منى بنت سالم المعولية
رأت طريق الكتابة والأدب سانح ويسلكه كل من أراد اختصار طريق الوصول، وصرنا في زمن يبيع فيه الكاتب قلمه ويعرضه في سوق المتطفلين، يترك فلذات أفكاره تتقاذفها الآيادي العابثات، قصاصة من ورق، أو كلمات كتبتها شخصيات تركت الساحة لمن أراد الحضور والصيت والشهرة، وبجانب نقوش المقال المستعار من كاتب الظل، بروزت صورة ترمم نقص الذات التائقة إلى إثبات بصمة الوجود.
إن كنت تريد كشف اللثام عن الكاتبة أو الكاتب المزيف فاستدعه في حضرة الميدان، وادعه للنزال ارتجالاً، سيتكشف لكم وابل من المفاجآت تلجم أفكاركم بالدهشة، تصغر الذات وتتضخم الخطيئة حين تصف كلمات على لسانك لا دخل لملكتك فيها، فالكتابة موهبة، والكتابة ملكة، والكتابة روح نابضة لكاتب محدد تترجم أفكاره هو تجاه الأشياء لايمكن أن يتقمصها أو تتقمصها روح لا تدرك معانيها.
فالكاتب الحقيقي هو ذلك الذي يجعلك تظن أنه يتحدث بلسانك، دون أن تضطر إلى التفتيش داخلك، أو ترتيب مشاعرك، أو التلبك بعرق جبينك، كي توصل رسالتك، إن الكاتب الحقيقي هو ذاك الذي في حضرة الألم يكتبك، فإذا غاص الكاتب في أعماق الظل وامتهن غيره كلماته ستجد الكلمات ساخطة، تلوح لعيون قارئها تشتكي ضيم منتحلها برغم رضا كاتب الظل عن تقمص كاتب مستأجر لكلماته، وبرغم انحسار المجتمع القارئ، وتراجع أعداد القراء إلا إنه مازال هناك من يغوص في التفاصيل ويستطيع التفنيد بين الكاتب وظله.
لا أعلم لماذا استفزتني مشاعر الكتابة عن هذا الموضوع ولكن ربما هي دعوة للكاتب الحقيقي ألا يترك المجال فارغاً لمن يصطاد اللايكات، أو متسول الشهرة أن يصعد على أكتافه، فأنا دائما أردد: “كتاباتنا كأبنائنا ولا نرضى أن تُنسب إلا لنا”.