أحمد بن علي الشيزاوي
كثافة الحركة المرورية على طريق مسقط السريع بلغت ذروتها بدءا من شهر سبتمبر عام 2019م، وأتت الجائحة لتؤجل الإشكالية، وعندما بدأت الحياة تعود بشكل تدريجي إلى طبيعتها عاد طريق مسقط السريع منذ عدة أسابيع ليشهد ارتفاعا ملحوظا جدا في الكثافة المرورية.
ارتفع متوسط الفترة الزمنية للمشوار في رحلة الذهاب إلى العمل من السيب إلى القرم من نصف ساعة إلى ساعة ونصف، وتدنى متوسط السرعة لتبلغ 30 كيلو مترا بالساعة وهو ما يعادل استغراق دقيقتين لقطع كيلو متر واحد في حين أن السير الاعتيادي للمركبة يسمح بقطع كيلو ونصف الكيلو متر في الدقيقة أي أن الحركة أصبحت أكثر بطئا بثلاث مرات من المعدل الاعتيادي.
ما يجب التوقف عنده هنا أن عدد المركبات في السلطنة تزايد بمقدار 400 ألف مركبة تقريبا منذ افتتاح الطريق السريع عام 2011م، إذ بلغ وفق آخر إحصاء منشور زهاء مليونا وخمسمائة وستين ألف مركبة منها 78% مركبة خاصة، وهذا مؤشر ذا دلالة على زيادة تدفق الحركة على الطريق بمعدل 34% على الأقل دون أي توسع أو إضافات على سعته الاستيعابية منذ أن تم تدشينه.
المناطق التي تشكل نقاط عنق زجاجة أمام الحركة المرورية هي كالآتي، بحسب الاتجاه والتوقيت والجسور:
مسقط للداخل – 7:00-8:30 – المعبيلة، الخوض، الرسيل -الموالح
مسقط للخارج – 2:30-3:30 – العذيبة، المطار، الرسيل -الموالح
أسباب الكثافة المرورية
ولعل من المجدي الوقوف على الأسباب الجوهرية التي تتظافر وتتعاضد لتشكل روافد تزايد الكثافة المرورية ومن أبرزها:
1-تشكل مداخل ومخارج الجسور التي تربط المناطق المذكورة نقاط عنق زجاجة أمام انسيابية الحركة المروية، إذ يتدفق منها عدد كبير جدا من المركبات في حركة مرورية موازية تماما لحجم الحركة في المسارات الرئيسية للشارع السريع، وعند بدء الالتحام يبدأ مستخدمو المسارات الرئيسة بتفادي المركبات الداخلة عليهم من المسارات الفرعية فينحرفون يسارا ويمينا لتتعرقل الحركة التي صممت لتجري في 3 مسارات بينما يصب بها تدفق حركة 5 مسارات (2 فرعية و3 رئيسية) وينتج عن ذلك توقف الحركة تماما ولمرات عدة.
2-مما يسبب هذا التدفق لعدد المركبات تزامن مواعيد العمل والدراسة لجميع موظفي مؤسسات الدولة والقطاع الخاص إلى جانب طلاب المراحل التعليمية المختلفة المدارس والكليات والجامعات.
3-يعزز من الأمر تمركز أماكن العمل والخدمات الأساسية للوزارات وكبرى مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات التعليم العالي بمحافظة مسقط وخصوصا مناطق الغبرة والخوير والقرم.
4-تسهم ثقافة المجتمع في تشكيل الكثافة المرورية الموسمية إذ يعمد بعض العاملين في محافظة مسقط من أبناء المحافظات القريبة إما لاتخاذ مشوار العمل بشكل يومي من وإلى ولاياتهم الأم أو إلى الإقامة في المحافظة ولكن مع ذلك يفضلون الحضور صباح الأحد مع بدء الدوام والمغادرة بشكل جماعي أيضا عصر يوم الخميس وهذا يبرر ازياد الكثافة بمستوى اعلى خلال الأوقات المذكورة.
5-ما زالت البنى التحتية ومشاريع النقل العام في المحافظة غير مواكبة لهذا النمو الملحوظ في عدد السكان (المواطنين والمقيمين)، إذ أن البدائل المتاحة إما أنها غير متوفرة أو أن المتاح لا يستقطب المستهلك نتيجة ارتفاع كلفتها التشغيلية وعدم وجود خطط تسويقية لها.
حل المشكلة
وفي هذا المقام نبعث بهذا البدائل والحلول لمن يعنيه الأمر التي قد يمكن دراستها وأخذ ما هو عملي ومناسب منها:
البديل الأول: تقنين وضبط حركة المركبات في مناطق عنق الزجاجة من خلال:
1-وضع إشارات مرور تمنع الخروج من المسارات الرئيسية للشارع إلى المسارات الفرعية للجسور ومن ثم العودة للمسار الرئيسي مجددا خلال الفترة من 6:30 صباحا وحتى 8:00 صباحا باتجاه مسقط للداخل وخلال الفترة من 2:00 إلى 3:30 باتجاه مسقط للخارج، والتي يجب أن يقتصر استخدامها على الداخلين إلى الشارع من مناطق عملهم أو سكناهم وما في حكمها.
2-وضع فواصل بين المسارات الرئيسية على هيئة أنابيب بلاستيكية بارتفاع متر واحد يفصل بين كل منها مسافة متر واحد ولمسافة كلية تبلغ 2-3 كيلو متر بدء من جزيرة الالتحام مع المسارات الفرعية الداخلة من الجسور، والسبب للحيلولة دون تنقل قائدي المركبة من مسار إلى أخر بشكل عشوائي وقد أثبتت هذه التجربة نجاحها في استمرار انسيابية المرور.
البديل الثاني: دعوة الشركات العالمية للتنافس على استثمار شارع جديد بمسارات أكبر عددا وفي اتجاه مواز للشارع الحالي نظير تحصيل رسوم استخدام للطريق لمن يرغب في الحصول على الخدمة.
البديل الثالث: دعوة مؤسسات القطاع الخاص للتنافس على تصميم وتطوير نماذج أعمال تجارية لمشاريع نقل جماعي تتوافق مع حجم الطلب عليها جغرافيا وزمانيا وتوفر حلولا تقنية تنظم الخدمة، ويؤخذ تسهيلا للإقبال عليها موافقة وزارة العمل على جواز التعاقد مع الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص لنقل العاملين منها وإليها مع مراعاة قبول الموظف أو العامل للسداد المباشر من راتبه نظير الخدمة لمؤسسة لنقل العام.
البديل الرابع: تحديد أوقات العمل الرسمية للموظفين والعمال ومواعيد الدارسة للطلبة على فترات غير متقاطعة زمانيا لتقليل عدد الخارجين والعائدين الى بيوتهم في ذات التوقيت يوميا.
البديل الخامس: التوزان في توزيع المؤسسات الخدمية (الحكومية والخاصة) وتقليل اعدادها في مناطق الغبرة والخوير والقرم، وقد يكون من المناسب أن تنقل الى مناطق ما قبل نقاط عنق الزجاجة على طريق مسقط السريع.