حمدان بن علي البادي
مساحة الحرية التي يمارسها بعض المغردين العمانيين على تويتر هذه الأيام في التعبير والتفاعل مع القضايا اليومية، كفيلة بأن تؤسس لأسلوب نقدي أكثر وعياً مع قادم الأيام وبما يشبع غريزة النقد الفطرية لدى الإنسان، للوصول إلى اتزان وواقعية في الطرح وإبداء الرأي بعيدا عن أي مؤثرات خارجية أو دوافع ذاتية وإثارة الإعجاب والحصول على عدد كبير من إعادة التغريد وخاصة لدى الرواد الجدد لمنصة تويتر.
ومن الملاحظ أن الأسماء التي تأسست على المنتديات الإلكترونية في بداية الألفية الجديدة التي كانت تمارس حريتها في الكتابة تحت أسماء مستعارة، أصبحت اليوم أكثر حرصا في انتقاء الكلمات التي تعبر عن رأيهم خاصة إن أسمائهم وصورة الشخصية تعبر عن حساباتهم ولهم شريحة واسعة من المتابعين الذين يثقون في رؤاهم وأفكارهم، وهي شريحة يهتم لشأنها المغرد وبنت بينهم مع مرور الأيام نوعا من الثقة والاهتمام حتى وإن قال رأيه فيما يختلف مع رأي الآخرين.
وحتى لا تتحول هذه المساحة من الحرية إلى ساحة للصراع وتصفية الحسابات وتبادل التهم وتجيش الآخرين على بعضهم البعض، أعتقد إن على من يشكلون قوة مؤثرة دور في تعزيز هذا المساحة من خلال تجنب البلوك والابتعاد عن الألفاظ الجارحة التي تقال بمناسبة أو دون مناسبة، واحترام الرأي والرأي الآخر حتى وإن اختلفنا معه والابتعاد عن الكلمات السوقية التي لا تقال وأيضا ما يمس الأشخاص لا أفكارهم، وقد انعكس أثر هذه السلوكيات في وأد بعض الأفكار قبل أن تأخذ حقها من النقاش، وعزوف بعض المغردين والشخصيات المسؤولة عن ارتياد هذه المواقع أو حتى التعبير عن أفكارهم.
نتفق أن للجميع الحق في قول ما يراه مناسب واستغلال المساحة الخاصة به دون أن يتعدى على الآخرين، وعلى رأي الكاتب الفرنسي مونتسكيو ” تنتهي حرية الفرد عندنا تبدأ حرية الآخرين”، لذا ليس المطلوب منا أن ندخل في صراع مع الآخرين وأن نغذي تغريداتنا بالقول الفاحش، خاصة للذين يتسترون خلف أسماء وهمية للنيل مع من لا يروقون لهم.
استقلالية الرأي أيضا مطلوبة حتى وإن جاءت في سياق الوسم المتصدر في تلك اللحظة، وعلى المغرد أن يكون مدرك لما يكتب وقادر على الدفاع عن الفكرة والتفاعل مع مختلف الردود وعدم الانسياق وراء الرائج دون أن تكون للمغرد وجهة نظره الخاصة وكأنه دمية تحركها حسابات مجهولة للتفاعل مع ما يطرح.
وفي النهاية “ما يلفظ من قولا إلا لديه رقيب عتيد”، وقد يكون هذا الرقيب في الدنيا وسيدينه حتما في أي لحظة إن لامست رؤاه الآخرين وقال ما لا يوجد فيهم، وكثيرة هي الاعتذارات التي انصتنا لها وبعضها بمبررات واهية، والفكرة مهما بدت غريبة عن وعينا يجب أن يرد عليها بالحجة والفكرة المقابلة لها.