احمد بن علي الشيزاوي
إثر إعلان قرار اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19)، باعتماد مبدأ التطعيم شرطا للسماح لدخول جميع الوحدات الحكومية ومنشآت القطاع الخاص بما فيها المجمعات التجارية والمطاعم وغيرها من الأنشطة التجارية، نشط عبر منصة توتير وسم تصدر المواضيع الرائجة بالسلطنة “ترند” عنوانه #لا_ للتطعيم_الإجباري.
من خلال الوسم المنتشر، فسّر البعض القرار سالف الذكر على أنه إلزام بأخذ اللقاح، وانبرى في المقابل بعض المواطنين بتناقل أراء شخصية لبعض المحامين صرحوا بها في معرض تسويغ حق وزير الصحة في فرض اللقاح، بالاستناد إلى نص المادة (14) من قانون مكافحة الأمراض المعدية، والبعض الآخر نقل نص المادة (5) مكرر (8) من ذات القانون بعد تعديله بموجب المرسوم رقم 32/2020م.
وفي الحالتين نجد أن الصواب جانب من افترض أن القرار يعد إلزاما بفرض اللقاح، وكذلك جانب الصواب من رد عليهم بالاستناد لنص المادة (14)، معتبرا أنها تجيز فرض اللقاح بشكل مطلق دون النظر لمقتضيات الصحة العامة، وفيما يلي تفسير ذلك.
إن المادة 14 نصت على أن لوزير الصحة أن يصدر قرارا بالتطعيم الإجباري لوقاية المواليد أو فئة معينة من السكان أو جميع السكان من أي مرض معد، وفقا لمقتضيات الصحة العامة، ويعني ذلك أن قرار التطعيم الإجباري يجب أن يسند بتقارير خبرة فنية تؤكد على أنه محققا للوقاية، على اعتبار أن الحق في حماية الصّحة العمومية سواء بشكل وقائي أو علاجي من أبرز الحقوق المكرّسة قانونا، ويعكس ضرورة تكامل تقديم الخدمات الصحية مع الضبط الإداري، والحدّ من ممارسة بعض الحقوق والحريات قصد حفظ النّظام العام.
وبشكل عام لم تُفرض إلزامية اللقاح، بدليل أنه لم يصدر حتى الآن أي قرار من وزير الصحة بالتطعيم الإجباري، والاستناد لنص المادة 14 لتسويغ قرار اللجنة محل هذا المقال في غير محله.
إذا ما الذي يعنيه قرار اللجنة وكيف يفهم؟
- يأتي هذا القرار ضمن إطار الصلاحيات المعقودة للجنة المختصة بموجب الأوامر السامية التي قضت بتشكيلها، والتي أكد حضرة صاحب جلالة السلطان المعظم -حفظه الله- باجتماعه باللجنة يوم الأربعاء 18 أغسطس 2021 على الاستمرار في الالتزام بالقرارات والضوابط التي يتم اعتمادها من قبل اللجنة العليا لضمان صحة وسلامة الأفراد والمُجتمع.
- كما جاء قرار اللجنة مترجما لتوجيهات جلالة السلطان -حفظه الله- التي حث بموجبها الجميع على ضرورة تلقي التحصين ضد هذا الوباء، وفق البرنامج الموضوع لذلك، ومكملا لما اتخذته من قرارات سابقة ترتب عليها فرض إجراءات وتدابير لمنع انتشار العدوى أو نقلها للغير، ومنها اشتراط وضع الكمامة في الأماكن العامة وأماكن العمل وتخفيض نسب الحضور لمقار العمل وفرض التباعد الاجتماعي.
- يعتبر القرار دعما لمسار العمل بالخطة الوطنية للتحصين التي أسفرت جهود القائمين عليها حتى تاريخ اليوم عن إعطاء نحو ثلاثة ملايين ومائة وخمسة وثلاثين ألف جرعة لقاح، وبلغ عدد من تلقى جرعتين ثمانمائة وتسعين ألفا، بينما مازالت نسبة الفئة المستهدفة بجرعة على الأقل من لقاحات كوفيد19 عند 64% تقريبا حتى تاريخ اليوم، وهي تناهز النسبة المستهدفة 70% بنهاية أغسطس الجاري.
- يفهم من إشراك رؤساء الوحدات الحكومية والخاصة في التوجيه بشأن اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنفيذ الضوابط المعلنة، إدراج هذه الضوابط ضمن مقتضى الواجب الوظيفي الذي يتعيّن على الموظف الالتزام به، ويجب أن يسبق ذلك تحديد الواجب بموجب القرارات الوزارية والتعليمات التي يجرى العمل بها بالجهة الإدارية.
- توسع بعض فقهاء القانون في تفسير نص هذا القرار، ورتبوا عليه اعتبار الموظف غائبا بدون عذر، وذلك لا يتوافق بأي حال مع إجراءات معالجة حالات الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي، من خلال التنبيه والإنذار وإحالة الموظف إلى مجالس المساءلة المختصة عند الاقتضاء، والتي تراعي الظروف الموضوعية لكل حالة بشكل مستقل.
- من أوجه المعالجة الاستفادة من قرار إعفاء 50% من الموظفين لمقار العمل، أو تكليف بعض الموظفين بالعمل عن بعد حتى تسوية أوضاعهم من ناحية الحصول على اللقاح.
- مما يجب التحوط منه إساءة استغلال بعض مؤسسات القطاع الخاص لهذا القرار للإضرار بمصالح العمالة الوطنية، وهو ما يضع دروا كبيرا على الاتحاد العام لعمال السلطنة لضمان عدم حدوث ذلك.