بدر بن سالم العبري
في صباح يوم الأحد 10 أغسطس، كان يوم عيد الأضحى أو العيد الكبير عند المسلمين، ويسمى عيد القربان؛ لأنّ الحجاج يتقرّبون فيه بالهدي، وغالب المسلمين من غير الحجاج بالأضاحي، ويجعلون قسما منها للفقير والمحتاج، ويعتبرونها ذكرى نبي الله إبراهيم عندما أراد ذبح ابنه إسماعيل، ففداه الله بكبش عظيم، والمشهور عند المسلمين خلافا لليهود والمسيحيين أنّ الذّبيح هو إسحاق، ومع ذكر ابن تيميّة [ت 728هـ/ 1328م] في الفتاوى أنّ “هذه المسألة فيها مذهبان مشهوران للعلماء، وكل منهما مذكور عن طائفة من السّلف، وذكر أبو يعلى في ذلك روايتين عن أحمد، ونصرَ أنّه إسحاق، اتّباعا لأبي بكر عبد العزيز، وأبو بكر اتّبع محمّد بن جرير، ولهذا يذكر أبو الفرج ابن الجوزي أنّ أصحاب أحمد ينصرون أنّه إسحاق، وإنّما ينصره هذان، ومن اتّبعهما، ويحكى ذلك عن مالك نفسه، لكن خالفه طائفة من أصحابه”[1].
وبعد الفطور ذهبنا إلى أقرب مسجد يُصلّى فيه صلاة العيد، وفيه قاعة أعدت لذلك، ورأيت في أمريكا يؤخرون صلاة العيد كما رأينا في الرّحلة الشّيكاغيّة، والظّاهر يتجمعون حسب الأجناس، فللعرب مراكزهم، وللهنود كذلك، وهكذا، وفي المسجد كنّا من أوائل من وصل، وشاهدت لاحقا من بعيد أشخاصا يلبسون اللّباس العماني، والظّاهر أنّهم طلبة من عمان، وكعادة مساجد المسلمين يجهرون بتعظيم الله وتكبيره وتهليلة بصوت مرتفع قبل الخطبة، وعادتهم هنا قريبة من عادة الإباضيّة في عُمان، يجهر بها القائمون في المسجد، يتبادلون الدّور في التّكبير والتّهليل، يتقدّم أحدهم وعنده مكبر الصّوت مستقبلا القبلة قائلا: “الله أكبر ، الله أكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون”، والنّاس يرددون معه.
وهنا أتى الإمام، ويبدو أنّه من الجنسيّة الباكستانيّة، وصلّينا معه حسب سنّة الأحناف، وسنّتهم تسع تكبيرات، ثلاث أصليات: تكبيرة الإحرام، وتكبيرتي الرّكوع، وست زوائد، ثلاث تكبيرات بعد دعاء الاستفتاح وقبل قراءة الفاتحة من الرّكعة الأولى، وثلاث بعد قراءة السّورة وقبل الرّكوع من الرّكعة الثّانية.
يبدأ الإمام خطبته الأولى بالتّهليل والتّهظيم والتّكبير مرتين ثمّ مفتتحا بالتّوحيد وعظمة اليوم ونعمة بهيمة الأنعام ونعمة الإسلام، ثمّ أتى بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير مرتين مردفا بالشّهادتين، ثمّ أتى بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير مرتين مردفا بالصّلاة على النبيّ – صلّى الله عليه وسلّم – وأصحابه وفضلهم، ثمّ أتى بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير مرة واحدة مردفا بعظمة هذا العيد وهذا اليوم، وعظمة الأضحيّة، مع صدق النّية، والإخلاص لله تعالى فيها، وأنّها واجبة بنص الحديث، وأنّ علماء الفقه بينوا مسائلها، ثمّ أتى بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير مرتين، ثمّ جلس جلسة خفيفة بعدها مباشرة.
ثمّ يبدأ الخطبة الثّانية بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير مرتين، وافتتحها بأحاديث فضل القربان وإراقة الدّم، ثمّ أتى بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير مرة واحدة مردفا بما جاء عن الصّحابة في ذلك، ثمّ أتى بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير مرة واحدة وأردفها برواية الّذي لا يضحي لا يقربن مصلى المسلمين، ثمّ أتى بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير مرتين مردفا بآية الحج/ 37: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}، ثمّ أتى بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير مرة واحدة.
والظّاهر أنّه يقرأ خطبة معهودة عندهم باللّغة العربيّة مع التّغني بها، والخطبة الأولى قصيرة لا تتعدى ثلاث دقائق يأتي فيها كعادة الأحناف بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير تسع مرات يفصل بينها بما ذكر عدا الأخيرة يجلس بعدها جلسة خفيفة، وفي الخطبة الثّانية وهي قصيرة أيضا يأتي بالتّهليل والتّعظيم والتّكبير سبع مرات يفصل بينها كما فصلنا.
وبعدها يأتي بكلمة أو خطبة سريعة باللّغة الإنجليزيّة مبينا لذة العبادة بطاعة الله تعالى، والعيد مكافأة من الله، والّذي يكثر من الاستغفار وعبادة الله يشعر أنّ العيد مكافأة من الله له، وبيّن ضرورة الحفاظ على المظاهر الاجتماعيّة يوم العيد، وأهمها زيارة الوالدين والأقرباء والأحباب، وتطرق إلى سنّة إبراهيم مع ابنه اسماعيل، وما يتعلق بهذه السّنة من أضاحي وقرابين، وأهمية العمل الصّالح في هذه الأيام، وقد سجلتُ الخطبة، ونشرتها على قناة أنس 11 أغسطس.
ثمّ بعد الصّلاة وتسليمنا على الجماعة ذهبنا إلى المطعم الإيراني، حيث طلب الأستاذ بيان الغداء لنحمله معنا إلى منزل ابيه في منطقة بلينو، وسبق الحديث عن المنطقة، وهنا وجدنا الحاخام رابي دايفيد جريبر قد سبقنا بالوصول في المنطقة، وكنّا على موعد معه لتسجيل حلقة حول اليهوديّة، والحاخام ولد في شيكاغو في أمريكا في أسرة يهوديّة أرثذوكسيّة، ثمّ ذهب إلى إسرائيل لدراسة اللّاهوت والشّريعة اليهوديّة، حتّى وصل إلى درجة الحبر عندهم، واعتبر من العلماء المتخصصين في الشّريعة اليهوديّة، وبعدها سافر إلى نيوزيلندا كراهب في كنس، ثمّ رجع إلى أمريكا عام 1999م، واستقر في دالاس للاهتمام بالمدارس اليهوديّة، وعمل في المدرسة الثّانوية العامّة لليهود، ومع مرور الزّمن نتيجة البحث والتّأمل لم يقتنع بالأرثذوكسيّة، ورأى أفكارها لا تتوافق معه، فخرج منها، واهتم بالإصلاح الدّيني والعقلاني، فأصبح يزوّج اليهوديّات من غير اليهود، وكذا العكس اليهود من غير اليهوديّات.
هنا وجدنا أم الأستاذ بيان سيمين موهبتي تنتظرنا، وقد أعدّت لنا الأرز، وباقي الغداء طلبه الأستاذ بيان من المطعم الإيراني كما أسلفنا، فجلسنا نتحدّث على الغداء، وغالب الحديث حول الدّيانة اليهوديّة واللّغة العبريّة والتّأريخ اليهودي، والدّراسات المعاصرة في اليهوديّة كالأنسنة والعلمويّة، وهنا طلبت منه تسجيل حلقة افتتاحيّة حول اليهوديّة في برنامج حوارات، حلقة (46)، فوافق، فسجلنا بعد الغداء أي في السّاعة الثّانية عشر ظهرا، وبثت يوم 13 أغسطس.
تحدّث في البداية أنّ اليهوديّة كمصطلح ظهرت في عهد الدّولة الفارسيّة، ولم يكن المصطلح معروفا في عهد النّبي موسى – عليه السّلام -، فظهر بعد ألف عام من وفاته، فمملكة إسرائيل انقسمت إلى المملكة الشّماليّة واسمها مملكة إسرائيل أو السّامرة وعاصمتها شكيم [نابلس حاليا]، واحتلها الآشوريون بعد مائتين سنة من سقوط المملكة الجنوبيّة، والمملكة الجنوبيّة واسمها يهوذا وعاصمتها أورشليم، واحتلها البابليون، وتمّ سبيهم إلى بابل، وفي عهد الدّولة الفارسيّة في عهد كورش الكبير [ت 529 ق م] أرجعهم إلى بلدهم، وهنا ظهر مصطلح اليهوديّة[2].
واليهوديّة ظهرت من جنس بني إسرائيل، أي من أبناء يعقوب، ولكن لا يعني أنّ جميع اليهود من بني إسرائيل، فالعديد دخل في اليهوديّة من الأجناس الأخرى، ومع أنّ اليهود لا يبلغون دينهم؛ لكنّهم لا يرفضون من أراد اعتناق اليهوديّة كدين له، فمثلا يهود روسيا ويهود اليمن، فعن طريق الحمض النّووي DNA، وجد فئة من اليهود الرّوس يتوافق حمضها مع الحمض النووي لليمنيين، وعند فئة لا يتوافق.
والتّوراة تنفي أن يكون السّامريون من بني إسرائيل، ولكن في نظري قد يكونون من بني إسرائيل[3].
وبعد دمار الهيكل [586 ق م] انقسم اليهود إلى الصّدوقيين والفريسين والآسينيين[4]، بيد أنّ الصّدوقيين والآسينيين انقرضوا، وما بقي اليوم فمن الفريسيين، وفي القرن الثّامن الميلادي ظهرت فرقتان كبيرتان في اليهوديّة: فرقة القرائين[5]، وفرقة الرّبانيين، وكلا الفرقتين من الفريسيين، وفرقة القرائين كانت كبيرة لكنّها اندثرت شيئا فشيئا حتّى لم يتبق منها اليوم سوى عشرة آلاف، وأغلبهم في إسرائيل، وأمّا الرّبانيون فيسمون اليوم باليهود الأرثذوكس، أو باليهود الكلاسيكيين، وكذلك يسمون باليهود الحاخامانيين، وقبل خمسمائة سنة لا يعرف شيء اسمه اليهود الأرثذوكس، وظهرت من الرّبانيين فرقة الحاسيديم [في القرن السّابع عشر الميلادي]، وهي فرقة عرفانيّة تميل أكثر إلى الاستمتاع بهذه الحياة بالغناء والرّقص، ويستخدمون ذلك في ذكر الله [مثل الصّوفيّة معنا تقريبا]، وهؤلاء بسبب رهبنتهم، والتصاقهم بالشّخوص انقسموا إلى طرق وأقسام مختلفة.
وفي القرن الثّامن عشر وأوائل القرن التّاسع عشر ظهرت فرقة اليهود العقلانيين، ويسمون باليهود الحداثيين أيضا، وهؤلاء يرفضون الأخذ بحرفيّة النّصوص المقدّسة والآثار؛ لأنّه في الأصل كتبها بشر، وهؤلاء أحدثوا تغييرا فيها، ولهذا قابلتهم فرقة وسط، فقالوا لا نرفض التّوراة، ولكن تقرأ في ظرفيّتها الزّمكانيّة، فلم يبتعدوا كالعقلانيين اليهود، ولم يتشددوا كالحاخامانيين، ولكن وقفوا موقفا وسطا، وهؤلاء هم اليهود الإصلاحيون، وأجازوا في أمريكا زواج اليهود من غيرهم من الجنسين، كما أجازوا زواج المثليين، وكانت ردّة فعل الحاخامانيين شديدة بسبب هذين المذهبين، ممّا أدّى إلى ظهور مذهب رابع، وهم اليهود العلمانيون[6]، وهؤلاء فصلوا علاقتهم بالتّوراة وغيرها، وإنّما هم يهود كاسم لا أكثر، لأنّ الزّمان اختلف، وأنا – أي رابي دايفيد – من طائفة الإصلاحيين اليهود، لأنّي رأيت أنّ الثّقافة اليهوديّة الأرثذوكسيّة لا تتناسب مع الواقع، فالتّوراة قد تتناسب مع العهد البرونزي أو النّحاسي، لكنّها لا تتناسب مع العصر الحديث.
واليهود طبيعيّا كأي أمّة تتأثر بغيرها [كتأثرهم بالهلنستيّة الرّومانيّة، والغنوصيّة الفارسيّة، وتأثر القرائيين بالثّقافة العربيّة، وتأثرهم حاليا بالحضارة الغربيّة]، مثلا قبل مائتين سنة من ميلاد المسيح تحدّث اليهود بالرّومانيّة، فطبيعي التّأثر بالثّقافة الهلنستيّة، وفي الأندلس تأثروا بالثّقافة الإسلاميّة، واليوم بالثّقافة المسيحيّة، فلا يمكن أن نكون موسويين أي بمعنى أن نكون كموسى بالكامل في عصره.
واليهود الأرثذوكس يؤمنون بالتّوراة المتضمنة للأسفار الخمسة [التّكوين والخروج واللّاويين والعدد والتّثنية] المنزلة على موسى حرفا حرفا، واليهود لا يؤمنون بالعهد القديم عند المسيحيين، وإنّما وضعه المسيحيون ليكون مقابلا للعهد الجديد، أي الأناجيل الأربعة وأعمال الرّسل، والعديد أيضا من اليهود قديما وحديثا لا يرون أنّ الأسفار الخمسة نزلت حرفا حرفا، وإنّما كتبت في فترات لاحقة ومختلفة، وحدث فيها بعض التّعديل، بجانب اليهود الأرثذوكس يؤمنون بأسفار الرّسل كسفر أشعيا، والآيات والأدعية، ولا يعرف من كتب التّوراة، وأمّا التّوراة السّبعينيّة[7] فهي ترجمة للتّوراة من العِبريّة إلى اليونانيّة من قبل اثنين وسبعين حبرا.
والتّلمود يشبه ما عند المسلمين أي الحديث، ففي اليهوديّة أقوال وأعمال قام بها النّبي موسى، وهي غير موجودة في التّوراة، وقام اليهود بعد فترة طويلة من وفاة موسى بالاهتمام بها، فكانت المشناه وهي الرّواية الشّفويّة توضع في الأعلى، وفي الأسفل يضعون الشّروحات والخلافات بين الفقهاء اليهود وهي الجمارا، والاثنان يطلق عليهما التّلمود [أي كتاب الدّراسة].
وأمّا المكان المقدّس عند اليهود وحرمهم في الأعلى هو جبل صهيون، وفي أعلاه يوجد الهيكل الّذي بناه سليمان، ودمر البابليون الهيكل، وأرجع في عهد الفرس، وفي عهد هيردوس الرّوماني [ت 4 ق م] قام ببناء الهيكل في شكل جميل جدّا، وبنى حائط المبكى في الأسفل، وفي عام 70م دمّر الهيكل [في عهد تيتوس ت 81م]، وأبقي الحائط، لهذا أغلب اليهود حتى اليوم يقفون عند الحائط، ويدعون الله عنده، ويطلبون التّوبة والمغفرة، والقليل ممّن يصعد إلى الأعلى، حيث يعتقد البعض بوجوب الوصول إلى الأعلى، ولكن غالب اليهود يكتفون بالوقوف عند الحائط، وفئة قليلة جدّا من اليهود الأرثذوكس لا زالت تعتقد أنّ المسيح سوف يأتي، ويعيد بناء الهيكل من جديد، ومعظم اليهود عموما لا يؤمنون بفكرة مجيء المسيح.
وأمّا ما يتعلق باليوم الآخر والجنّة والنّار فاليهود الأرثذوكس أو التّقليديون يؤمنون بذلك، وذكر اليوم الآخر في التّوراة بشكل غير صريح، وتوجد أيضا إشارات غير صريحة للعذاب والنّعيم والبعث أو قيام الأموات، وهي إشارات غير قطعيّة، فلهذا أغلب اليهود لا يؤمنون بها خلافا لليهود الأرثذوكس كما أسلفنا.
وبعد اللّقاء حضر والد بيان عطاء الله يحيى نوري فجرنا إلى حديث طويل حول الأديان وفلسفتها، وحول واقع الحضارة الغربيّة، وموقع الأديان منها، ومستقبل العديد من الأحكام في الكتب المقدّسة أمام القراءات المعاصرة والنّقديّة والتّفكيكيّة، وكان لنا موعد آخر العصر للمشاركة في الدّوري النّهائي في منطقة منطقة ويكوري ميدو فاستأذنا بالخروج.
وقد أسلفت الحديث عن المنطقة، والّذي يهمني هنا العمل الاجتماعي الّذي ينشأ عليه أبناء المنطقة، وميزته أنّ عملهم الاجتماعي يشارك فيه الجميع أيّا كان دينهم وتوجههم، مثله حلقات التّعليم المساعدة، والّتي تهتم بغرس القيم الكبرى وبالحوار والتّعايش ليس تدريسا فحسب؛ بل حتّى عمليّا، فعندهم حصص في تنظيف الطّرق والمنطقة، ليتعوّدوا على النّظافة، كذلك يقوم بعض النّاشئين – كما أخبرت – بصنع الكعك، ثمّ بيعها، وريعها يذهب إلى الفقراء والمشردين، بجانب في التّعاون على مساعدتهم بالطّرق الاجتماعيّة الأخرى.
وهنا رأيت أعدّ مجموعة من جماعة المنطقة ملعبا كبيرا للأطفال والنّاشئين، ويقسّمونهم إلى فرق رياضيّة تتبارى طول العام، كما يحملونهم لمشاهدة الدّوريات الرّياضيّة في المجمعات، ويعملون في بعض الأشهر دوريات مكثفة، ومن حسن الطّالع صادف وجودنا المباراة النّهائيّة في الدّوري، وطلب مني حضور المباراة، ورأيت النّاشئين يرحبون بالضّيف، ويأتي الجميع للسّلام عليه، وأغلبهم من البورميين، وجاءني أحدهم يحفظ سورة مريم، وصوته جميل جدّا، فقال أريد أن أقرأ عليك بداية السّورة، فسرني ذلك، وفعلا كانت قراءته متقنة، وصوته جميل، وقال أصلي بهم أحيانا في مسجد قريب، وطلب مني زيارة مسجدهم، وفعلا زرتهم في اليوم نفسه، وشاركتهم صلاة العشاء.
وبعد نهاية الجلسة أخذنا جولة أنا والأستاذ بيان في دالاس، ولتناول العشاء لنستعد ليوم آخر لحضور مشرق الأذكار وزيارة مؤسسة MDHA في علاج ظاهرة المشردين كما سنرى في الحلقة القادمة.
الهوامش
[1] ابن تيميّة: تقيّ الدّين أحمد؛ مجموعة الفتاوى، تحقيق: عامر الجزّار وأنور البار، ط دار الوفاء، مصر/ المنصورة، الطّبعة الثّانية، 1422هـ/ 2001م، المجلد الثّاني، ج:4، ص: 204.
[2] اختلف في سبب تسمية اليهوديّة، فقيل من التّوبة والرّجوع كما في قوله تعالى: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف/ 156]، وقيل نسبة إلى يهوذا من أبناء يعقوب، ومن الاسباط الاثني عشر، وقيل نسبة إلى مملكة يهوذا، ولعل الثّالث أرجح، كغالب النّسبة إلى الأماكن، فقلبت الذّال دالا، والله أعلم.
[3] السّامريون يرون أنّهم الوريث الحقيقي لبني إسرائيل، واليهود خليط من أجناس مختلفة بعد السّبي البابلي.
[4] الصّدوقيون أتباع صدوق وذرّيته الّذين كانوا يتولون الكهانة في عهد داود وسليمان، ويؤمنون بالكتب القديمة أي الأسفار الخمسة، ويرفضون ما عداها، وهم حرفيون في مسائل الدّين، يختلطون مع الأجانب، ولا يؤمنون بالبعث ولا بالجنّة ولا بالنّار.
الفريسيون من الفرز أي المتميزون عن الأغيار، وهم الأكثر شعبيّة وحضورا، ولا يختلطون بغيرهم، ويؤمنون بجميع الكتب اليهوديّة بما فيها المشناة والجمارا.
الآسينيون أو الآسيون من آسى أي الطّبيب في الآرامية، ونشأت على الغالب في الأسكندرية في القرن الثّاني قبل الميلاد، ويميلون إلى الزّهد والرّهبنة، ويهتمون بالرّوح، ولا يأكلون لحوم الحيوانات.
للمزيد ينظر: العقاد: عبّاس محمود؛ حياة المسيح، ط دار الهلال، القاهرة/ مصر، 2014م، ص: 37 – 42. بتصرّف.
[5] يؤمنون بالتّوراة المكتوبة أي الأسفار الخمسة، ولا يؤمنون بالتّوراة الشّفويّة والشّروحات خلافا للرّبانيين، ظهرت على يد عنان بن داود [ت 795م] في الدّولة العباسيّة.
[6] فصّل هذا التّيار العلماني في اليهوديّة المعاصرة الكاتب اليهودي يعقوب ملكين في كتابه عِلمنة اليهوديّة بصورة كبيرة، يمكن الاستزادة منه.
[7] جاء في الموسوعة العالميّة ويكبيديا: “السّبعينيّة هي التّرجمة اليونانيّة للعهد القديم الّتي أجريت في القرن الثّالث قبل الميلاد، حيث يذكر أنّ بطليموس أراد أن يضمّ إلى مكتبة الإسكندريّة الكتب المقدّسة لليهود، والبعض يرى أنّه بسبب عدد اليهود الّذين لايعرفون إلاّ العِبريّة قام اثنان وسبعون من الأحبار بالتّرجمة”.