مراد غريبي-كاتب و باحث
عبارة بسيطة في ظاهرها لكنها عميقة في آفاقها و جذورها، لا ينطق بها سوى عارف متمكن من عالم الكتاب و فن القراءة و متعود على عطور الكتب و رحالة متمرس في تضاريس الفكر و الأدب و الفلسفة و عوالم المعرفة و بحار الأفكار، شخص يدمن القراءة ويرتشف من كل إناء معرفي ذوقا ثقافيا يزيده سعادة في مشوار حياته…
عبارة أتحفني بها صديقي المميز سفير القراءة الأستاذ حسن آل حمادة( الكاتب و الروائي السعودي صاحب مشروع بسطة حسن الذي ذاع صيته من طنجة الى مسقط، هذا المشروع الذي تطور ليصبح دار نشر و توزيع بسطة حسن) بنبرة الناصح الأمين، و حال مقاله الكتاب أمانة الأجيال، حينما يغترب، تتيه العقول و تنحرف الأجيال، الكتاب في عبارة آل حمادة هجرانه محنة و ضياع وتخلف ، و لعل أبلغ معنى لهذه النصيحة التي تستمد روحها من الآية الكريمة:” يا يحي خذ الكتاب بقوة” أن الكتاب حياة وقوة، كلما تقرأ كتابا تزداد حيوية و أنسا.
آل حمادة دق جرس القراءة بعبارته هذه، مبلغا حقيقة العلاقة بالكتاب، الذي طبع ليقرأ لا ليوضع على الرف أو بين ركام الأوراق في قاع علبة لا يستنشق الهواء و لا يستنير بنور العيون و لا يستشعر لمسات العابرين من القراء و صدق آل حمادة حين قال: ”عجبت ممن يبصر بعينين، ثم لا يقرأ في يومه سطرين”.
الكتاب وجد ليعيش بين الناس لينال قسطا من المعرفة و شغف الاطلاع بين القراء، الكتاب عندما يبقى وحيدا كالوردة التي تترك بلا رعاية و لا اهتمام فتذبل ، هذه العبارة البسيطة العظيمة المعنى و المبنى تقصد مقصدا حضاريا عرفته المكسيك و إسبانيا و كوريا الجنوبية و روسيا و كوبا و فنزويلا و الشيلي و رواندا وفيتنام و ماليزيا، أمم و شعوب اعتنت بالكتاب فاعتنى الكتاب بمستقبلها، احتضنت الكتاب فملأ الكتاب شعوبها عطفا و جدا و اجتهادا و تميزا، هذا هو أحد أسرار عبارة أخي أبو بتول التي توحي لسامعها أو قارئها، أن الكتاب تأليفا و طباعة و توزيعا و قراءة مسؤولية الجميع في مجتمعاتنا حتى نستعيد وسام أمة إقرأ و شرف ” ن، و القلم ” ونضمن مستقبل “هاكم اقرأوا كتابي”.
ببساطة لا تتركوا الكتاب وحيدا لأنكم تحتاجون إخلاصه يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم، صلوا الكتاب يصلكم وتبقى بسطة حسن روضة من رياض العارفين بأن صلة الكتاب حياة سعيدة..شكرا أبا بتول لأنك كل يوم تثير فينا آداب الأنس بالكتب…