ناصر بن محمد الحامدي
على مدى 28 سنة من القراءة المكثفة فيما يخص تربية الأبناء سوف أقدم خلاصة تجربتي التربوبة بشكل مُبَسّط عسى أن أقدم مايستحق الإستفادة منه في هذا المجال..
هناك فرق بين الرعاية والتربية وللأسف كثير من الآباء والأمهات لايفرقون كثيرا بين الرعاية والتربية
أقصد ب”الرعاية”: هي العناية بالأولاد من ناحية الأكل والشرب واللباس والنظافة والعلاج من الأمراض وحمايتهم من التعرض للأذى بأي شكل من الأشكال.
وأقصد ب”التربية”:هي العناية بالأولاد من الناحية النفسية ومتابعة سلوكهم وأخلاقهم بغرس القيم الثقافية القائمة على الضمير الإنساني وتتلخص في التالي:
١.ما لا ترضاه لنفسك لاترضاه للآخرين
٢.الحرية قبل كل شيء مسؤولية
٣.لا ضرر ولا ضرار أي لا أضر نفسي والآخرين
٤.نعم للإستقلال في الرأي لا التمرد
في المجتمعات المغلقة المحافظة قديما كان تأثير الوالدين والأسرة والمجتمع تربويا على الأولاد مايقارب 50% وتبقى ال50%الأخرى على الأولاد أنفسهم من جهة استعدادهم النفسي والفسيولوجي .
المنظومات التربوية والتعليمية القديمة قد تشظت الآن نتيجة للتحولات الكبرى في المجتمعات من مجتمعات محافظة مغلقة إلى مجتمعات مدنية مفتوحة على العالم وذلك بسبب التقارب العالمي عن طريق الاتصالاتالإنترنت وسرعة المواصلات وحداثتها.
هذا الأمر أدى إلى تراجع دور الوالدين والأسرة في التربية من التأثير بنسبة 50% إلى 20% حيث ظهرت وسائل تأثير أخرى نافست الوالدين بالتأثير على الأولاد بنسبة30%وهي الهواتف النقالة ومنها مواقع التواصل الإجتماعي والأجهزة اللوحية الذكية والقنوات الفضائية والأصدقاء في المدرسة وخارج المدرسة.
ومما يلاحظ أيضا ليس تراجع الدور التربوي للوالدين في التربية بل حتى في رعاية الأولاد والاهتمام بهم حيث شهدنا هذا التراجع مع انشغال بعض الأمهات بالعمل خارج المنزل وخاصة الأمهات اللاتي يعملن في القطاع الخاص لساعات طويلة حيث ان بعضهن لم يستطعن التوفيق بين مسؤولية العمل خارج المنزل ومسؤولية الأولاد داخل المنزل.
وهذا صحيح الأمر الذي شكل ضغطا كبيرا على الأم لوحدها في إدارة الحياة المنزلية وشؤون الأولاد.
ومما يلاحظ في المجتمعات الشرقية دور العناية بالأولاد مناط على الأم لوحدها هذا الأمر عندما كانت الأم في المنزل لاتعمل والأب خارج المنزل لكن عندما عملت المرأة خارج المنزل حالها حال الرجل تماما لابد أن تتغير هذه الثقافة ويتقاسم دور الرعاية والتربية كلى الأبوين.
تربية ورعاية الأولاد والاهتمام بهم والاهتمام بإدارة المنزل عمل شاق جدا ومتعب نفسيا وجسديا وهو لوحده يحتاج فريق لإدارته والإشراف عليه.. فكيف لأم مسكينة لوحدها ان تدير أربعة أعمال؟!:
١.عملها خارج المنزل
٢.رعاية الأولاد
٣.تربية الأولاد
٤.إدارة المنزل
ما يحصل معنا الآن في المشرق العربي حصل في المجتمعات المدنية الحديثة قبلنا مثل أوروبا وأمريكا عندما تحولت المجتمعات من مجتمعات قَبَلية رعوية إلى مجتمعات مدنية حديثة ، حيث عملت الأسر ذات الدخل المحدود على نمط التشارك بين الزوجين في إدارة المنزل من رعاية وتربية الأولاد وحتى في الصيانة والتنظيف والطبخ في المنزل.
إن مشاركة الزوج لزوجته في إدارة المنزل من رعاية وتربية الأولاد والتنظيف والطبخ قد يخفف ذلك من الضغط الكبير على الزوجة ويتحمل كلى الطرفين المسؤولية وبذلك تحل بعض المشكلات التي تظهر على الأولاد مستقبلا في حالة تراجع المسؤولية التربوية للأبوين نتيجة للصراع بين الزوجين على تقاسم المسؤولية الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى حالات طلاق متعددة ويتأثر بذلك الأولاد ونشأتهم نشأة صحية ونفسية سليمة.