العمانية: انطلقت اليوم أعمال المؤتمر الدولي السادس “علاقات عمان بدول المحيط الهندي والخليج خلال الفترة من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر”والمعرض الوثائقي المصاحب الذي تستضيفه دولة الكويت الشقيقة والذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وتستمر مدة ثلاثة أيام.
رعى حفل الافتتاح معالي الشيخ علي جراح صباح الصباح نائب وزير شؤون الديوان الأميري بتكليف من سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت بحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وذلك بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي.
وقال معاليه في كلمته خلال حفل الافتتاح إن تبني المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب فعاليات هذا المؤتمر وأنشطته المصاحبة واستضافته على أرض الكويت يأتي إيمانا منه بأهمية استجلاء الحقائق التاريخية لكونها عملا ذهنيا لا يتوقف، استنادا الى أن العديد من الأحداث التاريخية تتطلب المزيد من التحقيق والدرس مع مرور الوقت وتقدم الزمن وذلك بسبب شغف الانسان بالعلم وتعلقه بالحقيقة.
واضاف معاليه ان لمنطقة الخليج العربي تاريخا عريقا ضاربا في القدم بفضل الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تحظى به؛ حيث إنها تشكل حلقة وصل وقاطرة علاقات بين قارات آسيا و إفريقيا و أوروبا، فضلا عن الحضارات القديمة و الحديثة التي توالت على أرضها و تفاعل سكانها مع المحيط الإقليمي و الدولي عبر العديد من الأنشطة الاقتصادية و العمرانية والتجارية والبحرية والتفاعل الحضاري مع الشعوب الأخرى. مؤكدا معاليه على أن للسلطنة دورا أساسيا في هذا التفاعل و التطور الذي ساهم عبر قرون في رسم مسارات العلاقات بينها و بين دول المحيط الهندي و منطقة الخليج و هو الموضوع الذي يبحثه هذا المؤتمر .
وأوضح معالي نائب وزير شؤون الديوان الأميري بدولة الكويت إن لمثل هذه المؤتمرات المهمة دورا كبيرا في استحضار الأهمية الاستراتيجية لموقع منطقة الخليج الإقليمي، اذ يجب ان تكون قاعدة أوليه لإعادة فهم العلاقات السياسية والتاريخية بين دول المحيط الإقليمي الذي نتحرك فيه اليوم، وفرصة لإعادة تشكيل منظور جديد لأهمية المنطقة مع العالم أجمع استنادا الى ما تحظى به من إرث حضاري وقوة اقتصادية، وتاريخ راسخ بين حضارات الأمم الأخرى. مشيرا معاليه الى ان مسألة تعزيز الهوية الوطنية لدى الشعوب لا تتأتى إلا بتقديم صورة تاريخية وعلمية واقعية عن ماضيهم وعن حركة الانسان في المنطقة عبر الأزمان والحقب التاريخية لمختلفة، ليكتشف من خلاله انسان اليوم المكانة المهيبة التي كان أسلافه يتمتعون بها بين شعوب المنطقة وفي مختلف المجالات.
واختتم معاليه كلمته بالقول إن الأهداف التي خطها المؤتمر تصب في هذا الهدف استنادا الى تحليل الابعاد التاريخية والحضارية للعلاقات العمانية مع دول المحيط الهندي والخليج وإلقاء الضوء على التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في المنطقة الجغرافية.
من جانبه قال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في كلمته خلال حفل الافتتاح ان انعقاد هذا المؤتمر الذي حظي بالمباركة السامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-في دولة الكويت الشقيقة انطلاقاُ لما تمثله علاقات الصداقة والتواصل التي تجمع بين سلطنة عُمان واشقائها وأصدقائها.
واضاف بان عمان عبر تاريخها الكبير أنتجت فكراً وثقافة وضربت أروع الأمثلة في التسامح واحترام الغير وساهمت في دعم رسالة الإسلام منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما بزغ فيها علماء أنتجوا علماً في مختلف المجالات ونبغ العمانيون في علم الفلك الذي كان له دور كبير في بناء أساطيل بحرية شقت عباب البحار واكتشفت طرقاً ومسارات بحرية ساهمت في تطور التبادل التجاري عبر القارات وكان لهذه الحنكة البحرية دور رائد في التواصل مع مختلف حضارات العالم وبث رسالة الإسلام.
وقد تضمنت الجلسة الأولى من اليوم الأول سبع أوراق عمل متنوعة ترأسها الأستاذ الدكتور الميزوري العروسي، حيث قدم الأستاذ الدكتور بنيان سعود تركي، أستاذ التاريخ الحديث بقسم التاريخ كلية الآداب بجامعة الكويت، أول ورقة عمل بعنوان ” نواخذة الكويت في مسقط وشرق أفريقيا ” نماذج مختارة (1896-1918م)، تطرق فيها إلى دراسة العلاقات التجارية وتطورها بين الكويت ومسقط وشرق أفريقيا، خلال الفترة من تولي الشيخ مبارك الصباح مقاليد الحكم في الكويت حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، أي من 1896-1918م.
وتناولت الورقة الثانية “جهود الإمام سلطان بن سيف اليعربي في تحرير المحيط الهندي والخليج العربي من الاستعمار البرتغالي (1649م-1679م) وأثره على التبادل التجاري” للدكتور سعيد بن محمد الهاشمي أستاذ مشارك للتاريخ الحديث والمعاصر جامعة السلطان قابوس، حيث ظهور دولة اليعاربة على المسرح السياسي في بداية الربع الثاني من القرن السابع عشر الميلادي.
أما الورقة الثالثة للشيخ الدكتور عبد الله بن علي آل خليفة – دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية من جامعة محمد الخامس مملكة البحرين-التي كانت بعنوان “تواجد الأسطول العُماني في البحرين والخليج العربي”تحدث فيها عن قوة عُمان وامتلاكها لأسطول بحري كبير متفوقة على كثير من الدول الإقليمية، وأن تكون لها الريادة والسيادة في بحر الخليج العربي شمالاً وبحر عُمان وبحر العرب مع تمددها غرباً باتجاه القارة السمراء (الأفريقية) وشرقاً لشبه القارة الهندية.
وتناولت الورقة الرابعة للدكتور بدوي رياض عبد السميع / مدرس معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة / والتي كان عنوانها “بندر عباس في العلاقات العُمانية الفارسية (1798-1868)” / أهمية ميناء بندر عباس الاستراتيجية والتجارية الكبيرة لربطه بين الخليج والمناطق الفارسية الأفغانية الداخلية، كما كان يُعد بوابة فارس على العالم الخارجي.
من جانب آخر كشف الأستاذ الدكتور مولامبار امبيل حسين إلياس، الأستاذ الجامعي والمدير في المركز الثقافي العربي الهندي من خلال ورقة العمل الخامسة بعنوان ” الروابط البحرية بين عُمان وساحل مليبار من خلال السجلات التاريخية لحياة الأفراد” عن أن أعمال التنقيب الأخيرة في منطقة باتانام في ولاية كيرلا الهندية عن وجود عدد من الأدلة المادية التي تكشف بعض أوجه العلاقات التجارية التي كانت سائدة بين جنوب الهند من جهة والعالم العربي بما في ذلك عُمان.
و جاءت الورقة السادسة بعنوان ” مشهد في قراءة من العلاقات بين الامام أحمد بن سعيد وشبه القارة الهندية في القرن ١٨م” للدكتور جمعة البوسعيدي مدير عام البحث وتداول الوثائق بالهيئة، واختتمت الجلسة الأولى بالورقة السابعة للأستاذ الدكتور إبراهيم سعيد البيضاني بعنوان “الملاحة الأمريكية في المحيط الهندي والخليج العربي خلال القرن التاسع عشر وتأثيرها على العلاقات العُمانية الأمريكية” تحدث فيها عن الملاحة الأمريكية في الخليج العربي وتوثيق العلاقات التجارية والسياسية مع عُمان والذي يأتي في إطار الأهمية التي يحظى بها الخليج العربي في منطقة المحيط الهندي، فضلا عن أهمية مضيق هرمز .
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور سعيد بن محمد بن سعيد الهاشمي في المحور الأول ” التاريخي السياسي ” قدم الأستاذ الدكتور عصام السعيد أستاذ التاريخ بكلية الآداب بجامعة الاسكندرية ورقة بعنوان ” آلبوسعيد والقواسم دراسة في علاقات عُمان بمشيخات الساحل بين الثبات والتغير (1738-1819م). وجاءت الورقة الثانية عبارة عن دراسة وثائقية بعنوان ” الوجود العُماني في الموانئ الفارسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ” للدكتورة بدرية بنت محمد بن شامس النبهانية مشرفة مادة التاريخ بوزارة التربية والتعليم بمسقط.
وقدم الأستاذ الدكتور عبدالحميد عبدالجليل شلبي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر ورئيس قسم التاريخ بجامعة الازهر فرع المنصورة بجمهورية مصر العربية ورقة حملت عنوان ” توجهات السياسة الخارجية لُعُمان تجاه الخليج والمحيط الهندي في النصف الأول من القرن التاسع عشر ” حيث لخص حديثه بأن منطقة الخليج العربي والمحيط الهندي قد شهدت العديد من الأحداث السياسية، والاقتصادية، والعسكرية منذ مطلع العصور الحديثة، وكانت عُمان بحكم موقعها الجغرافي المتميز، والاستقرار الذي كانت تتمتع به، إلى حد كبير، في قلب الأحداث، مكنها من أن تقوم بدورٍ في مواجهة القوى الكبرى وفي أحداث المنطقة .
واختتمت الجلسة الثانية لليوم الاول بورقة عمل بعنوان ” النشاط التجاري البحري للعُمانيين وأهل الخليج العربي في القرنين 17 و18م قدمها حمود بن حمد بن جويد الغيلاني خبير مديرية الآثار والثقافة بوزارة التراث والثقافة.
وعلى هامش المؤتمر تم افتتاح المعرض الوثائقي المصاحب والذي اشتمل على300 وثيقة وصورة تسرد المكانة التاريخية لعمان وعلاقاتها بالمحيط الهندي والخليج العربي.