هارون بن سالم الحسيني
يهب نسيم المحيط الهندي المنعش القادم من الشرق على جنوب الشرقية ليضفي عليها نقاء يتسلل للقلب فيمنحه الراحة و السكينة ، وفي الأشخرة بالتحديد يلتقى هواء البحر العليل والمحمل برذاذ المحيط مع رمال الشرقية الذهبية الناعمة، لترتسم لوحة فنية رائعة تمتزج فيها ألوان البحر والرمال مع ألوان منازل الأشخرة و استراحاتها و مينائها بسفنه الخشبية وشباك الصيادين وطيوره البيضاء الجميلة في مشهد ساحر .
نيابة الاشخرة هي “درة بحر العرب” و أحد أجمل القرى الساحلية ، تقع في سلطنة عُمان و تتبع محافظة جنوب الشرقية ولاية جعلان بني بوعلي ، وتبعد عن المطار بمحافظة مسقط حوالي 340 كيلومتر، وتقطع هذه المسافة بالسيارة خلال حوالي 4 ساعات عبر طرق مريحة ومزدوجة.
المقومات السياحية للأشخرة
تشتهر سلطنة عمان بشواطئها المتنوعة و تتميّز الأشخرة بسبب نسيمها العليل وطبيعتها البكر بأنها وجهة مناسبة للباحثين عن السياحة الشاطئية و التخييم و الراغبين في استكشاف الطبيعة ، وما يجعلها افضل وجهة للسياحة الشاطئية في أغلب أوقات السنة هو جوها الطيف ودرجات الحرارة التي يشعر فيها الزائر بمتعة الاسترخاء والهدوء ، حتى في فصل الصيف عندما ترتفع درجات الحرارة تكون الأجواء في الاشخرة مناسبة لقضاء الأوقات في الطبيعة سواء في اليل أو في النهار ، فهي مدينة الأجواء المنعشة و الوجهات الشاطئية الصحراوية الأكثر ألقاً وجمال.
ما يميز الاشخرة شواطئها الجميلة و التي تعد أجمل وأشهر مناطق الجذب للسياحة الداخلية ، ويمكن للسياح الاستمتاع بالكثير من الأنشطة الشاطئية ، ومنها التخييم الشاطئي وصيد الأسماك للهواة و السير على الأقدام في الرمال وعلى الشاطئ ، و الاشخرة من أشهر الأماكن جاذبية لمحبي الرياضات المفتوحة الشهيرة مثل رياضة التجديف وركوب الأمواج والغوص والجولات بالدراجات النارية والهوائية و غيرها من الفعاليات الرياضية الشاطئية ، بالإضافة إلى الكثير من الانشطة التي تقدم تجربة مميزة لمحبي المغامرات وتنفرد بها الأشخرة ، كما يمكن زيارة الأخوار مثل خور عويجة وخور عمر والبحيرات الوردية ، و يمكن زيارة الوجهات القريبة في محافظة جنوب الشرقية خلال موسم الشتاء الذي تشهد فيه نشاط سياحي بشكل افضل مقارنة بفصل الصيف .
يمكن الاستمتاع أكثر بأجواء الاشخرة وطبيعتها البكر بالانضمام للرحلات البحرية ، حيث تضم مياه الاشخرة أنوع مختلفة من الأسماك مثل سمك السهوة والصافي والشارخة، كما يمكن الاستمتاع بمشاهدت السلاحف و الطيور المائية النادرة ، حيث تُعتبر الأشخرة موطن للسلاحف و التنوع الطبيعي ، و تتمتع جعلان بني بوعلي و الاشخرة بشكل خاص بثقافة وتراث اجتماعي متنوع يتمثل جزء منه في الصناعات التقليدية ومنها صناعة النسيج و صناعة السفن الخشبية العمانية الرائعة الجمال.
تتميز الأشخرة من حيث الموقع بتوسطها لأهم المناطق الاقتصادية في سلطنة عمان مثل الدقم ومسقط وقربها من صور ، بالإضافة إلى قربها من رأس الحد وجزيرة مصيرة وهي أماكن ذات مقومات سياحية واقتصادية و طبيعية متنوعة ، كما توجد الأشخرة جغرافيا على ضفاف بحر العرب الذي ينظر إليه حالياً كأهم مصادر الطاقة النظيفة على مستوى العالم ، لذلك تعتبر الأشخرة والمناطق المحيطة بها محط الأنظار لإقامة مشاريع انتاج الهيدورجين الأخضر وطاقة الرياح والطاقة الشمسية ، كل ذلك يعمل على تعزيز القيمة الاقتصادية و السياحية للاشخرة ويضيف بعد آخر للتنمية في السلطنة .
مستقبل الأشخرة السياحي
يعد قطاع السياحة في السلطنة من الركائز الاقتصادية وفق رؤية عمان 2040 ، و تُعد سلطنة عمان ذات موقع متميز يؤهلها للريادة في هذا القطاع المهم ، و مع توجه الحكومة نحو الاهتمام بالسياحة من خلال إقامة معالم سياحية و تشجيع الاستثمارات السياحية المميزة والذي كان آخرها الإعلان عن توقيع عُمران اتفاقية لتطوير مشروع منتجع “عايدة” في يتي ، بالإضافة إلى تسهيل استخراج التأشيرات السياحية لبعض الدول والتي سيكون تأثيرها إيجابي بزيادة عدد السياح ورفع الإشغال ” عدد الزوار ” في الفنادق والمرافق السياحية بسلطنة عمان ، و تعزيز قدرة المرافق السياحية وزايدة عدد الشركات العاملة في مجال تنظيم الرحلات ، ومع كل ذلك سيكون للاشخرة مستقبل واعد كوجهة سياحية عالمية ، وذلك نظرا لما تزخر به من معالم ولكونها ما تزال تحتفظ بنسيجها التقليدي و طابعها العماني الذي يجمع التراث مع المعاصرة والحداثة ، فمع ما تضمه الاشخرة من منشآت حديثة و منتجعات عصرية مثل منتجع شاطئ الاشخرة السياحي و فنادق مثل فندق اتانا و شاليهات و طرق مرصوفة و ميناء حديث ، يمكن أن يلفت نظر السائح شكل منازلها وسوقها و تجمعات الصيادين و سفن الصيد الخشبية و القلاع الأثرية التي تعطي للمكان طابع يندر وجوده في مكان آخر بالمنطقة .
ما أعلن عنه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم من مشاريع تنموية مضافة إلى مشاريع الخطة الخمسية العاشرة ومنها تطوير الواجهة البحرية في الأشخرة و إزدواجية الطريق الرابط بين ولاية الكامل و الوافي وولاية جعلان بني بو علي سيكون بداية الطريق للاستفادة من المقومات السياحية التي تمتلكها الاشخرة ، وتطوير شاطئ الاشخرة سيكون محفز للقطاع الخاص لإنشاء مشاريع سياحية وسكنية في القرى القريبة من الاشخرة مثل الخويمة و الجفن و سارج و عوراب و أصيلة و البندر الجديد و السويح و الرويس و الحدة و رأس الخبة و الدفة و صقلة ، و تُعد الأماكن المطلة على بحر العرب بشكل عام بجمالها الساحر وشواطئها الجميلة ومناخها المتميز فرص كامنة لم تستثمر حتى الآن ، و هي بحاجة لتسليط الضوء على مقوماتها السياحية والثقافية والاجتماعية والبيئية.