هارون بن سالم الحسيني
“إن الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها”.
من خطاب جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم
ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة هي المصدر الأول للتوظيف حول العالم، فهي توفر نحو 80% من الوظائف بالدول المتقدمة، ولذلك فهي تحظى باهتمام كبير من الحكومات، وفي سلطنة عمان أصبح الإهتمام بهذا النوع من المشاريع توجه وطني، تم تسخير جميع المقومات من أجل تمكينه، و تم الاعتناء بالبرامج الضامنة لنجاحة، فقد وفرت له الحكومة جميع عناصر التمكين والنجاح من تمويل وتدريب وتسهيلات ليكون قادر على أداء دوره كاملاً في هذه المرحلة.
قصص نجاح رواد الأعمال التي نشاهدها ونقرأ عنها تعطي دلالة واضحة بأن فرص المشاريع التقليدية في سوق يتسم بالتنافسية العالية أصبحت محدودة جداً، فالمنتجات والخدمات التقليدية تعاني من وفرة العرض مقابل الطلب، وأصبح المجال مفتوحاً فقط للمشاريع الناشئة التي تقدم أفكار مبتكرة.
منصة عمان للشركات الناشئة “عش” تقدم فرص لاحتضان المشاريع الناشئة المبتكرة القائمة على الافكار الابداعية، “انجاز عمان” أيضاً هي مؤسسة رائدة في تدريب وتحفيز رواد الأعمال، وهي توفر فرص لتحقيق تطلعات الشباب الراغبين في تأسيس شركات ناشئة أو تطبيق أفكار مبتكرة في مجال ريادة الأعمال، هذه المؤسسات وغيرها تقدم حلول متكاملة لاحتياجات رواد الأعمال المتطلعين إلى المنافسة، تشمل تلك الحلول التخطيط والتدريب والاستشارات والتمويل والتصاريح وحتى متابعة نمو المشروع بعد تأسيسه.
توفر المؤسسات الحكومية والخاصة في سلطنة عمان كل المتطلبات التي يحتاج إليها رائد الأعمال لتأسيس مشروعه الخاص، وتتوفر القدرات والإمكانات لدى الشباب لتأسيس مشاريع مبتكرة يمكنها المنافسة على المستوى المحلي والعالمي، وذلك ما تثبته النتائج التي حققها الشباب العماني في المسابقات الدولية، ولذلك فإن عدد المؤسسات الناشئة القائمة على الابتكار في سلطنة عمان في تزايد مستمر، وذلك ما يتضح من خلال رؤيتنا للأرقام التي تقدمها منصة “عش”، إلا أن الحراك في هذا المجال ما يزال بحاجة إلى مزيد من الأفكار، وبحاجة أيضاً إلى إدارة تلك الأفكار والتفاعل معها، ومن هنا تأتي الحاجة إلى تطوير مختبرات الافكار وتفعيلها على المستوى الوطني، والاستثمار في دعمها والاستفادة من مخرجاتها.
توجد حول العالم مختبرات متطورة للأفكار، وفي مقدمتها مركز إثراء بمدينة الظهران بالمملكة العربية السعودية الذي يقدم تجربة فريدة على مستوى الخليج العربي في مجال مختبرات الأفكار، ولا يقتصر اهتمام مختبرات الأفكار على الابتكار في مجالات التقنية والصناعة بل يتعدى ذلك ليشمل الابتكار والابداع في المجالات الإنسانية والفنون والإدارة وغيرها من المجالات التي تخدم الانسانية، فجميع تلك المواضيع ترتبط ببعضها لتمثل منظومة متكاملة من العناصر؛ الممكنة لأفراد المجتمع من خلق الأفكار وتحويلها بشكل سلس ومستدام إلى منتجات.
مختبرات الأفكار هي طريقة حديثة لتحفيز الإبداع وإلهام العقول للإبتكار في مختلف نواحي الحياة، وهي مراكز لإدارة المعرفة من خلال تشجيع أفراد المجتمع على عرض أفكارهم، والمشاركة في تطويرها مع الأكاديميين والمختصين، ومختبرات الأفكار تمثل ملتقى يجمع أصحاب المواهب في مختلف المجالات، في بيئة حاضنة للعقول وجاذبة للاستثمار في مخرجاتها، ومن خلال الاستثمار في تلك المختبرات ومخرجاتها ستظهر صناعات حديثة قائمة على المعرفة، تساهم في إيجاد فرص عمل للشباب وحفز طاقاتهم للمساهمة في عجلة الانتاج.