مريم الشكيلية
قال الله تعالى في كتابه العزيز: “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” صدق الله العظيم.
من منطلق هذه الآية الكريمة يتبين لنا مدى حرص الله تعالى على تحذير المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من الإشاعات، ومدى الضرر الكبير الذي يمكن أن يقع على الفرد والمجتمع بشكل عام بسبب الشائعات، ولو لم يكن الضرر كبيرا ما وردت هذه الآية في القرآن الكريم.
و”الإشاعة” هي الخبر أو الأخبار غير الصحيحة والزائفة، التي تنتشر بين الناس بسرعة البرق، ويتم نقلها وتداولها ظنا منهم أنها صحيحة، ودائما ما تكون الإشاعات عبارة عن أخبار مرتبطة باهتمامات الناس، تتسم بالإثارة وإشباع الفضول، لكنها تفتقر للصحة والمصداقية كما أنها مجهولة المصدر.
قد يسأل سائل: ما أهمية محاربة ومكافحة الشائعات وخصوصا في الأزمات؟، لأن انتشار أي خبر غير صحيح في توقيت الأزمات أو غير ذلك من الأوقات، له تأثير قوي على المجتمع وتماسكه، والشائعات تعمل على خلق البلبلة في تعاطي الناس للأمور، وتغير في طريقة التعامل الصحيح مع الأزمة.
إن قوة تأثير الشائعات -ولا أبالغ فيما أقول- تخلف دمارا أكثر مما ينتج عن الحروب والأسلحة الفتاكة، لأنها تعمل على شل وتعطيل وخراب فكر الإنسان وتسميم عقله، مما يدفعه لتصرفات وسلوكيات خاطئة وغير مسؤولة، كما أنها تخلق الفوضى في المجتمع وتنخر في العقول وتسبب شللا تاما في منظومة المجتمع ونظامه.
إن محاربة الشائعات -ولما لها من أهمية قصوى- تجعل المجتمع كله يستفيق من الجهالة ليبحث عن مصادر موثوقة للخبر، وترفع من مستوى الوعي حتى لا نتعثر في الأخطاء والنتائج التي تخلفها هذه الشائعات، ونكون كلنا ضحايا لمثل هذه الأخبار الزائفة، والتي في الغالب لا يعرف الغرض منها، هل هو جهل بمسبباتها أم هو بقصد والغرض منه خلق الفوضى في صفوف المجتمع وتجهيل الأفراد.
إن الأمم والشعوب إذا أرادت أن تكون في مصاف الدول والأمم المتقدمة، يجب عليها أن تقضي على الشائعات بمختلف أشكالها، يجب أن تكون هناك قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه بنشر الشائعات وبث الضجيج والجهل الفكري بين الأفراد.
إن أقرب أمثلة ما نعيشه اليوم في ظل جائحة كورونا “كوفيد19” والذي تسبب في بث الرعب في نفوس شعوب العالم، تأتي الشائعات لتلقي بظلالها وثقلها لتحدث الفوضى والشتات في أذهان الناس من خرافات بشأن الوباء واللقاحات وغيرها، مما يزيد العبء على المسؤولين في الدول التي تسعى للسيطرة والخروج من هذا البلاء بأقل ضرر ممكن.
أعلم أن محاربة الشائعات مكلفة جدا ليس فقط بالجهد والعمل وإنما أيضا تكلفة مالية حين تنفق الدول على مكافحتها، وهو أمر صعب قد يستغرق وقتا طويلا للقضاء على هذه الممارسة السلبية التي تبث الفتن وتعمل على الفتك بالمجتمعات ونسف جميع الجهود لتحقيق الاستقرار داخل فئات المجتمع.
على الدول أن تسن القوانين وتتخذ بعض الخطوات لمحاربة الشائعات، ومنها:
نشر الوعي بين أفراد المجتمع بكل الوسائل المتاحة بشأن خطورة الشائعات.
استغلال برامج التواصل الاجتماعي في حث الناس على مكافحة هذه الآفة المدمرة.
العمل على إشراك أبناء المجتمع في الجهود التي تبذلها كل دولة لمحاربة الشائعات.
تنظيف ذهن وفكر الأفراد من كل الأفكار المغرضة وخلق الثقة بين الشعوب والمسؤولين.