فايزة محمد
زيادة متسارعة في أعداد المصابين بفيروس كورونا شهدتها السلطنة في الأيام الأخيرة، حتى سجلت وزارة الصحة 124 حالة وفاة خلال 5 أيام فقط، ما يعد أكبر حصيلة تسجلها السلطنة في هذا العدد من الأيام منذ بدء الجائحة.
هذه الزيادة في عدد الوفيات قابلها أيضا زيادة قياسية في أعداد المرقدين، فحتى يوم الأربعاء الموافق 16 يونيو 2021 وصل إجمالي عدد المنومين في المؤسسات الصحية بالسلطنة 1282 حالة من بينهم 383 في العنايات المركزة، وهذه الحصيلة تعتبر قياسية أيضا منذ بدء الجائحة.
ماذا يحدث؟! لماذا وصل الأمر إلى تسجيل هذه الأرقام القياسية بعد أن شهدنا في الأسابيع الماضية تراجعا ملحوظا في أعداد الوفيات والمصابين والمرقدين؟ خاصة بعد أكثر من شهر من منع الحركة الليلية، حتى أن كثيرا من المواطنين أصبحوا لا يتابعون الإحصائية اليومية التي تنشرها وزارة الصحة عن أرقام الإصابات والوفيات والمرقدين والمتعافين، لأنهم اطمأنوا أن الوضع الوبائي يتراجع شيئا فشيئا، وانتشر التفاؤل بين الجميع بقرب عودة الحياة الطبيعية بعد أكثر من عام ونصف من قرارات الإغلاق المتتالية والعيش تحت رهبة الفيروس والخوف من الوقوع فريسة لجبروته.
لكن ارتفعت الأرقام بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار، فما الذي حدث؟ هل كان انخفاض الأرقام بعد عيد الفطر المبارك سببا في إقناع كثير من المواطنين بنهاية الفيروس وأنه لا خطر عليهم بعد اليوم، ولذلك لا حرج عليهم من إقامة التجمعات والزيارات العائلية وإهمال لبس “الكمامات” وعدم الحرص على تحقيق التباعد الاجتماعي؟! أم أن هناك أسبابا أخرى لذلك الأمر؟.
بعد الارتفاع المفاجئ للإصابات تعالت الأصوات في بعض وسائل التواصل الاجتماعي مطالبة اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا “كوفيد-19” بالعودة إلى الإغلاق ومنع الحركة مجددا، والغريب أن كثيرا من هذه الأصوات هي نفسها التي كانت تطالب اللجنة العليا سابقا بضرورة فتح الأنشطة التجارية وإلغاء قرار منع الحركة.
قد تكون قرارات منع الحركة سابقا أسهمت في التقليل من الإصابات ولكنها ليست الحل السحري للتقليل من الوفيات والإصابات، فالواجب على الإنسان أن يبادر بنفسه ويلتزم بتوجيهات الوقاية من الإصابة ولا ينتظر من الحكومة أن تقوم بذلك بدلا عنه، فكون أن اللجنة –ولأسباب اقتصادية- قد ألغت قرار منع الحركة وأمرت بفتح الأنشطة التجارية وارتياد الشواطئ والمتنزهات، فهذا لا يعني أن يدخل الفرد في الأماكن المزدحمة أو يهمل الإجراءات الوقائية.
لذلك فإن الوقاية من الفيروس هو قرارك أنت وحدك ولا يستطيع أي شخص أن يتخذه بدلا عنك، فلست مجبرا بتلبية دعوة على العشاء وأنت تعلم أن الأعداد ستكون كبيرة، ولست مجبرا أن ترتاد الشواطئ عندما تلاحظ وجود زحام شديد، لست مجبرا على ذلك كله خاصة إذا كنت تعلم أن ذهابك إلى هذه الأماكن قد يتسبب في إصابتك بالفيروس ولو بنسبة بسيطة.
وبغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى هذه الزيادة في عدد الوفيات والإصابات فإن الأسابيع الأخيرة شهدت –ولله الحمد والمنة- وصول كميات كبيرة من اللقاحات المضادة لـ”كورونا” إلى السلطنة، وبدأ المواطنون بالتوافد على مراكز التطعيم في مختلف المحافظات للحصول على اللقاح.
وبحسب آخر إحصائية نشرت بتاريخ 16 يونيو 2021 فإن إجمالي المُطعّمين باللقاحات المُضادة لفيروس كورونا في السلطنة وصل إلى 535 ألفًا و578 شخصًا منذ بداية الحملة الوطنية للتحصين ضد “كوفيد-19″، بنسبة 15% من إجمالي المستهدفين، ومن المنتظر أن تزيد الأعداد في الأسابيع المقبلة خاصة بعد أن أعلنت وزارة الصحة أنها ستقدم خدمة التحصين ضد “كوفيد-19” بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض ابتداء من يوم الأحد 20 يونيو.
ويجب أن نوجه الشكر للطواقم الطبية على المجهود المضاعف الذي يبذلونه هذه الأيام، يجب أن يروا منا كل الدعم والالتزام فهم خط الدفاع الأول ضد هذا الوباء، ويجودون بأرواحهم لإنقاذنا وتخفيف آلامنا.
إذن، فالمطلوب في الأسابيع المقبلة أن يتكاتف الجميع للعمل معا من أجل الوقاية من الفيروس عن طريق الاهتمام أكثر باتباع الإجراءات الاحترازية وخاصة تجنب التجمعات بأشكالها المختلفة، وللأسف الشديد فرغم التحذيرات التي تتكرر دائما من الجهات المختصة فإن الزيارات والتجمعات العائلية مستمرة بدون الالتزام بالتباعد أو لبس “الكمامة”، مما جعل من هذه التجمعات أحد أسباب انتشار الفيروس.
وكذلك ينبغي تجنب الرسائل السلبية التي تمتلئ بها وسائل التواصل الاجتماعي، وبث روح التفاؤل في نفوس الناس وتشجيعهم على التطعيم باللقاحات المضادة للفيروس، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها من جديد.