سامر بن محمد البلوشي
قديما كان الناس يعملون بكل جد وإخلاص وتفاني دون كلل أو ملل دونما تذمر، كان الجميع متكاتفين متعاونين وعلى كلمة واحدة، الجميع يعمل دونما وجود هياكل تنظيمية أو اختصاصات ودونما وجود مناصب إشرافيه، ربما كان يوجد ولكن ليس بالمفهوم الحالي. ومع التطور العمراني وبناء مؤسسات الدولة وجب تنظيم العملية بشكل أكبر من خلال وضع الهياكل التنظيمية والاختصاصات لمؤسسات الدولة وللمديريات والدوائر، مما خلق نوع من التغيير من النمط القديم الى النمط الحديث المطور.
في وقتنا الحالي نجد ان هنالك وعيا من الجميع الذين يعملون بمؤسسات الدولة سواء كان في القطاع الحكومي أو الخاص بالثقافة الجديدة الموجودة بالمؤسسات وهنالك الكثير من يطمح للحصول على مناصب عليا كلا بطريقته الخاصة. ربما هذا الشيء خلق نوع من التنافسية بين الموظفين بالإضافة الى عدم الرضا لدى البعض حين تعيين شخص آخر في منصب قيادي. مما أدى الى سخط بعض الموظفين من القرارات التي تصدرها المؤسسة.
نجد أن بعض الموظفين يقدمون على تقديم دعاوي قضائية للطعن في قرار معين أو شكوى على المؤسسة وجميع هذه الدعوي تنصب مباشرةً في محكمة القضاء الاداري دونما وجود جهة تقوم بالصلح بين الطرفين، وتستمر هذه الدعاوي في التداول لأشهر وربما لسنوات طويلة لحين البت بها. مما يساهم بشكل كبير في عرقلة أداء المؤسسة.
في حال قام الموظف برفع دعوى قضائية على المؤسسة هذا سينتج عنه: ستقوم المؤسسة بوضع الدعوى القضائية من أولويات الاعمال لديها مما سيعرقل اداء المؤسسة، تأخير في أعمال المؤسسة الرئيسية، عدم استقرار المؤسسة لحين انتهاء الدعوى القضائية، متابعة الموظف وانتهاز الفرص في حال ورود أي خطأ من الموظف، التضييق على الموظف، تهميش الموظف، وربما حرمان الموظف من الدورات التدريبية.
على جميع الجهات تخصيص قسم يعنى بالمصالحة الادارية بما يتوافق مع تطلعات ورؤى رؤية عمان 2040 حيث سيساهم ذلك بتكاتف جميع الموظفين للعمل بكل جد وإخلاص وتفاني في تحقيق هذه الرؤية، ودائما في اتحاد الموظفين قوة وإنتاجية أكبر، حيث أن بعض الاشكاليات بين الموظف والمؤسسة يمكن حلها وديا أو ربما من خلال إعطاء بعض المميزات التي يرغب بها الموظف وهذا القسم يعتبر بمثابة الإرث الذي تناقله أبناء عمان منذ زمن الأجداد لفض المنازعات بطريقة ودية ترضي جميع الاطراف.
وهذا سينتج عنه رضا الموظف عن المؤسسة التي يعمل مما سيساهم بوجود ولاء وظيفي، إنتاجية أكبر، حضور الموظف مبكرا لإنجاز الاعمال، استقرار الموظف ذهنيا، استقرار المؤسسة، سعادة الموظف أثناء التواجد في العمل، الطمأنينة والراحة اثناء اداء العمل، التجاوب السريع لأداء المهام.
من الحوافز المهمة التي يرغب أي موظف بالحصول عليها هي الاحترام والتقدير، على المؤسسة أن تظهر هذا الاحترام والتقدير من خلال التعامل الجيد للمسؤولين مع الموظف، مشاركة الموظف في حضور الاجتماعات، أخذ رأي الموظف في ما من شأنه تطوير الاعمال بالمؤسسة، مشاركة الموظف بإعداد تقارير تساهم بتطوير الاعمال، منح الموظف دورات تدريبية تخصصية في مجال عمله.
بعض الموظفين تسند إليهم بعض الأعمال سواءً كان العمل من مدير الدائرة أو من أحد المسؤولين بالمنظمة ويباشر بالقول بأن هذا العمل ليس من اختصاصه أو ليس من أختصاص الدائرة، دونما إعطاء لنفسه الفرصة بإنجاز هذا العمل، ربما المسؤول قد أسند اليه هذه المهمة لمعرفة قدرات الموظف في أماكن أخرى لتهيئته لمنصب قيادي أو إشرافي، على الموظف الحرص على إنجاز الاعمال دونما كلل أو ملل ويثبت قدراته لدى المسؤولين.
بعض الموظفين المستائين يعمل على تحريض زملائه الآخرين ضد المؤسسة مما يعرقل أداء المؤسسة، ويؤخر من نموها وتطورها بالإضافة إلى تأخرها في إنجاز الخطط والاستراتيجيات الموضوعة مما يؤدي بالمؤسسة الى عدم الوصول إلى الأهداف المرجوة.
أما في حال عدم رضا الموظف عن المؤسسة فهذا سوف ينتج عنه عدم سعادة الموظف اثناء أداء عمله، حضور متأخر إلى مقر العمل وخروج مبكر، استياء من المؤسسة، احتمالية رفع دعوى قضائية في حال وجود قرار يمس أو لا يمس الموظف، عدم رغبة الموظف بالحضور الى مقر العمل، الاكتئاب، الشعور بالقلق وعدم الراحة، النظرة بشكل سلبي الى المؤسسة، البحث عن وظيفة أخرى.
على المؤسسة عدم إعطاء الموظف أي إنذار بشكل مباشر قبل الجلوس مع الموظف والتأكد من حيثيات الموضوع. وخصوصا مراعاة ظروف الموظف في حال تأخره عن العمل. أحيانا تكون لدى الموظف ظروفا عابرة ربما تكون عائلية أو ما شابه، بحاجة الى مد يد العون معه. على المؤسسة أن تقف معه وتأزره على تخطي العقبات التي يتعرض لها الموظف فهو جزء من هذه المنظومة.
كل شخص لديه ما يميزه عن الاخرين، لكل انسان طاقة موجودة بداخله يجب علينا ابرازها والاستفادة منها، الجميع منتجين البعض لديه مهارات تواصل جيدة، انجاز وتخليص المواضيع بسرعة، القيادة، الاطلاع، المعرفة بمستجدات الامور، خبرات، ويجب علينا اشراك الجميع كل في مجال اهتمامه وهذا ماسوف يضمن انتاجية أكبر في العمل.
ودائما ما نقول بأن ” الصلح هو سيد الاحكام” ففي حال وجود صلح بين النفوس في المؤسسة تزداد الانتاجية، وتسير المؤسسة وفق الاستراتيجيات والخطط الموضوعة بكل دقة بمشاركة جميع الموظفين كلا حسب كفائته وقدراته، الجميع يعمل بكل جد وهذا سوف يؤثر إيجابا في عملية تطوير مؤسسات الدولة وعدم انشغالها بعدم رضاء الموظفين وتحل الامور بكل طمأنينة وامان، وسوف تساهم بشكل كبير في حل الكثير من المنازعات وتخفيف العبأ على المحاكم الإدارية.
ونقول للموظفين المستائين من أماكن وظيفتهم والباحثين عن وظيفة أخرى في مكان أفضل، ان لم تستطع ان تثبت وجودك في مكان العمل الذي تعمل به حاليا فلن تستطيع ذلك في مكان عمل آخر، لأن التحديات متشابهة في جميع أماكن العمل، وبدايتك ستكون من الصفر في المكان الجديد، وربما ستواجه تحديات جديدة انت في غنا عنها، اعمل واجتهد وأثبت وجودك ودع بصمتك تتكلم عنك في مقر عملك الحالي.
خطط لتطوير الأعمال، وتعاون مع زملائك في العمل ومع مسؤولك، واستشر أصحاب الخبرة في أسلوب الإدارة التي يمكن استخدامها لتطوير الأعمال، ولا تجلس مع رفقة السوء الذي يعطونك النصيحة الخاطئة في التعامل مع الآخرين.