مسقط- شؤون عمانية
حصلت نوال بنت أحمد بن عبدالله الهوتية على درجة دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص الإدارة التربوية من قسم الأصول والإدارة التربوية بكلية التربية، جامعة السلطان قابوس. وقد أشرف على الرسالة كلا من الدكتور خلف بن مرهون العبري (مشرفا رئيسا)، وأ.د. صالحة عبدالله عيسان وأ.د. علي مهدي كاظم (عضوي لجنة الإشراف). وتكونت لجنة مناقشة الرسالة من كل من د. أحمد فاروق رجب (رئيسا)، وأ.د. أسامة محمود قرني عبد ربه من جامعة بني سويف ود. خالد المشيخي من جامعة ظفار (ممتحنين خارجيين)، وأ.د. أيمن أحمد إبراهيم العمري (ممتحنا داخليا).
سعت دراسة الهوتي إلى التعرف على ممارسات القيادة الاستراتيجية ودورها في التحسين المستمر في مرحلة ما بعد الحصول على الاعتماد الأكاديمي بجامعة السلطان قابوس من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس وأعضاء المجالس الاستشارية بالكليّات؛ وذلك من خلال وصف وتحليل عدد من ممارسات القادة الاستراتيجيين بأربع من كليّات الجامعة وهي (الآداب والعلوم الاجتماعية، التربية، الطب والعلوم الصحيّة، الهندسة). وقد تركّز التحليل على عشر ممارسات وزّعت ضمن ستة أبعاد شكّلت نموذج القيادة الاستراتيجية الذي طوّرته الباحثة بناء على النماذج النظرية القائمة، بالإضافة إلى أربعة مجالات شملت التحسين المستمر للأداء المؤسسي والبرامجي في مرحلة ما بعد الحصول على الاعتماد الأكاديمي بالجامعة؛ وقد أدى ذلك إلى الحصول على تحليل للممارسات حسب الأبعاد، وتحليل لكل واحدة من تلك الممارسات على حدة، بالإضافة إلى تحليل لمستويات أداء القيادات الأكاديمية حسب مجالات التحسين المستمر.
تكمن أهمية الدراسة في أنها تتناول مرحلة ما بعد حصول الكليات والبرامج الأكاديمية بجامعة السلطان قابوس على الاعتماد الأكاديمي، إذ أنها لا تقدم سردا لكيفية الحصول على الاعتماد بل تتناول الأدوار التي يقوم بها القادة الاستراتيجيون لاستدامة المكتسبات التي تحققت من الاعتماد الأكاديمي وتسخيرها لتحقيق التحسين المستمر في مختلف أوجه العمل بكلياتهم. كما تكمن أهميتها في أنها تحدّد أهم ممارسات القيادة الاستراتيجية تأثيرًا في تطبيق متطلبات الاعتماد الأكاديمي والتحسين المستمر في مرحلة ما بعد الحصول عليه، وذلك في ضوء واقع ومعطيات كليات جامعة السلطان قابوس. وتتجسد أهميتها أيضا في أنها تقدّم تصورا مقترحا لممارسات القيادة الاستراتيجية في مرحلة ما بعد الحصول على الاعتماد الأكاديمي بكليات جامعة السلطان قابوس، كما أنها تقدّم إضافة معرفية جديدة عن مرحلة ما بعد الحصول على الاعتماد الأكاديمي في مؤسسات التعليم العالي بسلطنة عمان نظرًا لقلة عدد الدراسات التي أنجزت في هذا المجال، بالإضافة إلى أنها تقدّم نموذجا نظريّا جديدا لأبعاد وممارسات القيادة الإستراتيجية وذلك بالاستناد إلى النماذج النظرية القائمة. وأخيرا، تعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تربط بشكل مباشر بين القيادة الإستراتيجية والاعتماد الأكاديمي في سلطنة عمان.
استخدمت الدراسة منهجا بحثيا خليطا يتكون من مزيج من الطرق الكميّة والكيفيّة، معتمدة في ذلك على ثلاث أدوات بحثية هي: الاستبانات، والمقابلات شبه المقننة، ودراسة الوثائق. وتكوّن مجتمع الدراسة من العاملين بكليات الآداب والعلوم الاجتماعية، والتربية، والهندسة، والطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس، وأعضاء المجالس الاستشارية للكليات. وقد تمّ جمع البيانات بواسطة الاستبانة من عينة من أعضاء هيئة التدريس بالكليات الأربع، وتمّ إجراء عدد من المقابلات شبه المقننة مع عدد من القيادات العليا بالكليات والتي ضمت العمداء ومساعديهم ورؤساء الاقسام بالإضافة إلى أعضاء المجالس الاستشارية للكليات، وبالنسبة لدراسة الوثائق فقد تمت الاستعانة بعدد من الوثائق المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بممارسات القيادة الإستراتيجية ودورها في التحسين المستمر في مرحلة ما بعد الاعتماد الأكاديمي بجامعة السلطان قابوس.
توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج، منها: أن مستويات أداء قادة الكليّات حسب أبعاد القيادة الإستراتيجية جاءت متقاربة، وأن ممارسات البعد السياسي هي أكثر ممارسات قادة الكليّات في مرحلة ما بعد الحصول على الاعتماد الأكاديمي؛ وأن ممارسات البعد الاقتصادي هي أقل الممارسات، وأن أكثر ممارسات قادة الكليّات في مرحلة ما بعد الحصول على الاعتماد الأكاديمي هي ممارسة “تحديد التوجه الإستراتيجي”، تلتها ممارسة “الرقابة التنظيمية المتوازنة”، ثم ممارسة “تطوير الهياكل والسياسات”، وأن أقل الممارسات هي “المحافظة على الموارد المادية واستثمارها”، وأن مستويات أداء قادة الكليّات حسب مجالات التحسين المستمر جاءت متوسطة، وأن أعلى مستويات الأداء جاءت في مجال “آليات وبرامج دعم الطلبة”، بينما جاءت أدنى مستويات الأداء في مجال “مشاركة الأطراف ذات العلاقة”.
كما توصلت الدراسة إلى وجود ارتباط موجب وذو دلالة إحصائية بين كل بعد من أبعاد ممارسات القيادة الإستراتيجية، وكل مجال من مجالات التحسين المستمر، وعدم وجود أثر دال إحصائيا لمتغير نوع الكلية في الاستجابة على كل بعد من أبعاد ممارسات القيادة الإستراتيجية الستة.
وكشفت الدراسة عن وجود تأثير ذو دلالة إحصائية لمتغير الرتبة العلمية في كافة أبعاد ممارسات القيادة الإستراتيجية ما عدا البعد السياسي، وعن عدم وجود أثر دال إحصائيا لمتغير النوع الاجتماعي في الاستجابة على كل بعد من أبعاد ممارسات القيادة الإستراتيجية، بالإضافة إلى وجود تأثير ذو دلالة إحصائية لمتغير سنوات الخبرة في كافة أبعاد ممارسات القيادة الإستراتيجية ما عدا البعد الإداري.
وأخيرا، قدمت الدراسة تصوراً مقترحاً يمكن أن تتبناه جامعة السلطان قابوس لتعظيم الاستفادة التي حققتها من الحصول على الاعتماد الأكاديمي. وقد تضمن التصور عددا من التوصيات تتمحور حول ضرورة تبني الجامعة لتوجّهات وبرامج مستمرة تضمن إعداد قادة يمتلكون مهارات القيادة والتخطيط الإستراتيجيين، ولديهم القدرة على إدارة التغيير والتكيّف معه والتصدي الفعّال للتحديات والتغيّرات التي تنجم عن الحصول على الاعتماد الأكاديمي، وتحقيق التحسين المستمر في مختلف جوانب الأداء.