الكاتبة: لمى دعدوش
نشارف على نهاية عام.. وبداية عام آخر.. أيامٌ تذهب، وأيامٌ تجيء.. أناسٌ تمضي، وأناسٌ تقبل.. ذكريات تنسى وذكريات تأبى.. سجلٌ من الأحداث الغائبة عن ذاكرتنا القريبة والقابعة في ذاكرتنا البعيدة، نستدعيها الآن لنطل عليها في تجرد ومحاولة استبصارها، فيها ما كان صالحا مرضيا، وفيها ما كان دون ذلك.
جميل هو العود للوراء قليلا في محاولة التقاط ما فلت للتمحيص والتدقيق والتقويم.. والأجمل هو التقاط تلك الصور البهية التي تنوي بها تزيين عالمك القادم بروح شغفك وعزمك عليه.
الحقيقة نحن في منتصف طريق بين ماض ذهب لا نملك منه إلا المراجعة لأخذ بعض نقاط نضع عليها حجر أساس التغيير الجديد.. وقادم غامض لا نعلم منه إلا ما سوف نخطّ بأيدينا وترسم نوايانا فيه من أحداث وأهداف.. ويبقى للمفاجآت طبعا مكانها الخاص.. فنحن بشر ندور في فلك البشرية وحدودها، إلا أننا نملك مفتاح الرضى والامتنان في التعامل مع مفاجآت القدر-سواء توافقت مع رغباتنا أو تعارضت معها- بين رضى بما تعارض وامتنان لما توافق؛ فنحن مع القدر في اتفاق واحترام.
جميل هو النظر من فوق وعن كثب.. حيث تتجلى لك الأشياء على حقيقتها.. وتصبح قادرا على ملاحظة الفروقات واكتشاف الخبايا، والنظر بموضوعية دون سيطرة العواطف وطغيان المشاعر، فالزمن كفيل بإطفاء نارها والعودة بالفكر إلى المستوى الحيادي الصحيح الذي يوفر فهمًا عقلانيًا وسطيًا محايدًا عند تحرره من تأثير المشاعر.
أنت هنا..
كالملك الذي ينظر إلى حاشيته من فوق،
وكالربان الذي يلاحظ سفينته من الأمام،
تنظر وتفكر.. وتدقق.. وتندم.. وتسيطر.. وتقرر.. وتغير.
نظرتك الآن هي تلك النظرة العملية التي ستعيد كل شيء إلى مكانه، وستقلب الماضي ليصبح عبرة وليس ذكرى فقط،
وستقلب الحاضر ليكون بناء لا قضاء،
وستقلب المستقبل ليكون رؤية لا أمنية،
المهم أن لا تدع القلق يدخل إليك… فيعكر صفوك… ويؤرق نومك.
اعلم أنها خير البداية..
فالعمل بالأمل يكون، واحرص أن تكون بدايتك قوية فولاذية، فابدأ بنية قوية توقد بها نار شغفك للمراد من الأهداف والأعمال التي ستسعى بكليتك لتحقيقها.
وضع عينك باستقامة في أفق مسارك، لا يزيحك عنه شيء و لا يلهيك عنه شاغل..
وكن صاحب قلب ذو عزيمة وإيمان بقوة الله القادر، فكلما أحكمت رباطك برباط مولاك، أعطيت من عطاياه و غناه،
فالعزيمة في القلب والفؤاد، وهو مسكن الإله.
هذه هي نهاية البداية.. ولكل نهاية بداية لما بعدها.. فلترسم الآن بداية عام متألق.. مشرق.. فيه العمل والعطاء.. والحب والوفاء.. والخير والبناء..
وإن شئت فلتسمه بـ “عام الرخاء” .