يوسف بن علي البلوشي
الدخول في دوامة حوادث السيارات يشبه دخول النفق المظلم الذي لا نعرف متى نرى بصيص نوره، وذلك بسبب مراجعة شركات التأمين في محاولة إنقاذ تشبه المستجير في رمضاء خاوية.
يفقد الشخص سيارته في حادث ويدخل في غياهب إجراءات شركات التأمين ومعاملاتها، وإن كانت هي سيارته الوحيدة فإنه ينكوي بنار التنقل باستخدام سيارات الأجرة، أو البحث عن شخص متفرغ ينقله بسيارته لمراجعة شركة التأمين، أو استئجار سيارة تنقله لهذه المشاوير غير المنتهية ذهابا وإيابا.
ورغم سدادك قيمة التأمين فإنك لا تستطيع أن تستجير به من هذه الإشكالية في توفير سيارة من قبل شركة التأمين، بل عليك الانتظار لمدة تزيد عن شهر من لحظة دخول السيارة المتضررة إلى “الكراج”، وفي هذا الشهر إن استطعت تدبير حالك فأنت في الطريق السليم وإن لم تستطع فعليك استئجار سيارة باليومية لتصل خلال الشهر تكلفة الاستئجار 500 ريال تقريبا أو أقل.
ثم إن هناك فترة كبيرة لم تحتسب، وهي من وقت الحادث الذي تعرضت له السيارة إلى أن تدخل محل التصليح “الكراج”، تتضمن جلب كافة المتطلبات الورقية من صور للسيارة والحادث والأضرار ونقلها عبر سيارة نقل مركبات من موقع الحادث إلى ساحة مخصصة للحوادث في مركز الشرطة التابع للمنطقة، ومن ثم إلى محل التصليح “الكراج” بعد إنهاء كافة المتعلقات بها، كل هذا يديره المتضرر من الحادث رغم أن المتسبب والمؤمن على السيارة يضع رجله في ماء بارد ويديه في الهواء العليل ولا يكترث بشيء سوى قيامه بدفع مساهمة الحادث للتأمين والتي تبلغ في أغلب الأوقات 50 ريالا.
لماذا يتكبد السائق المتضرر كل هذا، والذي أستطيع أن أطلق عليه أنه عقاب، لأن سيارته صدمت وبدون ذنب، وكيف ترى الجهات المختصة هذه المشكلة ولا تجد لها حلا فعليا؟!، ولماذا لا يوجد القانون حلا لهذا الواقع المرير، بأن يجعل المتسبب ومن خلال شركة التأمين ملزمين بتوفير سيارة من اليوم التالي لوقوع الحادث.
لذلك يتطلب الأمر من الهيئة العامة لسوق المال أن تعالج هذه الإشكاليات، ولا تنظر إلى الجوانب التي تهم الشركات فقط، بل يجب المحافظة على قطاع التأمين بالحفاظ على حقوق المستهلكين أيضا، فهم الأحق بالرعاية والاهتمام من قِبل جهات مُناط بها إدارة هذا الأمر بنحو متوازن لا ضرر ولا ضرار فيه.
ثم إنه يجب على الهيئة العامة لسوق المال أن تنظم العملية بشكل أكبر في التعاطي مع المسألة، وهي أن بعض شركات التأمين لا يوجد لها محلات تصليح في الولايات، مما يجعل صاحب السيارة المتضررة مضطرا لنقل سيارته إلى ولاية أخرى، متحملا كل التبعات من تنقلات وغيرها لمتابعة عملية تصليح سيارته.
وفي ظل كل هذه الإشكاليات، لم تستطع الهيئة إلى الآن إجبار الشركات على توفير محلات تصليح فائقة الجودة في كل الولايات، وهذا بحد ذاته أيضا عقوبة أخرى ينكوي بها المتضرر في حال أن سيارته نقلت للتصليح في ولاية أخرى مثلا.
معاناة أخرى نواجهها، وهي التعويض الصحي الذي يتم تقييمه بعد فترة من إنجاز موضوع الحادث لتعويض السائق عما أصابه نتيجة الحادث، حيث يتم تقييم الإصابة التي عانى منها المتضرر بعد فترة من الحادث، ودفع مبلغ زهيد له بعد أن يكون قد دفع مبالغ كبيرة في الكشف والعلاج بالمستشفيات الحكومية أو الخاصة، فماهي معايير التقييم؟، ولماذا يتم تقييم ذلك شفهيا؟ وإن رفض الطرفان يتم الإحالة للقضاء والدخول في عالم آخر وخندق جديد من مسار الحادث، وهذا يجب أيضا أن تراعيه شركات التأمين وتراقبه الجهات المختصة.
كل هذا وذاك على الجهات المختصة أن تراعي المعطيات الحالية والسرعة في نمو السيارات والسائقين وكثافة المركبات وأيضا مناسبة القوانين للتطورات والمستجدات والنمو.