حوار مع صاحب أول متجر لبيع الكتب المترجمة في السلطنة
زكي الحجري: أنا متفائل في وجود مستقبل واعد لتجارة الكتب في السلطنة
أجرى الحوار: فايزه محمد
في العاشر من أكتوبر سنة 2016 كان عشاق المعرفة في السلطنة على موعدٍ مع افتتاح أول متجر في البلاد متخصص في بيع الكتب المترجمة فقط، وأذكر بأنني في زيارتي الأولى ل”متجر 234 لبيع الكتب” تفاجأت من نوعية الكتب المعروضة في المتجر؛ حيث كانت كتبا نوعية، حتى أن من يدخل المتجر يحتار من أين يبدأ وكيف ينتهي، فجميع الكتب تحمل عناوين مهمة وجذّابة للقارئ، فهنا تجد مؤلفات نيتشه، وهايدجر، وهرمان هسه، والبرتو مانغويل، والكتب التي تتحدث عن جلال الدين الرومي، ودواوين سعدي الشيرازي وسنائي غزنوي، ومؤلفات العارف الصوفي فريد الدين العطار، وكتب النقد الأدبي، وأحدث الكتب التي قامت المنظمة العربية للترجمة بترجمتها من اللغات الأجنبية، باختصار، المتجر يوفر لك كل ما تريد من المعرفة.
ولأهمية المتجر وطابعه النخبوي والأسباب التي جعلت من الشاب زكي الحجري يتجه إلى عالم بيع الكتب، اتجهت صحيفة “شؤون عمانية” إلى المتجر للقاء صاحبه زكي الحجري لمحاولة الحصول على إجابة لبعض هذه الأسئلة، مع أننا نعلم جيدا أنه في حضرة الكتاب فلا نستطيع الحصول على أجوبة، فالقراءة كما يقول ألبرتو مانجويل ضرورية للحياة كالتنفس، وهل يستطيع الإنسان أن يسأل إنسانا آخر كيف تتنفس؟ وماذا تستفيد من التنفس؟.
كيف فكرت في هذا المشروع خاصة وأنك تعرف بحكم علاقتك القديمة بالكتاب والمكتبات أن الدخول في عالم بيع الكتب هو أشبه بالمغامرة لاسيما في العالم العربي – الذي يعاني من انخفاضا كبيرا في القراءة – وليس في السلطنة فقط؟
-جاء تفكيري في هذا المشروع من واقع شغفي بالقراءة والاطلاع على كل جديد في عالم الكتب، فقد كنت زبونا دائما على الكثير من مكتبات مسقط في ثمانينات وتسعينات القرن المنصرم قبل أن يقوم أصحابها بإغلاقها لأسباب مختلفة، كما كنت دائم التردد على معارض الكتب في مسقط والشارقة وأبوظبي وقد أتاح لي ذلك الفرصة للتعرف إلى أصحاب الكثير من دور النشر العربية المختلفة، ثم بعد إغلاق العديد من المكتبات في محافظة مسقط وتحول بعضها إلى مجال بيع القرطاسيات والدفاتر المدرسية فكرت أن أبادر إلى إنشاء هذه المكتبة.
ما هي الصعوبات والعراقيل التي واجهتها في سبيل إنشاء هذا المتجر لبيع الكتب؟
-صيغة سؤالك تفترض أني واجهت عراقيل وصعوبات حتى يخرج هذا المشروع إلى النور، وفي الحقيقة أنني- والحمد لله- لم أواجه أي مشكلة مادية أو معنوية، بل استطعت بكل سهولة ويسر فتح هذا المتجر، وحصلت على الترخيص من وزارة الإعلام بسهولة أيضا.
كيف راعيت اختيار الكتب؟
-من خلال خبرتي في عالم الكتب والمكتبات التجارية وبحكم علاقتي القديمة بهما استطعت أن أكوّن خبرة لا بأس بها في هذا المجال، وقد رأيت أن أذواق القراء تختلف ما بين كتب الرواية والفكر والفلسفة وعالم الطفل والنقد الأدبي وغيرها، ورأيت أن الإصدارات المترجمة تغطي جميع هذه الحقول المعرفية، ولذا اخترت أن أركز على بيع الكتب المترجمة فقط؛ لأنها تغطي جميع أذواق القراء، وتواصلت مع بعض المؤسسات الثقافية في العالم العربي التي أخذت على عاتقها ترجمة الآداب من اللغات المختلفة، مثل: المركز القومي للترجمة في مصر، ومشروع كلمة في أبو ظبي، والمنظمة العربية للترجمة في بيروت، وغيرها، من أجل شراء الكتب منها وعرضها في المتجر، والحمد لله فلا يزال الإقبال عليها كبيرا من القراء وعشاق المعرفة.
لماذا أطلقت على المتجر اسم 234؟
الاسم جاء على خلفية اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف الذي يصادف تاريخ23/4 من كل عام.
ما هي أكثر شرائح المجتمع التي تتردد على المتجر؟
-الذين يرتادون على المتجر هم من جميع شرائح المجتمع، فهناك المشتغلون في عالم الفكر والأدب والشعر؛ الذين يترددون على المتجر لاقتناء آخر الإصدارات الأدبية والفكرية والشعرية، وهناك الطلبة من الجنسين الذين يحرصون على اقتناء بعض الإصدارات والمراجع التي يستعينون بها في الدراسة والبحوث، وهناك عشاق المعرفة من جميع شرائح المجتمع الذين يحرصون على متابعة كل جديد في عالم المعرفة.
ما هي أكثر الكتب التي تباع في المتجر؟
-لا تزال الروايات تحتل نصيب الأسد من الإقبال من القراء، ثم كتب الفلسفة والأديان والتصوف، خاصة كتب مولانا جلال الدين الرومي؛ فهي تشهد إقبالا كبيرا من القراء.
ما رأيك أن تحدثنا عن علاقتك بالكتاب؟
-لقد ارتبطت بعلاقة وثيقة مع الكتاب منذ الصغر، حيث كنت أحرص على الاستفادة من الكتب التي كانت تحتويها مكتبة الوالد -رحمه الله- في البيت، حيث كان -رحمه الله- يملك مكتبة كبيرة تضم كتبا مختلفة في الفقه والأصول والعقيدة والتصوف والتراث العربي، مثل: العقد الفريد، ومعجم البلدان، وغيرها، ومن حسن حظي في تلك الفترة أن أخي الأكبر كان يدرس في القاهرة، وكان والدي -يرحمه الله- يوصيه دائما أيام الإجازات أن يأتي إلينا بكل جديد تخرجه المطابع المصرية، وكنت أستفيد كثيرا من قراءة تلك الكتب وخاصة الأدبية، حتى أننا كنا في البيت ننتظر بكل شغف إجازات أخي حتى نظفر بالكتب.
هل تعتقد أن هناك مستقبلا لتجارة الكتب في السلطنة؟
-أنا متفائل في وجود مستقبل واعد لتجارة الكتب في السلطنة، فالمؤشرات التي يمكن الاستناد إليها هنا هي أرقام مبيعات معرض مسقط للكتاب قياساً مع معارض عربية أخرى، وعدم اكتفاء عدد ليس بالقليل من المواطنين بمعرض مسقط، وزيارتهم لمعارض الكتب الأخرى في المنطقة، وحجم التسوق الالكتروني للكتاب أيضاً مؤشر إيجابي على الرغبة في الحصول على الكتاب.
يبقى التحدي الذي واجهته مثل هذه المشروعات هو تحدي “الاستمرار” وهو هدف من المناسب أخذه في عين الاعتبار عند تشغيل المشروع.
بصفتك من الشغوفين بالمعرفة والكتب، فما هي الكتب التي تستهوي زكي الحجري؟
-أنا الآن أقرأ رواية بعنوان “شباب بلا إيمان” للروائي النمساوي أودن فون هورفات، وقد ظهرت هذه الرواية سنة 1937، وهي كما هو مدون في الغلاف الأخير من الرواية من أواخر ما كتب هورفات، وقد ترجمت إلى كثير من اللغات العالمية، وعندما أنتهي من قراءة هذه الرواية الجميلة ربما أبدأ بقراءة كتاب فكري، أو في التصوف والعرفان، وأقصد من ذلك أنه لا يوجد لدي ميل إلى حقل معرفي معين، وإنما أقرأ الكتاب الممتع، الذي يقدم لي جديدا في عالم المعرفة، سواء كان في الرواية أو الفكر أو الشعر أو التصوف.
بعد القراءة، ثم الاتجاه إلى بيع الكتب، ألا تعتقد أنه آن الأوان لكي تدون تجاربك مع الكتب والمعرفة؟
-لم أفكر حتى الآن في الدخول إلى عالم الكتابة، فما زلت أعدُّ نفسي قارئا فقط.