رصد: شؤون عمانية
نشرت صحيفة اندبندنت البريطانية في نسختها الصادرة باللغة العربية مؤخرا تقريرًا مثيرا للقلق لدراسة أجراها باحثون في جامعة هارفرد 2018 توصلت إلى أننا حين نشارك مع الأصدقاء منشوراً نتحدث فيه عن أنفسنا، ينتج عنه تنشيط الجزء نفسه من الدماغ الذي ينشط في حالات الإدمان.
وأشار التقرير أن الباعث على القلق، تلك الكميات من البحوث التي تتراكم عاماً تلو عام لتؤكد مدى الضرر، ليس بسلامتنا العقلية والنفسية فحسب، بل بمستقبل أطفالنا، هؤلاء الذين شبوا على ممارساتنا الخاطئة وراحوا يطورونها في غرف مغلقة بمنتهى العماء.
ووضح التقرير أنه في النصف الأخير من عام 2021، على سبيل المثال، أكدت دراسة أجرتها جامعة ييل الامريكية ، أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي تعمل على تضخيم الأشياء المثيرة للغضب، لأن الغضب يساوي فعل المشاركة.
بعد ذلك، نشرت صحيفة “وول ستريت” الاميركية مراجعة لوثائق تخص “فيسبوك”، أثبتت، من بين أمور أخرى، أن عملاق التواصل الاجتماعي يعرف جيداً مخاطر “إنستغرام” على الصحة العقلية، لا سيما صور المراهقين والمستخدمين الصغار، علاوة على دراسات تؤكد أن “تك توك”، التي تكتسب ثمانية مستخدمين جدد كل ثانية، قد يكون لها التأثير الضار نفسه.
في السياق ذاته فقد نشرت جامعة سيدني للتكنولوجيا في أكتوبر الماضي من عام 2021م مراجعة منهجية لوسائل التواصل الاجتماعي حددت 47 تأثيراً ضاراً، بما في ذلك الغيرة والوحدة والقلق وقلة احترام الذات والأرق .
وعلى الرغم من مدى تنوع وسائل تواصلنا على مدى الساعة، ووفرة أصدقائنا الافتراضيين أكثر من اللازم، فإننا غالباً نشعر بانفصال متزايد،
ترى ما السبب؟ الجواب يكمن في أدمغتنا! لقد تسبب العيش في عصر الإلهاء الرقمي في إحداث فوضى لتركيب أدمغتنا تدعو إلى التشاؤم، فهل لدينا فرصة لاستعادة أذهاننا وترتيب فوضانا؟.
وأشار التقرير أن الباحث في شأن التواصل الاجتماعي والرقمي الدكتور كارل دي مارسي أوضح في كتابه “إعادة التوصيل: حماية دماغك في العصر الرقمي” الصادر حديثاً، في جامعة هارفرد، بأن هذه الفرصة ما زالت هناك، تنتظرنا عند مفترق طريق، لإنقاذ أنفسنا والنجاة بأطفالنا.
ولا غنى للتجربة الإنسانية عن التواصل وتشكيل روابط اجتماعية قوية وصداقات وثيقة على أرض الواقع، فإذا عز المراد فلا مفر من إيجاد بدائل أخرى.
يرى مارسي بصفته طبيباً نفسانياً يعمل في طليعة الأبحاث حول تأثير التكنولوجيا الرقمية، أن الزيادة في رفع إصبع الإعجاب وسرعة تمرير المنشورات يفضيان إلى المبالغة في تحفيز مراكز المكافآت العصبية نفسها، المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية، فضلاً عن أن العادات التي تصاحب أنماط حياتنا الرقمية تشكل ضغطاً هائلاً على المكونات الأساسية للدماغ، المرتبطة بالانتباه والعاطفة والذاكرة، وتعمل على تغيير طريقة معالجة المعلومات وتغيير كيفية تواصلنا وربطنا بعضنا ببعض، حتى على المستوى الفيزيولوجي.