المحامي محمد بن سعيد المعمري
لم يكن يعلم “سالم” أن الطعنة قد تأتي من شخص ينظر له الجميع نظرة ثقة، وهو وفق القانون والأعراف مستأمن على بيانات من يتعاملون معه وعلى أموالهم.
لقد تلقى “سالم” طعنة غادرة من موظف بنك، في الوقت الذي كان يعاني فيه من خسارة تجارته، وهكذا بدأت الحكاية.
اشترى “سالم” 4 معدات عن طريق التمويل من أحد البنوك ليبدأ حياته العملية ويبني مستقبلا له ولأولاده، وبدأ العمل بهذه المعدات بعقود ضمنها مسبقا، لكن الحظ لم يكن حليفه في هذا الأمر.
بعد العمل لمدة عامين تعثر “سالم” ماديا، وأرسل خطابا للبنك أملا في الحصول على قرار بتأجيل دفع بعض الأقساط لحين مرور هذه الأزمة المالية.
اجتهد في البحث عن أعمال لتوفير مبالغ الأقساط، واضطر إلى نقل إحدى المعدات خارج مسقط وتكلف عناء النقل وتكاليفه، وعانده الحظ مرة أخرى حين تعرض لحادث سير نتيجة توقف “المعدّة” على كتف الطريق بشكل خاطئ.
دخل “سالم” في دوامة كبيرة، ووجد نفسه حائرا بين التردد على مركز الشرطة وكفالة السائق والتواصل مع شركة التأمين، واستعطاف موظف البنك لتأجيل مواعيد سداد الأقساط.
في ظل ما يعاني منه “سالم” وما يمر به من أزمات، تواصل معه شخص غريب للتفاوض على شراء المعدات، وقدم له سعرا مناسبا لكل معدة، لكن سالم لم يعرض هذه المعدات للبيع ولم يقبل عرض المشتري ولم يقتنع بكلامه، ودار في عقله أسئلة منطقية حول كيفية معرفة الشخص الغريب بما يمر به ومن أين حصل على رقم هاتفه؟!.
بعد مرور شهر، عاود الشخص الغريب اتصاله بـ”سالم”، وقدم له عرضا جديدا عن طريق تسليمه شيكات ومبلغا ماليا، وأرسل له رقم حسابه في نفس البنك الذي يتعامل معه “سالم” لتمويل المعدات.
كان “سالم” في أمس الحاجة للمال، فتواصل مع موظف البنك الذي يضع فيه كل ثقته بحكم وظيفته، واستفسر عن حساب الشخص الغريب الذي تواصل معه، لكن الموظف امتنع عن إخبار سالم بأي بيانات لأن ذلك يعد “خيانة للأمانة وإفشاء أسرار العملاء”.
ألح “سالم” في طلب بيانات حساب الشخص الغريب، ووافق موظف البنك بعد تعهد الأول بعدم إفشاء الأمر، وجاء رد موظف البنك: “حساب الشخص الغريب يتجاوز 500 ألف ريال”.
اطمأن سالم وأتم البيع، استلم المبلغ المقدم والشيكات، وحصل المشتري على المعدات، انتهت المعاملة لكن لم تنتهِ الحكاية.
بعد أشهر، وقبل أن يحين موعد استحقاق الشيك الأول، تواصل المشتري مع سالم يخبره أنه قام بإيداع المبلغ المتبقي كاملا في حسابه، وأظهر له أوراق تحويل المبلغ من بنك آخر، وطلب منه إرجاع الشيكات بحجة سفره، رفض “سالم” وطلب منه الانتظار لحين التأكد من وصول المبلغ إلى حسابه، اعترض المشتري وأظهر خوفه من استخدام الشيكات أو التعرض لمشكلات في المطار عند عودته، وأنه لا يوجد أي مبرر للاحتفاظ بالشيكات بعد سداد كل المبالغ، لكن “سالم” ظل على موقفه بالرفض.
هنا اقترح المشتري خطة بديلة بحجة إرضاء الطرفين: “يا سالم يمكنك تسليم الشيكات لطرف محايد -أي إلى موظف البنك- فإذا وصل المبلغ إلى حسابك انتهى الأمر، وإذا تأخر الإيداع تبقى الشيكات في حوزة الموظف”.
وافق سالم على الفكرة، ولكن!
اختفى المشتري، وأنكر موظف البنك صلته بالموضوع تماما! وتبين لاحقا وبعد فوات الأوان أن موظف البنك يعد قوائم للعملاء الذين يتعاملون مع البنك لتمويل شراء معدات، ويسربها لمحتالين يتعامل معهم باحترافية وبدون أن يترك دليلا واحدا.
ملاحظة: هذه القصة أحداثها حقيقية، وتم تغيير اسم الضحية.
شركة الجرادي والمعمري محامون ومستشارون في القانون
J.M@legaljm.com