أحمد بن سليمان الكندي
ما بين أزمات الأمس وأزمات اليوم، نتساءل عن مدى كفاءة مؤسساتنا الحكومية في التخطيط الفعال لتجنب عودة أزمات الأمس التي تعترض مسار العمل.
في أوائل التسعينات من القرن الماضي اعتمدت وزارة التربية والتعليم قرار التحول من نظام التعليم العام إلى نظام التعليم الأساسي، وتطلب هذا النظام وجود تجهيزات فنية وإدارية وتربوية خاصة، وتوفير اعتمادات وموازنات مالية ليست سهلة.
في تلك الفترة عانت الكثير من المدارس من صعوبات عدة، نتيجة وجود عجز في توفير الاحتياجات التعليمية التي فرضها تطبيق التعليم الأساسي.
في تلك السنوات وفي كثير من الأحاديث الجانبية مع زملاء العمل، كنا نتساءل فيما بيننا عما يمكن أن تفعله وزارة التربية والتعليم لتعزيز موازنتها المالية بما يلبى واقع التعليم ومتطلبات تطويره، وكان من بين الحلول التي كنا نتداولها هو استغلال العديد من المباني المدرسية التي تقع في مناطق تجارية في بناء محلات تجارية تعود على الوزارة بعوائد شهرية مجزية.
لنا أن نتصور مدرسة تمتد جوانبها إلى ما لا يقل عن ١٠٠ متر لكل جانب، فلو تم بناء ٢٠ محلا تجاريا في أحد جوانب المدرسة لاستطعنا تحقيق دخلا لن يقل عن ٤٠٠٠ ريال عماني شهريا، ولو طبقت الفكرة في جميع المدارس التي يمكن فيها التطبيق وعلى مستوى السلطنة فكم من الدخل الذي سوف توفره للوزارة.
وما من شك أن هناك العديد من الحلول الأخرى التي يمكن بها تعزيز موازنة التعليم بإدخال مفهوم الاستثمار وتأسيس شراكات تجارية مع المؤسسات الخاصة تحت قاعدة “أفد واستفد”.
إن من مبادئ علم اقتصاديات التعليم هو ضرورة حساب كلفة الطالب بالمفهوم الاقتصادي، وهو يعني بالمعنى البسيط حساب كلفة الطالب وحساب ما يمكن أن يسهم به الطالب لاحقا في سوق العمل، ومن هنا تأتي أهمية البحث عن وسائل لتخفيض كلفة التعليم كلما أمكن ذلك، وهذا يؤدي بنا إلى ضرورة استغلال كافة الموارد التي لدينا لتعزيز موازنة التعليم وليس أفضل من ذلك من أن نوجد مصادر لا ترهق الميزانية العامة للدولة.
إن أمثال هذه الحلول تقلل من كلفة الطالب في المفهوم الاقتصادي نظرا إلى أنها ترفد موازنة التعليم بمداخيل مالية جيدة دون أن تكلف موازنة الدولة أي نفقات إضافية وهذا بدوره سيساعد على تجويد التعليم كما سيؤدي إلى تقليل السنوات الدراسية التي يقضيها الطالب على مقاعد الدراسة مما يساعد على خروجه باكرا إلى سوق العمل.
والحقيقة أن متطلبات تطوير التعليم حلقة لا تنتهي في هذا العالم الذي يعج بالمتغيرات، ومن أجل مواكبة هذا التطور المستمر يجب علينا أن نطور كذلك من إمكانياتنا المالية وهذا بدوره يدعونا إلى وضع الخطط الاستراتيجية التي تلبي هذا المطلب.