المحامي محمد بن سعيد المعمري
منذ بداية النهضة المباركة، اعتمدت سياسة الدولة على بناء الإنسان كحجر الأساس لتحقيق الوحدة الوطنية، بدءاً من الأسرة والمدارس وصولًا إلى المؤسسات الحكومية، حيث كان التركيز دائمًا على غرس الأفكار السليمة في النشء ومناهضة الأفكار الضالة، لضمان مجتمع قوي ومتماسك.
ولكن في الآونة الأخيرة، برزت تحديات جديدة تتطلب تعزيز هذه السياسات لضمان فعاليتها واستمراريتها.
تابعت باهتمام ردود الفعل في المجتمع الأوروبي تجاه قضايا الهجرة غير الشرعية واللاجئين، واعتقدت أحيانًا أن هناك مبالغة أو تفسيرات تحمل طابعًا عنصريًا.
لكن مع مرور الوقت، بدأت تظهر تحديات مشابهة في مجتمعنا، خاصة في المدارس، حيث تزداد الحاجة إلى توفير بيئة تعليمية تستوعب احتياجات الطلاب الوافدين في السنوات الأخيرة من دول عربية، الذين جاؤوا من خلفيات متنوعة.
فيما يتعلق بظاهرة التسول التي بدأت تظهر في مجتمعنا، ناشدت الجهات المعنية بالتدخل السريع لمنع تحولها إلى ممارسة روتينية قد تُعتبر مستقبلاً وسيلة كسب مشروعة تُبررها ظروف المحتاج وتعاطف المجتمع، ويتضح أن التحدي الأكبر يتمثل في المدارس، إذ تشير تقارير عديدة إلى احتمالية تفاقم الوضع إذا لم تُوفر برامج تأهيلية وتوعوية لهؤلاء الطلاب قبل دمجهم في النظام التعليمي.
غالبًا ما يحمل هؤلاء الطلاب معهم تحديات نفسية وسلوكية وثقافية تعكس تأثير بيئاتهم السابقة، مما يؤدي إلى زيادة التوترات وصعوبات التكيف داخل بيئة المدرسة، وبات من الضروري تقديم الدعم الملائم لتسهيل اندماجهم وضمان بيئة تعليمية آمنة ومستقرة للجميع.
تشير التقارير أيضاً إلى بعض الظواهر السلوكية المثيرة للقلق، مثل ارتفاع معدلات التدخين بين طلاب الحلقة الثانية، مما يستدعي تعزيز برامج التوعية والرقابة المدرسية، وأما في الحلقة الأولى، فهناك تحديات إضافية تتمثل في الطلاب الأكبر سنا الذين يعانون من صعوبات في التكيف مع المستوى الدراسي، مما قد يؤثر على الأطفال الأصغر سناً ويشكل تحديات سلوكية.
لذا؛ نحن بحاجة ماسة إلى توعية شاملة ومبادرات داعمة تهدف إلى دمج الطلاب من خلفيات متنوعة في النظام التعليمي بطريقة سليمة، كما يجب أن يتكاتف الجميع، بدءاً من الجهات التعليمية وصولاً إلى المؤسسات المعنية، لضمان وجود ضوابط وإجراءات تأهيلية تساهم في تحقيق هذا الهدف، مع مراعاة احتياجاتهم الصحية والنفسية.
وفي الختام، أرى من الضروري إشراك مجلس الأمن الوطني (سجل المخاطر الوطنية) لدراسة هذه التحديات بشكل متكامل، ووضع حلول تحقق التوازن بين الاحتياجات التعليمية والاستقرار الاجتماعي.