مريم الشكيلية
هل هو الفضول؟ أم سهولة الوصول إلى المعلومة؟ أم خوفاً من الذهاب إلى الطبيب؟ هذه الأسباب وغيرها جعلتنا نطرق أبواب الدكتور “جوجل”، هل نحن أمام تخبط وعشوائية ونودي بحياتنا إلى المجهول؟.
عزيزي القارئ أردت من خلال هذه السطور أن ألقي الضوء على موضوع قد يكون الغائب الحاضر في حياتنا جميعا وهو الاستشارات الطبية التي يقدمها محرك البحث جوجل مع التقدم الطبي والعلمي في عصرنا الحديث والفجوة الكبيرة بين عصرنا والعصور السابقة في موضوع الازدهار الطبي، ومع تضاعف أعداد الأطباء وكثرة المستشفيات الحكومية والخاصة، زادت أيضا أعداد المرضى.
والأمراض منها ما هي قديمة ومنها ما هي حديثة ومنها ما هي جسدية ومنها ما هي نفسية د، ورغم هذا الكم الهائل من الانفتاح ومع وجود أدوات تشخيصية دقيقة ومتنوعة إلا أن شريحة كبيرة من الناس في حال تعرضها لوعكة صحية أو عارض صحي أو مرض، تتجه إلى محرك البحث جوجل لمعرفة ما ألمّ بها من ألم.
هذا العالم الفضفاض الذي لا يحده حدود في ثواني معدودة يلبي طلبك دون عناء ويمطرك بقائمة طويلة من الأمراض التي قد تكون السبب في حالتك الصحية ومرضك، بعدها يتركك في حالة من التوتر النفسي والإجهاد الفكري والخوف، وكأنك خرجت لتوك من صدمة عمرك، ومع الأسف نحن نصدق ما تسرده تلك السطور من أجوبه عن حالتنا الصحية، ولا نفكر إن كان الأمر يتطلب منا الذهاب إلى الطبيب لإجراء الفحوصات والأشعات لتحديد فعلاً ما نحن عليه وعن السبب الحقيقي لمرضنا.
إن كل ما سرده جوجل ليس بالضرورة الحقيقة الكاملة لما أصابنا، لربما كان الأمر هين ويتطلب فقط تشخيصا منفردا مع طبيب مختص بالحالة.
إن ما نرتكبه في حقنا وحق صحتنا لا يمكن الاستمرار عليه حين ندرك أننا قد سلمنا أمر حياتنا الصحية لبرنامج لا مصداقية له كله عشوائي، حين نطرق بابه ونصدق ما يكتب لنا وبعدها نذهب لصرف الأدوية ونتناولها دون أي وصفة طبية من طبيب ونتناول هذه الأدوية لاعتقاد منا أننا نتعالج من مرض. ليس هذا فحسب وإنما هذه الطريقة من المعرفة تدخلنا في حالة مرضية أشد مما نعانيها نسأل “جوجل” عن مرض جسدي ونخرج منه بمرض نفسي يجعلنا منهكين من التفكير ويدخلنا في عزلة عن عالمنا، ويجعلنا متخوفين حتى من الذهاب إلى الطبيب خشية من أن يؤكد ما قاله “جوجل” بأننا مصابون بمرض خطير لا شفاء منه ويدخلنا في هوس المرض وأعراضه ونتائجه.
إننا اليوم بحاجة إلى أن نستفيق من وهم استشارات “جوجل” الذي نعتقد أننا نحصل من خلاله على كل ما نريد وأن الطريقة السهلة -وقتا ومالا وجهدا- هي الطريقة الصحيحة للعلاج، بينما في حقيقة الأمر هي الطريقة للدمار الذي تجعل المريض إما في حالة الوهم المرضي الذي بسببه يذهب إلى الطبيب بشكل متكرر ويصرف ماله لفحوصات كثيرة لا داعي لها د، أو أن تجعله في حالة ذعر وهلع وتخوف من الذهاب إلى الطبيب ويترك نفسه فريسة للقلق النفسي.