حوار: عبدالله الشافعي
قد يتعرض أحدنا يوما ما لإصابة في منزله أو في مقر عمله، أو قد يتعرض غيرنا لأزمة قلبية أو إغماء أو أي إصابة أخرى، هنا تكون الإسعافات الأولية أمرا ضروريا لإنقاذ روح إنسان أو تخفيف ألمه، لكن، هل يمكن لأي شخص تعلم مبادئ الإسعافات الأولية وكيف ذلك، ومن المسؤول عن نشر هذه الثقافة في المجتمع؟
أجرت “شؤون عمانية” حوارا مع سماح العريمية، ممرضة ومدربة معتمدة في الإنعاش القلبي الرئوي، للحديث عن بعض الأمور التي تخص الإسعافات الأولية، وإلى نص الحوار:
من وجهة نظرك، ما هي أهمية الإسعافات الأولية؟
ببساطة: الإسعافات الأولية قد تنقذ روحا وحياة أو تساهم في تخفيف وتقليل مضاعفات أي إصابات طارئة.
وهل يمكن لأي شخص تعلم الإسعافات الأولية؟
أجل، وبغض النظر عن عمره، ولكن يؤخذ في الاعتبار عمر الشخص كي يصبح قادرا على تعلم المحتوى المناسب له ويتدرج حتى يصل إلى الاتقان.
الأطفال بإمكانهم تعلم بعض أمور السلامة والوقاية مثل الابتعاد عن أماكن الخطر في المنزل أو الشارع أو حتى معرفتهم برقم الطوارئ الخاص ببلدهم، وكيفية استخدام الهاتف النقال لأحد الوالدين في حال كان مغلقا برقم سري، فمعظم الهواتف تتوفر بها خاصة الاتصال الطارئ وإن كانت الشاشة مغلقة.
وبحسب الجمعية الأمريكية للقلب فإن الأطفال من سن العاشرة يستطيعون الحصول على شهادة ممارس للإسعافات الأولية والإنعاش حسب قدراتهم.
إذا قرر شخص تعلم الإسعافات الأولية، كيف ومن أين يبدأ؟
يتوفر نوعان من التدريب:
أولا: التدريب الرسمي: وفيه يقوم الشخص بالتسجيل لدى أحد مراكز التدريب المتخصصة والمعتمدة ويدفع الرسوم المطلوبة، والتي تشمل كتاب الدورة والشهادة، ثم يتم تحديد يوم الدورة للحضور، ثم الخضوع لاختبار نظري وآخر عملي وينتهي اليوم بحصوله على الشهادة المعتمدة دوليا لمدة عامين، يتم تجديدها كل عامين بشكل اختياري لمن أراد من المجتمع، لكنها إجبارية بالنسبة لمن يعمل في المؤسسات الصحية، ومدة هذه الدورة تتراوح بين يوم أو يومين حسب مسمى ومحتوى الدورة.
الثاني: التدريب المجتمعي: وهو أيضا نوعان، الأول هو “الإنعاش القلبي باستخدام اليدين Hands-Only CPR “، وفيه يتعلم الشخص كيف يقوم بالضغطات الصدرية فقط في حالة توقف القلب دون استخدام وسائل أخرى.
والنوع الثاني يتم تعليم أفراد المجتمع مبادئ الإسعافات الأولية والإنعاش بشكل مبسط، لتمكينهم من التدخل الصحيح في منازلهم ومدارسهم وأماكن عملهم وغيرها، حتى يكونوا قادرين على التعامل مع الإصابات اليومية)، وفي هذا النوع لا يتم منح شهادة ممارس، بل شهادة حضور، وهذا الأمر يعتمد على منظم الدورة أو الورشة التدريبية.
هذا النوع مناسب للمجموعات الكبيرة والمدارس والجامعات والذين لا يستطيعون أو لا يرغبون بالالتحاق بالدورات الرسمية لأي سبب كان.
هل يحتاج كل منزل لأدوات الإسعافات الأولية، وكذلك مقار العمل؟
بالطبع، وجود حقيبة إسعافات أولية -يختلف محتواها باختلاف مكانها والمستفيدين منها- هو أمر ضروري، مع الأخذ بالاعتبار أهمية فحص محتوياتها بشكل دوري خاصة إذا احتوت على بعض الأدوية، ومن المهم تعليم الأطفال كيفية الوصول إليها في حالة عدم وجود شخص بالغ للمساعدة.
بخصوص مرضى القلب، إذا حدثت أزمة لأحدهم كيف يتم التعامل معهم؟
تختلف أمراض القلب في نوعيتها، لكن إنقاذ الحياة يظل ثابتا، فإذا توقف قلب أحدهم فعلى الآخرين تقديم الإسعافات الأولية والإنعاش له حتى تصل المساعدة المتخصصة.
أما ما يثار حول تشجيع الشخص على الكحة بشكل متواصل وقوي في حال اشتبه في إصابته بأزمة قلبية، فهو كلام عار من الصحة ولا يضيف أي فائدة للشخص.
فإن كان يعاني من جلطة قلبية فالأنسب أن يتوجه إلى أقرب مؤسسة صحية، ويفضل أن يطلب من غيره المساعدة لاحتمال تدهوره وفقدانه للوعي في هذه الحالة، أما إن كانت سكتة قلبية فهو في هذه الحالة ميت ولا يمكنه اتخاذ قرار بالكحة أو غيرها.
وماذا عن حالات الإغماء المفاجئة؟
يحدث الإغماء نتيجة للعديد من الأسباب، أخطرها هو توقف القلب، وهذا يحدث لدى بعض الناس نتيجة الإصابة بأمراض مزمنة، أو الجلطة القلبية التي تؤدي إلى السكتة، و في بعض الأحيان يكون غير معروف السبب ويسمى: الموت القلبي المفاجئ.
ومن المعلوم أن الموت القلبي المفاجئ يحدث نتيجة خلل في كهربائية القلب مما يؤدي إلى توقفه، وللأسف يحدث هذا الأمر لدى الأشخاص الذين ليس لديهم أي تاريخ مرضي معروف، ولكن قد تكون مشكلة كهربائية القلب موجودة دون أعراض حتى لحظة توقف القلب، كما أن بعض مشاكل القلب غير المشخصة قد تؤدي إلى ذلك مثل تضخم عضلة القلب.
من المنوط به توعية الأشخاص بأهمية الإسعافات الأولية وممارستها؟
طالما أن الإسعافات الأولية هي لإنقاذ حياة أو تخفيف مضاعفات فهي مسؤولية الجميع: الأفراد “الوالدين في المنزل والمعلمين في المؤسسات التعليمية”، وكذلك المؤسسات “أصحاب الشركات والمدراء والرؤساء”، وأيضا الحكومة “وزارة التربية والتعليم، وزارة الصحة ووزارة الرياضة وغيرهم.
الأطراف الثلاثة يمكن تسميتهم بالمثلث الذهبي لنشر هذه الثقافة نظريا وعمليا وتنفيذيا، كونهم أقرب الجهات بعملية الإسعافات الأولية والإنعاش، بالإضافة إلى هيئة الإسعاف والدفاع المدني.
ما هي الخطوات التي نحتاجها لنشر التوعية بأهمية الإسعافات الأولية وتعلمها؟
هناك بعض النقاط التي قد تساعد في جعل المجتمع أكثر قدرة على التصرف الصحيح مهما كان عمر وخبرة وتعليم الشخص الذي سيقدم الإسعافات:
- من المهم جدا أن تكون الإسعافات الأولية مادة أساسية في سنوات الدراسة قبل الجامعية، مع التركيز على تمكين الشباب ليلتحقوا بالدورات الرسمية لاحقا.
- الدورات والورش المجتمعية والتي تقام في المدارس و الجامعات والمجالس و مقار العمل و غيرها، ينصح بأن تكون بشكل دوري وليست مرة في العمر، كونها مجانية في الغالب، فهذا أدعى أن تكون حاضرة خلال فترات محددة.
- توفير أجهزة الصدمات الكهربائية “مزيل الرجفان الخارجي الآلي AED” في جميع المنشآت الرياضية مهما كان حجمها، وأماكن العمل خاصة ذات الكثافة العالية، ومجمعات التسوق والجامعات والكليات وغيرها، والتدريب على استخدام هذه الأجهزة سهل ولا يتطلب وقتا وجهدا مثل مهارات أخرى.
- الحملات التثقيفية والتدريبية وتوفير مواد وأدوات التدريب لمختلف المؤسسات حسب الاحتياجات بعد دراستها.
- وأخيرا: من النقاط التي لا يجب أن نغفل عنها، سلامة المسعف تأتي أولا، فلا يجب أن يقذف نفسه في الخطر لأجل إنقاذ شخص آخر، كما يجب تثقيف كل من يود أن يكون مسعفا أو مقدما للخدمة بحدود مساءلته القانونية والأخلاقية والمجتمعية، وما هو المسموح وغير المسموح سواء تحصل على شهادة أم كان مجرد فرد صالح في المجتمع ويود أن يمد يد المساعدة بكل حسن نية.