سالمة بنت هلال الراسبية
لا شئ أجمل من أن يمتلك الإنسان وظيفة لتأمين مستقبل أبنائه وتعفه من الطلب من الغير، وتقضي دينه وتجعله يعيش برفاهية ولو بسيطة بعيدة عن البذخ.
لكن أن يختفي كل ذلك بسبب تسريح الإنسان من وظيفته ومصدر رزقه، إنه قهر الرجال الذي استعاذ منه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يوجد أي تعريف مهذب يمكنني من وصف هذا الإجراء القاسي جدا.
لم يظهر مصطلح المسرحين عن العمل في سلطنة عمان إلا في الأعوام الماضية بين عامي 2014 و 2018 تقريبا ليزيد الأمر بين 2020 و2022م، واتُخذت جائحة كورونا عذرا لهذا التسريح الذي استمر في وتيرة بين مستقرة ومرتفعة حسب ما تقتضيه مصلحة الشركات الخاصة للأسف الشديد مستغلة ثغرات القانون وسيلة لذلك.
هناك تسريح لا نعرف متى يتوقف، ولقد ساد هذا المفهوم الدخيل على بلادنا بعد عمليات التوظيف للعمالة الوافدة في مؤسسات الدولة ومثال على ذلك مطار مسقط الجديد، ينام المواطن بين أبنائه ويستيقظ على خبر يهز الكيان البشري ويهدم كل القيم والمبادئ، وهو خبر تسريحه من العمل، مثلما حدث مع أحد المواطنين -الذي يحكي تجربته الأليمة- وهو أب لثلاث فتيات كان حلمه أن يعشن في رفاهية ولكن البؤس الذي حل به بعد خبر تسريحه من العمل كان أكثر مما يتحمله بشر.
قصة هذا المواطن ضمن آلاف القصص التي تحكي عن مآسي المسرحين تختلف باختلاف ظروفهم ومعيشتهم، فهو شاب ثلاثيني لديه 3 بنات وليس له معيل ولا بيت يأويه، حيث يسكن عند أحد إخوانه في غرفة بسيطة محدودة،
كان مشرف أمن في شركة من الشركات التي تبني المطار الجديد على أمل أن يتم توظيفه في المطار الجديد والذي عمل فيه 8 أعواما متتالية.
صاحب قصتنا من المجيدين المخلصين في عمله يعشق عمله وبعد أن تم تسريحه تكالبت عليه هموم الدنيا فلا يوجد شعور يصف ذلك إلا بالخيبات والبؤس والضجر، وكل ما يتمناه هو عمل بذات الخبرات وبراتب أعلى من الحد الأدنى للأجور كونه خبرة لسنوات ومندوب علاقات عامة ومحاسب ولديه خبرة واسعة في التسويق ولا يمكن البدء من الصفر في وقت زادت فيه أعباء الحياة اليومية ومتطلبات المعيشة وأمله في منزل تحيطه جدرانه المودة والرحمة وتزهر فيه مشاعر الانتماء والأمن والسلام.
ولصاحب القصة حساب في تويتر يحكي فيه حجم المعاناة الإنسانية التي يعانيها ولا يستطيع نسيانها، لأنها الشبح الذي يراوده في كل لحظة وكابوس التسريح يقلقه ولا يريد سوى وظيفة فقط بذات التخصصات.
لعل وعسى يطرق باب حياته من يكون سندا وعونا.