الكاتب: جابر العماني
المرأة والرجل هما أساس الأسرة وعمادها في المجتمع، إلا أن الرجل بسبب خلقته وتكوينه البدني والنفسي والعقلي لابد أن يتحمّل المسؤولية داخل نطاق الأسرة.
إن الله تبارك وتعالى خلق الرجل والمرأة، وهو خبيرٌ بما لهما وعليهما والقرآن الكريم يشير ويؤكّد على مسؤولية الرجل في بيانه تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) سورة النساء آية 34.
والله عز وجل جعل القوامة للرجل، لذا حمّله مسؤوليات جسام؛ فالرجل هو المسؤول عن إدارة الأسرة وعن تأمين كل ما تحتاجه، من حيث الإنفاق والتفكير الجدي في كل ما يجعل منها أسرة سعيدة وصالحة وناجحة في المجتمع.
ولأن الرجل هو المسؤول الأول عن صلاح أسرته فعليه تتوقف سعادة أسرته وشقاؤها. يقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: “الرجل راعٍ على أهل بيته وكل راعٍ مسؤول عن رعيته”. وهنا على الرجل أن يعلم أن القوامة مسؤولية ملقاة على عاتقه، بمعنى أنه سيسأل عن مهامه والتزاماته مع أسرته في اليوم الموعود.
وكما أنه مسؤول عن أسرته فهو مسؤول بالدرجة الأولى عن زوجته التي لابد أن يعترف دائما بإنسانيتها، فالزوجة بالأمس واليوم والغد والمستقبل تساوي الرجل في الكرامة الإنسانية.. لها حقوقها كما أن عليها واجبات، فليس من حقّ الرجل أن يعاملها كخادمة أو يعاملها بالمعاملة التي لا تليق بمقامها، بل يجب أن يجعلها رفيقة الدرب، فالمرأة دائما هي من تصنع نجاح الرجل (وراء كل رجل عظيم امرأة).
فالعلاقة السليمة والناجحة هي علاقة الحب والترابط والألفة التي ينبغي أن تسود الحياة الزوجية والأسرية، لا علاقة السيد بالعبد أو المالك بالمملوك، والخالق -جلَّ وعلا- صرّح في كتابه العزيز بقوامة الرجل لحكمةٍ مؤكدةٍ ومصلحةٍ هامةٍ لبناء الأسرة، يقول تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) سورة البقرة آية 228.
إن الأسرة هي المكان المقدس وهي الوحدة الاجتماعية الأكثر حساسية، لذا فإنها بحاجة ماسة إلى وجود المدير والمسؤول الذي يستطيع حل مشاكلها حتى لو بلغ التفاهم بين المرأة والرجل حد الامتياز؛ ولكن وجود المسؤول العاقل الذي يزن الأمور بالحكمة والإنصاف لابد منه؛ فالأسرة لابد أن يوجد فيها العقل المدبّر، الذي تكون له الكلمة النافذة والحاسمة والطيبة “ولأن الرجل بطبيعته لا يسيطر عليه الجانب العاطفي، ولأنه في مأمنٍ من العاطفة، ولأنه غالبا ما ينظر إلى الأمور بعمقٍ فقد عهد الله سبحانه إليه مسؤولية عظيمة وهي القوامة في الأسرة (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )” وهنا علينا جميعا أن ننظر إلى الرجل كقيّم ومسؤول عن الأسرة، وهذه النظرة يجب ألا تكون تحقيرًا للمرأة، بل علينا أن ننظر إليها كالقلب النابض؛ فإن سلمت الأسرة وسلم بناؤها فعند ذلك نستطيع خلق أفراد ناجحين في بناء المجتمع الصالح، البعيد عن التمزق والتفرقة والانحطاط الأخلاقي، فالمسؤولية الأولى ملقاة على الرجل بحكم أنه المسؤول الأول عن الأسرة وبعده تأتي المرأة التي لها دورها الكبير في بناء الأسرة من خلال التربية الصالحة، فالمرأة هي الأم التي من خلالها صنعت الأجيال وبني المستقبل، فالمرأة والرجل شريكان لحياة أفضل، شعارها الحب والحوار والتفاهم بين الزوجين من أجل بناء أسرة صالحة عارفة بأهمية المسؤولية الملقاة على عاتقها.