صالح البلوشي
تكتسب الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها حضرة صاحب الجلالة، السلطان هيثم بن طارق المعظم –حفظه الله ورعاه- إلى المملكة العربية السعودية، يوم الأحد القادم، أهمية تاريخية من حيث توقيتها وأهدافها.
وتأتي الزيارة ضمن آليات توطيد العلاقات الثنائية الطيبة التي تربط بين البلدين الشقيقين، كما أنها تكتسب أهميتها التاريخية باعتبارها الزيارة الرسمية الأولى التي يقوم بها جلالة السلطان المعظم -حفظه الله- إلى خارج السلطنة منذ توليه مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير سنة 2020م، كما أنها تمثل امتدادا لتاريخ العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط بين البلدين الشقيقين وخاصة منذ عهد النهضة المباركة بقيادة جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد –طيب الله ثراه-.
وقد شهدت العلاقات بين البلدين الشقيقين تطورا كبيرا ودخلت مرحلة جديدة في عهد النهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم –حفظه الله-؛ حيث شهدت الأشهر الماضية زيارات متبادلة بين المسؤولين في البلدين للتشاور في المجالات السياسية والتعاون الاقتصادي والتنسيق المستمر في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاستثمارية.
ومن ضمن الملفات السياسية التي يتم التنسيق فيها بين البلدين قضية النزاع اليمني، حيث تلعب السلطنة دورا مهما في محاولة إنهاء الصراع الدامي الممتد منذ ست سنوات في هذا البلد، كما تقوم السلطنة بدور الوساطة بين الأطراف المختلفة من أجل إنهاء النزاع وإيجاد حل سياسي للقضية اليمنية، وكذلك تقوم السلطنة بالتعاون مع مبعوثي الأمم المتحدة وواشنطن لحث أطراف الصراع على قبول مبادرة السلام التي أطلقتها السعودية في مارس (آذار) الماضي.
وقد شهدت الأسابيع الأخيرة زيارات متبادلة بين وزيري خارجية السلطنة والسعودية للتشاور في القضايا السياسية المختلفة التي تهم البلدين وأبرزها موضوع الصراع في اليمن.
وتتميز السلطنة بعلاقات وثيقة مع شقيقتها السعودية في المجالات الاقتصادية والتبادل التجاري والسياحة البينية والتجارة والاستثمار المشترك، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين في حدود مليار ريال عماني، حسب تصريح سعادة المهندس رضا بن جمعة آل صالح، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان، في لقاء “الغرفة” مع اتحاد الغرف السعودية عبر الاتصال المرئي.
وقد اعتبر صاحب السمو السيد فيصل بن تركي آل سعيد، سفير السلطنة المعتمد لدى المملكة العربية السعودية، في لقاء له مؤخرا مع برنامج “كل الأسئلة” عبر إذاعة “هلا إف إم”، أن الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في السلطنة والسعودية هي بداية لرسم ملامح التعاون في القطاعات المعول عليها وخصوصا قطاع السياحة والصناعة، وتفعيل الحراك على المستوى الحكومي من خلال تهيئة التشريعات والاتفاقيات وتفعيل حراك القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات.
وعلى المستوى الشعبي، ينظر المواطنين في البلدين الشقيقين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية بكثير من الاهتمام إلى الطريق البري الذي يربط بين البلدين، والذي ينطلق حسب تقرير نشرته مؤخرا وكالة الأنباء العمانية من دوار “تنعم” بولاية عبري بمحافظة الظاهرة حتى منطقة رملة “خيلة” على الحدود السعودية بطول (155) كم تقريبًا، ومن الجانب السعودي يبدأ الطريق من تقاطع طريق حرض – بطحاء، ويصل حتى حقل شيبة ثم إلى منفذ أم الزمول على حدود السلطنة بطول (564) كم.
ويسهم هذا الطريق في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين الشقيقين، وكذلك في تسهيل الزيارات بين الجانبين، كما سيؤدي –حسب تقرير الوكالة- إلى خفض كلفة شحن الواردات والصادرات بين البلدين وتقليل تكلفة النقل، كما أنه سوف يسهل التواصل بين الأفراد والتجار والمستثمرين، ويعمل على تعزيز القطاعين اللوجستي والسياحي وسيدعم بشكل كبير نمو الاستثمار والتبادل التجاري، كما أنه سيفتح آفاقًا واسعة تمكّن البلدين من تحقيق الآمال والطموحات التي وردت في رؤيتي البلدين الشقيقين.
وحسب تصريحات المسؤولين في البلدين الشقيقين فهناك استثمارات سعودية في طريقها إلى السلطنة، كما تم مؤخرا دراسة إمكانية إنشاء منطقة صناعية سعودية في السلطنة، تسهم في تسريع وتيرة نقل البضائع بين المناطق الاقتصادية الخاصة السعودية والعمانية، كما أن السلطنة قدمت مؤخرا فرص استثمارية تصل قيمتها إلى مليار ونصف المليار ريال عماني، في قطاعات التطوير العقاري والصناعة والسياحة والثروة السمكية والطاقة المتجددة والبتروكيماويات، وذلك خلال زيارة سعادة أصيلة بن سالم الصمصامية، وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار والوفد المرافق لها للمملكة العربية السعودية.
إن السلطنة والسعودية تدخلان مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية، وتحظى هذه المرحلة بدعم القيادتين السياسيتين، في ظل تأكيد المسؤولين من الطرفين بأهمية تعزيز علاقات التعاون الثنائي لما فيه مصالح البلدين والشعبين الشقيقين الذين يتطلعان إلى مزيد من التعاون في المجالات المختلفة.