صالح البلوشي- شؤون عمانية
تحظى زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لسلطنة عمان تلبية لدعوة رسمية من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- باهتمام كبير على المستوى الإقليمي، ما يبرهن دور السلطنة الهام في المنطقة.وتكتسب هذه الزيارة أهمية كبيرة باعتبارها أول زيارة للرئيس الإيراني إلى سلطنة عمان وكذلك أول زيارة لرئيس إيراني إلى البلاد في عهد النهضة المتجددة لجلالة السلطان هيثم المفدى -أعزه الله-.
وتأتي هذه الزيارة في ظل ظروف دولية بالغة التعقيد وأهمها الأزمة الروسية الأوكرانية وتطورات الحرب في اليمن وكذلك المفاوضات النووية المستمرة منذ عدة أشهر دون الخروج باتفاق نهائي حتى الآن، وتأكيدا لما تقوم به السلطنة من دور الوساطة لحل الأزمات الإقليمية والدولية.
كما تكتسب الزيارة أهميتها من رغبة البلدين في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين بالإضافة إلى مشاريع التطوير النفطية.
إن العلاقات العمانية الإيرانية ليست وليدة اليوم، وإنما ممتدة لعقود طويلة استطاع خلالها البلدان من إقامة تعاون في جميع المجالات، في ظل السعي إلى تعزيز هذه العلاقة من خلال التعاون الاقتصادي والاستفادة من القرب الجغرافي بين البلدين والعلاقات التاريخية التي تربطهما.
وربما يتفق كثيرون أن السياسة العمانية التي أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس المعظم –رحمه الله– وأكد عليها قائد النهضة المتجددة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم –حفظه الله- استطاعت بحكمتها والأسس الثابتة التي تقوم عليها أن تحظى باحترام جميع دول العالم دون استثناء، لأنها تقوم على الدعوة إلى السلام وحل الخلافات بالطرق السلمية، ولذلك يتفاءل العالم عندما يرى تحركا سياسيا عمانيا في المنطقة؛ لأنه يعرف جيدا أن السلطنة –بحكم علاقاتها مع جميع الدول– تستطيع أن تبني جسورا من الثقة والتفاهم بين الفرقاء.
وقد استطاعت العلاقات العُمانية الإيرانية أن تحافظ على أمن واستقرار المنطقة عقودا طويلة، بعدما كانت هناك العديد من الملفات على وشك الانفجار، عدة مرات ، وأشير هنا بشكل خاص إلى دور سلطنة عمان في عدم امتداد الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988) إلى خارج حدود البلدين، ودورها أيضا في التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى عام 2015 قبل أن ينسحب منه ترامب سنة 2018، وكذلك دورها في تهدئة التوتر الذي حدث في إيران والولايات المتحدة في صيف سنة 2019 الذي كاد أن يعرّض المنطقة لحرب مدمرة، وكذلك عقب اغتيال اللواء قاسم سليماني في يناير 2020.
إن زيارة الرئيس الإيراني الدكتور إبراهيم رئيسي هي الزيارة الأولى لرئيس إيراني إلى سلطنة عمان بعد اعتلاء حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق مقاليد حكم البلاد في 11 يناير 2022، وتكتسب أهميتها في عدة محاور، منها: رغبة البلدين في تطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة والتي شهدت تطورا لافتا في السنوات الأخيرة، فقد أصدر جلالة السلطان المعظم بتاريخ 18 مايو الجاري مرسوما سلطانيا ساميا بالتصديق على اتفاقية التعاون في مجال النقل البحري بين حكومة سلطنة عمان وحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين حسب ما جاء في تقرير نشرته قريبا وكالة فارس الإيرانية 1.336 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في 20 مارس 2022 وهو مستوى وصفته الوكالة بأنه قياسي بزيادة 53% على أساس سنوي.
أضف إلى ذلك أن البلدين بحثا مؤخرا تأسيس شركة ملاحة بحرية مشتركة.
وفي المحور السياسي فهناك جهود داعمة لإنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار الكامل خاصة وأن المفاوضات المستمرة منذ عدة أشهر ولم تحقق تقدما كبيرا، في ظل التخوفات من انهيار المفاوضات بشكل كامل والمطالب الإيرانية بوجود ضمانات حقيقية لعدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق كما حدث في السابق، ومطالب أمريكية بأن تتضمن المفاوضات ملفات أخرى.
كما تأتي الزيارة أيضا في سياق رغبة حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في توثيق علاقات بلاده مع دول المنطقة.