يوسف بن علي البلوشي
منذ عقود مضت، ساهمت الحكومة في توفير البيئة المناسبة للشركات لكي تنمو وتقوم بدورها في قاطرة التنمية، من خلال مجموعة الحوافز والهبات والتسهيلات، حتى تكبر هذه الشركات ويكبر معها حلم ملاكها في الاستفادة من المشاريع والمناقصات وغيرها.
وكلنا يعلم حجم الهبات التي كانت تقدمها الحكومة والمناقصات ذات المبالغ الفلكية التي تسند لها من مختلف الجهات إلى أن أصبحت من الشركات الكبيرة في المنطقة.
وكلنا شاهدنا حجم التهافت الذي ظهر من خارج الحدود لإقامة مدن أكبر في حواضر السلطنة وولاياتها بشتى أنواعها، لاسيما تلك التي تعنى بالإنشاءات والتشييد والبناء والمقاولات وغيرها في الأمن الغذائي والاتصالات ومختلف القطاعات.
ورغم تأثر الاقتصاد في الوقت الراهن بفعل الأزمة العالمية وجائحة كورونا، إلا أنه يفترض أن كثيرا من هذه الشركات تعمل في السلطنة وفق مبادئ الحوكمة كسبيل للثبات والاستمرارية، إلا أننا نشاهد أن كثيرا منها لم يحسب حساب المخاطر الأخرى التي تحوم حول الشركات والاقتصاد بشكل عام.
ففي الوقت الذي يفترض أنها تقوم بدور كبير في تخفيف الأعباء على الجهد الحكومي في التوظيف والتعيين والإنتاج، إلا أن كثيرا منها استغل الأوضاع الجانبية وظهرت مشاهد غير محمودة كتسريح العاملين وعدم إعطاء الكثير من الموظفين رواتبهم وتغيير العقود والالتفاف على النظم والقوانين المعمولة بالسلطنة لتخفيف حجم الكادر العماني بدل أن يكونوا خير معين في مثل هذه الظروف.
إن سنوات الفكر الاقتصادي الذي قامت عليه فكرة الشركات من خلال الاعتماد على الريع الحكومي والاعتماد الكلي على خدمات الحكومة، آن الآوان أن تقوم الشركات بواجبها الوطني في التفاعل من خلال التكامل مع الحكومة واستيعاب الموظفين العمانيين في هذا الجانب بدلا من عمليات لي الذراع وخروج نماذج من الشباب العماني الذي اعتمد على الحياة العملية ببناء مستقبله، لكي يتم الزج بهم في وجه المدفع ليكونوا ضحية الشركات وتدخل جهات الاختصاص من بينها وزارة العمل، بدل أن تكون محور تحقيق التوازن العملي ومجابهة الأدوار في الاختصاصات الجديدة الموكلة لها في بناء عمان الجديدة، لا أن تكون طرف التفاوض في الاستقرار الوظيفي الذي يجب أن يكون من صميم عمل الشركات والمؤسسات.
يجب أن تتبارى وتتنافس الشركات على كسب العقود الحكومية من خلال القيام بأدوار ريادية في التوظيف أسوة بالشركات في الدول المجاورة، التي قامت بتقديم نماذج رائدة في توظيف أبنائها، وأصبح من الضروري أن تكون لها الريادة الوطنية في السباق الوطني لكي تلعب دورا كبيرا في تذويب وتسخير هذه التحديات لتكون ذات دور ونموذج وطني يلعب دورا كبيرا يحتذى به، والتفاعل مع شرائح المجتمع، لا أن تكون عائقا أمام استراتيجيات الحكومة في بناء اقتصاد وطني متكامل.