بدر بن سالم العبري
في صباح يوم السّبت السّابع عشر من أغسطس ذهبنا إلى الكنيسة اللّوثريّة في منطقة في منطقة Mockingbird Ln Dallas، والكنيسة اللّوثريّة نسبة إلى مارتن لوثر [ت 1546م]، وسبق الحديث عنه أثناء الحديث عن الكنيسة المشيخيّة الكالفينيّة في الرّحلة البحرينيّة، واللّوثريّة انقسمت إلى اللّوثريّة الأرثوذكسيّة، واللّوثريّة العليا والسّفلى، واللّوثريّة الحديثة اللّيبرالية، وعموما اللّوثريّة أقل انقساما وتمذهبا من الكالفينيّة، وهما الجناحان الرّئيسان في البروتستانتيّة.
في الابتداء التقينا بالأستاذ القس روسيل، القائم في الكنيسة، وهذه الكنيسة تمثل الكنيسة اللّوثريّة الحديثة اللّيبرالية، ولمّا دخلنا كانت صورة مارتن لوثر في الواجهة بين مدخل الكنيسة ومدخل القاعات الملحقة بها، وهي صورة قديمة، والكنيسة يظهر من بنائها أنّها قديمة، ومتواضعة في البناء، وكان على يمين الكنيسة قاعة الصّلاة، وهي بسيطة، من كراسي ومحراب للكنيسة، ولا توجد فيها تصاوير، ثمّ عن يسار القاعة ذهبنا إلى مكتبه وووجدنا امرأة تعمل معه، ووجدنا الكتب متناثرة على طاولته، وعلى الأرض بجانب الأوراق، ممّا يدل على انغماسه في المعرفة، وطول بحثه، وهذا لاحظناه من الحديث معه، ثمّ أدخلنا إلى المكتبة وهي مكتبة قديمة، وفيها كتب قديمة جدّا، وطبعات حجريّة، ومن ضمنها رسائل وأعمال مارتن لوثر في مجلدات، وليتها ترجمت إلى العربيّة، وهنا شعرت بحرقة شديدة، وتحركت فيّ الأشجان، لأعرف ما تبطنه هذه الكتب من معارف وأدبيات إنسانيّة ولاهوتيّة، ولكن حال بيني وبينها بعد المكان واللّغة، والحمد لله على كلّ حال.
وهنا أهداني القس روسيل كتيّبا صغيرا بعنوان: The Small Catechism أي التّعليم المسيحي الصّغير، لمؤلفه: Martin Luther، وهو يحوي جميع تعاليم الكنيسة اللّوثريّة بشكل مختصر، في جمل صغيرة، وينطلق من الوصايا العشر في العهد القديم، ويختم الكتيب بأسئلة ومفاتيح تختصر للقارئ رسالة الكتاب عموما.
ثمّ ذهبنا إلى قاعة أيضا متواضعة، فيها طاولة عرضيّة بسيطة، وكراسي من الجانبين، لأسجل معه حلقة حول المذهب البروتستانتي اللّوثري، وكان ضمن برنامج حوارات الحلقة الرّابعة والخمسين، وبثت يوم الجمعة في الثّالث والعشرين من أغسطس على قناة أنس اليوتيوبيّة.
في البداية تحدّث القس روسيل أنّ مارتن لوثر ظهر في نهايات القرن الخامس عشر كقس كاثوليكي، وشاهد تعاليم خاطئة في الكنيسة الكاثوليكيّة، من هنا ظهرت البروتستانتيّة [أي الاعتراضات]، ومنه ظهرت الكنيسة البروتستانتيّة اللّوثريّة نسبة إليه في عهده هو وليس بعد وفاته.
ومارتن لوثر من ألمانيا، وأمّا جان كالفن [ت 1564م] الّذي عاش عصره فهو من أصل فرنسي عاش في سويسرا، ومارتن لوثر تمسّك بكاثوليكيّته مع الإصلاح الدّيني فيها، فلم ير الاستقلال خلاف كالفن رأى الاستقلال عنها من الابتداء، وكلاهما مصلحان.
ومارتن لوثر شخصيّة إصلاحيّة عظيمة، وهو رسول ليس بمعنى الرّسل كما في الكتاب المقدّس، ومن أهم كتبه طريق الحياة، وهو كتاب مهم في اللّوثريّة، ويتضمّن الوصايا العشر، وكتابات الرّسل، وشرح تعاليم المسيحيّة، وهذا الكتاب ليس مقدّسا، لكنّه عظيم الاستفادة والأهميّة، وما قام به من ترجمة الكتاب المقدّس جعل الجميع يفهم الكتاب المقدّس بدون واسطة، وهو ترجمة ظرفيّة أيضا حسب زمنه، ثمّ ترجم إلى اللّغة الإنجليزيّة.
وأهم انقسام في الكنيسة اللّوثريّة هو اللّوثريّة العليا، واللّوثريّة السّفلى، والأولى تهتم بالمظاهر كالشّكل واللّباس، والثّانية لا تهتم بذلك، بل اهتمامها بالبساطة واللّباس الشّعبي البسيط، وربما القساوسة قد يهتمون فيها بالمظهر واللّباس ليس بصورة كبيرة، وأمّا اللّوثريون الأرثوذكس واللّوثريّة الحديثة فبينهما خلاف أكبر، فالأرثوذكس متشددون كثيرا، ويهتمون بالتّفسير القديم [للنّص الدّيني]، مثلا لا يجيزون الطّلاق، ولا يجيزون أن يكون القس من النّساء، ولا يجلسون مع مخالفيهم في الدّين، بل حتّى من نفس الكنيسة اللّوثريّة ممّن يختلف معهم، وأمّا اللّوثريّة الحديثة أو اللّبراليّة، فهي أكثر انفتاحا على غيرها [من الأديان والكنائس والتّوجهات]، ويجيزون الطّلاق، ويصح عندهم أن يكون القسّيس امرأة، ويلبسون اللّباس المعاصر كالكرفتة خلاف الأرثوذكس، والأرثوذكس أقليّة في الكنيسة اللّوثريّة.
[ومن مبادئ الإصلاح عند مارتن لوثر: الكتاب المقدس وحده، المسيح وحده، الإيمان وحده، النّعمة وحدها، المجد لله وحده][1]، فالكثير من الكاثوليك كانوا يحملون كتابين: الكتاب التّأريخي والكتاب المقدّس، ومارتن لوثر رفض الكتاب التّأريخي، وتقيّد بالكتاب المقدّس، واعتبره المقدّم على التّقاليد، وهو الأصل في فهم الكتب الأخرى والتّعامل معها، وهكذا الإيمان والنّعمة مربوطة بالله تعالى.
وأهم الخلافات بين اللّوثرية والكاثوليك أنّ اللّوثريين يرون أنّ الكنيسة يمثلها فقط الله والمسيح، والكاثوليك يرون أنّ الّذي يمثلها البابا الموجود في روما، والكاثوليك في جملتهم لا يجيزون زواج القساوسة من الرّجال والنّساء خلاف الموارنة[2] من الكاثوليك، وأمّا اللّوثريون فيتزوجون ويطلّقون.
وفي المعتقد جملة يحملون نفس المعتقد الكاثوليكي، مثلا يرون للمسيح طبيعتان: طبيعة لاهوتيّة وطبيعة ناسوتيّة، [وهكذا معالم ما يميز الكاثوليك عن الأرثذوكس من حيث المعالم الرّئيسة][3].
وأهم الخلافات بين اللّوثرية والبروتستانتيّة أنّ المسيح يحضر حقيقة في العشاء الأخير في اللّوثريّة، وهذا يخالف باقي المذاهب البروتستانتيّة، كما توجد اختلافات في تفاسير بعض النّصوص في الكتاب المقدّس.
وفي العهد الجديد أكثر من الإشارة إلى العشاء الأخير، لهذا نهتم بهذه المناسبة، وبهذا الحدث الّذي تجسّد في صلب المسيح ثمّ قيامته وارتفاعه؛ ونعتقد بحضور المسيح حقيقة [جسده ودمه] من خلال الخبز والخمر، [وعلى هذا يفترقون مع الكاثوليك والأرثوذكس بعدم الإيمان بالتّحول الجوهري للمسيح، ومع باقي البروتستانت مع عدم الإيمان بالحضور الحقيقي للمسيح في القربان المقدّس].
ونحن نؤمن بالأسرار السّبعة ولكن مع التّركيز على سري التّعميد والقربان أي العشاء الأخير، والتّعميد عندنا بوضع الماء في الطّفل، وفي سر الكهنوت لا يوجد عندنا كهنوت مقدّس، نعم عندنا احتفاليّة بذلك لكن لا يصل إلى درجة القداسة كما عند الكاثوليك، والمطهر عندنا يكون في الوسط، ويطلب من الله والمسيح بغفران الذّنوب، وفي الخطايا الكبيرة يكون على انفراد لأجل طلب الغفران من الله والمسيح.
ونحن في الكنيسة اللّوثريّة الحديثة أو اللّبراليّة نعتقد أنّ الله للجميع، ونحبّ الجميع، فنحبّ حتّى المثليين، والمغايرين في الجنس، وعندنا قساوسة مثليون من الرّجال والنّساء، [وبهذا يقتربون من الكنيسة البروتستانتيّة اللّيبراليّة، أو كنيسة المسيح المتحدة]، وأما الإجهاض جوازه أن يكون الخيار الأخير فقط.
وهذه الكنيسة تأسست قبل خمس وتسعين سنة تقريبا، وأغلب الحضور حاليا إلى الكنيسة من كبار السّن، كما يوجد من صغار السّن، وتكون التّبرعات فيها بشكل فردي، ولا يوجد دعم لها، وكل أحد يقرأون الأدعية مع القدّاس، ويحتفلون بعيد الكريسمس، وعندهم عيد الشّكر [عيد الشّكر على نعمة الحصاد، ويختلف وقته من دولة إلى دولة، في أمريكا في الخميس الرّابع من شهر نوفمبر]، والصّيام عندنا أن نصوم عن نوع معين من الطّعام.
وفي الختام الكل يدعي التّعاليم الإصلاحيّة الّتي نادى بها مارتن لوثر، ولكن سنقع في ذات الإشكاليّة إن بقينا على القديم، فمارتن لوثر نفسه ثار على القديم، ونادى بالتّجديد، فعلينا أن لا نتوقف مع القديم؛ بل نتجدد، وفي كنيستنا أعطينا المرأة مساحة كبيرة من الحريّة، فهي جزء كبيرة من الكنيسة عندنا، ورسالتنا: الله يحبّنا جميعا.
وبعد تسجيل الحلقة ودعنا الأستاذ القس روسيل ثمّ ذهبنا إلى بهائي سنتر في دالاس لحضور مؤتمر التّبيلغ، وبهائي سنتر مركز للتّجمع البهائي ينظمه المحفل المتعلق بالمدينة، وهو أقل درجة من مشرق الأذكار بمفهومه البنائيّ والمادي الواسع والكبير، لا بمفهومه التّعبدي المرتبط بجلسات الدّعاء فهذا لا يحدّه مكان ولا زمان، وسبق الحديث عنه، وعند البهائيّة أربع سناتر بهائيّة في دالاس فورت ورث[4] في دالاس وأرفينج وبلينو ولويس ويل، وأصل بهائي سنتر في تكساس كنيسة مشيخيّة تمّ شراؤها من قبل البهائيين، وتعقد فيها الجلسات البهائيّة من جلسات الدّعاء والمشورة والحوار وحلقات النّاشئين والمؤتمرات والاحتفالات وغيرها.
وشاركت معهم مؤتمر التّبيلغ، وهو مؤتمر بسيط ومصغر، يناقش جدليّة التّبليغ بالذّهاب إلى البيوت والأسواق، أي التّبليغ الفردي والمباشر إلى البهائيّة، وهذه عادة يستخدمها المورمون وشهود يهوه في أمريكا، حيث يذهبون إلى البيوت، وتجدهم يبلغون في الأسواق والطرّقات، إلا أنّ المحفل البهائي عندهم لم يتشجع للفكرة، أو ليست حاضرة حتّى الآن، لطبيعة البهائيّة الابتعاد عن التّصادم والاحتكاك مع الآخر قدر الإمكان، والتّركيز على الدّعوة غير المباشرة، من خلال التّعامل بالحسنى أو الحوار أو جلسات الدّعاء ونحوها، دون إغراء أو طلب تغيير دين، أو تهجم على الآخر ومعتقده.
وأصل فكرة التّبليغ عند البهائيّة “هو عقد جلسة التّبيلغ … حيث برز هذا الاصطلاح بين البهائيين الأوائل في مونتريال بكندا، مع أنّ ذلك النّشاط كان مستمرا آنذاك في عدّة مراكز، فجلسة التّبيلغ [في بدايتها] … يعني اجتماع مجموعة دراسيّة صغيرة من النّاس في منزل خاص بصورة دوريّة ومستمرة، ويدعى لها الأصدقاء المقربون من الأصدقاء، والرّاغبون في البحث والتّحري”[5].
كما نوقشت العديد من القضايا، وقدّمت أوراق عمل مختصرة في ذلك، وأعقبه بحفلة فنّية باللّغة الأسبانيّة من قبل الأستاذ إليكس، وهو من أصل مكسيكي سبق الحديث عنه، حيث كانت أغنيته الدّينية باللّغة الأسبانيّة مصحوبا بطبل (الطّرنجة)، ثمّ كانت وجبة الغداء وهي متواضعة عبارة عند سندويشات وعصائر سريعة، وبعدها كانت جلسة مفتوحة في قاعة مفتوحة على الخارج، حيث وزعنا على حلقات صغيرة، لا يزيد أفرادها عن سبعة أشخاص، يتدارسون مذكرة من أوراق متعلقة بالتّبيلغ عن طريق الإجابة عن الأسئلة الموجودة في المذكرة، فيتناقشون حولها، ويجيبون عن الأسئلة معا، كذلك كانت ورشات وحلقات مصاحبة في غرف مغلقة لك الخيار في اختيار ما تريد من الورشات، إلا أنّه لم نطل لارتباطنا بموعد مع كنيسة المورمون.
ذهبنا إلى منطقة E Lake Highlands DR، واسم كنيسة المورمون كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة [The Church of Jesus Christ of latter – day Saints]، ولا يطلقون على كنائسهم كنيسة المورمون، ولكن غلب عليهم هذا الاسم من غيرهم، فلا يعرفون كنائسهم إلا بهذا الاسم، وسبق في مقدّمة الرّحلة الشّيكاغيّة أن تحدّثنا عن المورمون بصورة سريعة، ورأينا أنّها تأسست عام 1830م على يدي جوزيف سميث [ت 1844م]، وينتشرون في مدينة مدينة Salt Lake بولاية يوتا في أمريكا، ولهم كتاب مقدّس اسمه: كتاب مورمون: شهادة ثانية ليسوع المسيح.
وصلنا إلى المنطقة في قرب السّاعة السّادسة مساء، واستقبلنا الأسقف الدّكتور تيد آساي، وأخذ بنا جولة حول الكنيسة، وهي كنيسة كبيرة، وبناؤها جديد ومنظم، وغاية في النّظافة، وبها مكاتب عديدة، وعند المدخل تجد صور المسيح ومريم وغيرهم من رموزهم، خصوصا صورة العشاء الأخير ليسوع المسيح مع حواريه، ولكن داخل الكنيسة لا يوجد تصاوير، ثمّ ذهبنا إلى قاعة اجتماع ملحقة بالكنيسة لنسجل حلقة حول كنيسة المورمون مع الدّكتور تيد آساي ضمن برنامج حوارات الحلقة 55، وبثت يوم الأحد الخامس والعشرين من أغسطس على قناة أنس اليوتيوبيّة.
في البداية تحدّث الدّكتور تيد آساي أننا لم نطلق على أنفسنا اسم المورمون، وإنّما سمانا بذلك باقي الكنائس المسيحيّة، ومورمون اسم شخص وليس اسم مكان، [وعندهم النّبيّ مورمون، أحد الأمريكيين الأصليين، جاء قبل ألف سنة، وكتب ألواح مورمون “وبعد أن أكمله سلّم السّجل لابنه موروني، الّذي أضاف بعض الكلمات، وخبأ الصّفائح في تل كومورة، وفي 21 سبتمبر ظهر موروني نفسه كشخص ممجد قائم من بين الأموات إلى النّبيّ جوزيف سميث وأخبره بالسّجل القديم، وبعد أربع سنوات سلّم موروني الصّفائح إلى جوزيف سميث فترجمها بهبة الله وقوّته”[6]]، ولا يوجد لدينا إشكاليّة في الاسم، ولكن نسمي أنفسنا كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة.
والعشاء الأخير من أهم مراحل حياة السّيد المسيح، وقدّم لهم في تلك اللّيلة الخبز والخمر، مبينا لهم أنّ هذه حياته، لهذا نحن نجسّد هذا المشهد كلّ أحد، بيد أننا نقدّم الماء بدل الخمر، والخمر والماء أشياء رمزية، والماء أقرب إلى [الصّفاء] والتّوبة، ونمتنع عنه لناحية طبيّة بالصّورة الأكبر، كما نمتنع عن جميع الكحوليات، والتّبغ والتّدخين، والشّاي والقهوة.
وكتاب مورمون فيه إشارة إلى الرّسل الّذين عاشوا في أمريكا، من ستمائة قبل الميلاد إلى أربعمائة وثمانين بعد الميلاد، وشهادتهم تعتبر الشّهادة الثّانية ليسوع المسيح بعد العهد الجديد [أي الإنجيل]، وهذه [أخذت من ألواح نافي] [سجل لما فعله الله بين سكان أمريكا القدماء، كما يحتوي على ملئ إنجيل يسوع المسيح][7] اختصرها النّبي مورمون على ألواح، وأشاروا أنّه سيأتي المسيح، وسيتعرض للاضطهاد، وسيقوم من بين الأموات، وسيأتي المسيح إلى أمريكا أيضا، ويلتقي بالنّاس، وسيشفي الكثير منهم.
ونعتقد أنّ كتاب مورمون وحي من عند الله، كما أنّ العهدين القديم والجديد من الكتاب المقدّس وحي أيضا، والعهد القديم كتبه الرّسل على فترات زمنيّة مختلفة عدا الوصايا العشر نزلت مكتوبة كما عند الأغلب، وكذا العهد الجديد كتب نصوصه الرّسل، وأيضا المورمون وحي كتبه [أنبياء قدماء كثيرون عن طريق النّبوة والرّؤيا على صفائح ذهبيّة، ثمّ اختصر تلك الكلمات النّبيّ مورمون][8]، وفيه أحكام مستقلة غير موجودة في الكتاب المقدّس.
ونعتقد أن جوزيف سميث الّذي ظهر في 1930م نبيّ ورسول من قبل الله، ولمّا كان عمره أربعة عشر سنة أراد الانضمام إلى أحد الكنائس البروتستانتيّة، وكانت موجودة الكنيسة اللّوثريّة والمعمدانيّة والمشيخيّة، فحار بينهما، ثمّ دعا الله تعالى، وهنا ارتقى روحانيّا إلى الله والمسيح، وقال له: جميع هذه الكنائس خاطئة، والكنيسة الحقيقيّة في الجنّة في الدّار الآخرة، وأرجعت هذه الكنيسة من تلك الدّار إلى العالم الأرضي، كما أنّه التقى أيضا بالحواريين، ووهبوا له القوّة، لهذا القوّة بعد الحواريين ارتفعت ولم تنزل إلا على جوزيف سميث، ويشكلون أيضا اثني عشر حواريّا، وهم أحياء، وينزل عليهم الوحي، وموجودون في ولاية يوتا في أمريكا، وهؤلاء الحواريون خدم الله في الأرض، ويخدمون العالم.
ونعتقد أنّ مارتن لوثر وجان كالفن رجالا صالحين، وأصلحوا الكنيسة الكاثولوكيّة، ومارتن لوثر سبب ظهور جوزيف سميث، ويوجد ثلاث فروقات رئيسة بين المورمون والبروتستانتيّة وغيرهم من المذاهب المسيحيّة، أولها: يوجد عند المورمون اثني عشر حواريّا، ولا يزالون أحياء يوحى إليهم، ولهذا المورمون في تجدد دائم خلاف البروتستانت والمسيحيين عموما يعتمدون على الكتب السّابقة، والثّاني: أنّ القساوسة في المورمون توجد لديهم الحقيقة الإلهيّة لوجود الحواريين، خلاف البروتستانت والمسيحيين عموما ارتفعت من عند قساوستهم الحقيقة بعد غياب الحواريين الأوائل، والثّالث: نظرتهم إلى الله والمسيح والرّوح القدس أنّها ثلاث حقائق أو قوى منفصلة، فالله جسد متميز، وكذلك المسيح أيضا، والرّوح القدس قوّة روحيّة، خلاف البروتستانت والمسيحيين عموما يرونها حقيقة واحدة، ونحن ولدنا مع الله، ونحن أولاده، جئنا إلى الحياة لنعيشها بخيرها وشرها، ثمّ نعود إليه مع أسرنا.
ونحن وإن كنّا نعتقد للمسيح صفة الأولوهيّة، إلا أنّ الآب غير الابن، وجاء عن طريق مريم العذراء، ولم يخطئ أبدا، وجاء للخلاص، والّذي يعيش حياة مسيحيّة وإن أخطأ؛ المسيخ يغفر له، والمسيح موجود في العالم اليوم.
وأمّا كيف نعرف أنّ الحواريين يوحى إليهم فهذا مذكور في كتب ورسائل جوزيف سميث غير عن كتاب مورمون، ففي العهد القديم وجد أنبياء، وكذلك في العهد الجديد، فلماذا لا يوجد اليوم وينقطعون؟! [سؤال تعجبي]، وإذا كان أولئك يوحى إليهم؛ فأيضا يوحى إلى هؤلاء، وكان لجوزيف سميث ثلاثة شهود [أولفر كاودري (ت 1850م) ودافيد ويتمر (ت 1888م) ومارتن هارس (ت 1875م)]، ومع هؤلاء ثمانية شهود أيضا، [كريستان ويتمر وجيكوب ويتمر وبيطر ويتمر الابن وجون ويتمر وهايرم بيج وجوزيف سميث الأب وهايرم سميث وصموئيل سميث] ومع جوزيف سميث النّبيّ يكونون اثني عشر حواريّا للمسيح، ومن الثّلاثة الأوائل يكون أقدمهم خدمة له حواريّا بديلا عنه، أمّا الحواريون اليوم من يمت أحدهم يختار الرّئيس بعد الدّعاء والمناجاة حواريّا بديلا عنه.
ونحن نرى التّعميد، فلا يمكن أن تكون مسيحيّا إلا عن طريق التّعميد، وعندنا سر الكهنوت وهم الاثني عشر حواريّا، وهؤلاء يديرون شؤون الكنائس، يحيث يختارون البطريرك، والبطريرك يختارو الأساقفة، وأنا كنت بطريرك، والآن من الثّلاثة المستشارين، وأشرف على اثنتي عشرة كنيسة، وعددنا في العالم ستة عشر مليونا في مائة وخمسين دولة، ولدينا خمس وستون ألف مبلغ، [يبلغون في البيوت والطّرق والأسواق والأماكن العامّة وغيرها].
وعندنا أهم ركن في المجتمع الأسرة، ولهذا يجوز عندنا تعدد الزّوجات سابقا، وبعد 1898م منع، كما نهتم بكثرة إنجاب الأولاد، والجميع عندنا ممّن في الكنيسة يتزوّج بما في ذلك البطريرك، ولا يجوز عندنا الإجهاض إلا في حالات نادرة كاغتصاب المرأة، أو أنّ حياة المرأة متحقق بإجهاض الطّفل، فيقدّم الحي على الميت، فالطّفل والرّوح نعمة من الله، [علينا الإكثار منها والحفاظ عليها]، ولا نجيز المثليّة، فلا تتحقق الأسرة بدون زواج طبيعي، وكذلك العلاقات خارج إطار الزّواج لا يجوز عندنا، وفي كلا الحالتين المثلية وعلاقات خارج إطار الزّواج ليس عندنا إفناؤهم أو التّضييق عليهم وإيذاؤهم.
ونصوم كلّ أحد من بداية كلّ شهر أربعا وعشرين ساعة عن الأكل والشّراب، ونجمّع فيه وجبتين يأخذونها إلى الكنيسة، والكنيسة توزعها على الفقراء والمساكين والمشردين، كما تساعد عن طريق المال المنكوبين بسبب الفيضانات والزّلازل والحروب وغيرها، كما تعمل على حفر الآبار، وتوصيل المياه العذبة، وجمّعوا العام الماضي حوالي أربعين مليون دولار لهذا الغرض، وأمّا الأعياد فعندنا الكريسمس والفصح، ونحترم أعياد الأديان الأخرى.
ونحن نختلف مع شهود يهوه، إلا أنني شخصيّا أجلّهم واحترمهم لأنّهم يعملون بإخلاص، وأرى لديهم سوء فهم في تفسير بعض آيات الكتاب المقدّس والآثار المسيحيّة.
وبعد التّسجيل أهداني الدّكتور نسخة من كتاب مورمون باللّغة الإنجليزيّة، قائلا فيه:
“بدر،،،
كان من دواعي سروري أن ألتقي بك.
أشكرك لعملك الرّائع الّذي قمتَ به.
باركك الرّبّ دوما.
صديقك: تيد آساي”
وكان الأستاذ بيان أهدى لي نسخة من الكتاب باللّغة العربيّة، وهنا ودعنا الدّكتور تيد آساي، ورجعنا إلى النّزل، لنستعد ليوم جديد، ومع حضور قدّاس الأحد في كنيسة الأمل، وزيارة المتحف الّذي يحكي قصة اغتيال الرّئيس الأمريكي جون كينيدي 1963م كما سنرى في الحلقة القادمة.
الهوامش
[1] “تمثّل هذه المبادئ الخمسة، للإيمان الإنجيلي المُصلَح، صُلب المُعتقدات التي ميّزت بين لاهوت الإصلاح ولاهوت الكنيسة الرومانيّة الكاثوليكيّة في القرن السّادس عشر، يأتي أولا مبدأ الكتاب المقدّس وحده، فلكونه كلمة الله الموحى بها، لذا معصوما، وكافيا، وهو السّلطة النّهائيّة في الكنيسة، ويؤكد المبدأ الثّاني، المسيح وحده، على أنَّ المسيحَ وحده أساس تبرير الخُطاة أمام الله، ويأتي مبدأ الإيمان وحده، ليؤكد على أنّ المؤمن ينال الفداء الّذي أنجزه المسيح عن طريق الإيمان فقط، بينما يُعلِن مبدأ النّعمة وحدها، أنّ خلاصنا كُلّه، من البداية إلى النّهاية، هو بالنّعمة، والنّعمة دون سواها، وبناء على هذه المبادئ الأربعة، تمسَّك المُصلحون بقوّة بالمبدأ الخامس وهو المجد لله وحده؛ بمعنى أنّ الله وحده هو المستحق لكلّ المجد جَرّاء خلاصنا”.
ينظر: موقع الصّورة، تأريخ الزّيارة: الخميس 12 أغسطس 2021م، السّابعة والثّلث صباحا بتوقيت مسقط.
[2] بتواصل مع الأب حنّا أسكندر الماروني عن طريق الواتس أب قال لي: “تتفق الموارنة مع الكاثوليك والأرثوذكس أنّ الرّاهب والرّاهبة لا يتزوجان؛ لأنّ الرّاهبة خطبت المسيح عريسا لها، والرّاهب خطبها للمسيح، تمثلا بيحيى أنّه كان حصورا، ولأنّ المسيح تعفف عن النّساء، أمّا الكاهن (القسّيس) ممكن أن يتزوّج، والعديد من الكهنة لا يتزوجون تأثرا بالكاثوليك، أمّا الرّاهب فهو المترهب والمبتعد عن العالم متوحدا، ويسكن في الدّير والبراري، فهذا لا يتزوّج راهبا أم راهبة، وأمّا الكاهن القائم بخدمة المجتمع في الكنيسة فله أن يتزوّج”.
تأريخ التّواصل: صباح الخميس 12 أغسطس 2021م، بتصرّف بسيط.
[3] أشرنا إلى معالم ذلك في الحلقة مع الأرثذوكس ومع البابا جراسر في حلقة ماضية.
[4] دالاس فورت ورث أوسع من دالاس، ويدخل فيها مدن أخرى، مثل: بلينو، وأرفينج وغيرها، وإن كانت دالاس وفورت ورث من المدن الكبيرة في تكساس.
[5] مارتن: دوغلاس، وهاتشر: وليام؛ الدّين البهائي: بحث ودراسة، ترجمة عبد الحسين فكري، ط دار البديع للطّباعة والنّشر، لبنان/ بيروت، الطّبعة الثّانية، 2007م، ص: 220.
[6] ينظر: مقدّمة كتاب مورمون: شهادة ثانية ليسوع المسيح، نشر: كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، سولت ليك سيتي، بوتا/ أمريكا، 1985م.
[7] المصدر نفسه، بتصرّف بسيط.
[8] المصدر نفسه، بتصرّف بسيط.