فايزة محمد
تظل مشكلة الباحثين عن عمل من أكثر المشكلات التي تعاني منها دول العالم، والسلطنة ليست استثناء من ذلك رغم الجهود التي تبذلها الحكومة منذ عدة سنوات لإيجاد حل لهذه المشكلة التي تؤرق الجميع وخاصة الشباب.
وللأسف الشديد هناك مئات وربما آلاف الشباب من ذوي الشهادات التعليمية العالية ينتظرون الفرصة لدخول سوق العمل لخدمة وطنهم وسلطانهم، وقد بذلت الحكومة جهودا كبيرة من أجل استيعاب هؤلاء الشباب في مؤسسات القطاعين العام والخاص، ولكن اصطدمت تلك الجهود بعدة عقبات أهمها على الإطلاق جائحة كورونا، التي تمكنت خلال أشهر معدودة من إصابة الاقتصاد العالمي بالشلل التام، وتسبت في فقدان ملايين الناس حول العالم وظائفهم، وتسببت في خسائر مليارية إن لم تكن ترليونية.
وإذا تحدثنا عن أضرار الجائحة على سوق العمل العماني، نجد أنها تسببت في الإغلاقات المستمرة التي فرضتها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19) لحماية المجتمع من الفيروس، وكذلك فإن عددا كبيرا من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعرضت للإغلاق وإنهاء عمل الكثير من الموظفين بسبب الخسائر المادية التي سببتها الجائحة، وبذلك انضموا إلى طوابير الباحثين عن عمل، ليشكل ذلك عبئا كبيرا على الدولة.
كما أن السلطنة كغيرها من الدول المنتجة للنفط، قد واجهت أزمة الانخفاض الكبير في أسعار النفط، وذلك بعد أشهر قليلة من بدء جائحة كورونا، حيث هبطت الأسعار إلى مستوى غير مسبوق منذ عدة عقود، ما تسبب في توقف الكثير من الخطط والمشاريع.
ووسط هذه التحديات العالمية، فإن الحكومة من جهتها لم تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى آلاف الباحثين عن عمل، حيث أن الاهتمام بالشباب يأخذ حيزا كبيرا من الفكر السامي لجلالة السلطان المعظم –حفظه الله ورعاه- حيث أكد جلالته –أعزه الله- في خطابه السامي الذي ألقاه في 23 فبراير 2020 على أهمية دور الشباب في المجتمع، وقال: “إن الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها، وسوف نحرص على الاستماع لهم وتلمس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم ولا شك أنها ستجد العناية التي تستحق”.
ولقد أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم –حفظه الله– في 25/ مايو/ 2021 م توجيهات سامية بتنفيذ خطة توفير ما يزيد عن 32 ألف فرصة عمل خلال هذا العام، منها 12 ألف فرصة عمل في القطاع الحكومي المدني والعسكري وفق الاحتياجات الفعلية للجهات المختلفة.
وتنفيذا للتوجيهات السامية بتسريع وتيرة توظيف الباحثين عن عمل، استقبلت مختلف المؤسسات الحكومية -المدنية والعسكرية- المستوفين للشروط العامة لإعلانات التوظيف من المواطنين الباحثين عن عمل.
واليوم والحمد لله، فإن جهود الحكومة تتواصل من أجل استيعاب آلاف الباحثين عن عمل في المؤسسات الحكومية والخاصة المختلفة، ولا شك بأن هذه العملية لن تنتهي في أشهر لأسباب مختلفة، فهذا الملف يعتبر من الملفات الساخنة، ليس في عمان وحدها وإنما في جميع دول العالم، ولكن على الشباب أن يكون لديهم ثقة تامة بأن جلالته –حفظه الله- يولي ملف الباحثين عن عمل اهتماما خاصا، إضافة إلى الملفات الأخرى.
إن السلطنة في طريقها للتعافي من جائحة كورونا بعد الانخفاض الحاد لعدد الإصابات وتسجيل صفر وفيات في الأيام الأخيرة، وأيضا في طريقها للتعافي الاقتصادي وتقارير صندوق النقد الدولي الأخيرة تشهد على ذلك، كل ذلك يعطينا ثقة كبيرة بأن الحكومة تعمل بكل جدية من أجل الإسراع في حل مشكلة الباحثين عن عمل ولا شك بأن الأشهر القليلة القادمة ستثبت ذلك.