
استمر حديث العائلة واسترجعوا ذكريات المدينة الجميلة، لكنهم تفاجؤوا بمنعطف شديد أدى لاصطدام مركبتهم بشاحنة كبيرة، لتنقلب سيارتهم عدة مرات ويتطاير كل من فيها، لتستقر السيارة بعد ذلك في قعر الوادي.
هرول المسعفون إلى موقع الحادث، لكن زوجة أبي أحمد وابنه فارقا الحياة، وجدوا الابن في حضن أمه في محاولة لحمايته من آثار الحديث لكن دون جدوى، أما أبو أحمد فكتب الله له النجاة، لكنه سيعيش ما تبقى من عمره دون حركة كما قال الأطباء، ليعيش على ذكرى أليمة متذكرا ملامح زوجته وابنه.
هذه القصة ربما تكون حقيقية- لا قدر الله- بسبب هذا الطريق، ومع كل منعطف وكل حفرة وكاسرة طريق يضع العابرون أيديهم على قلوبهم خوفا على أرواحهم، وكأن شبح الموت يهددهم على قارعة الطريق رافعا لوحة مكتوب عليها: “دور من منكم التالي؟”، فهل سنشهد مآسي على هذا الطريق؟ وهل الطريق الذي صدأ وبانت عليه ملامح الشيخوخة، ليبقى رهين أمل قد يتحقق لكن بعد تقديم قرابين أخرى كعائلة أبي أحمد؟.