العمانية – شؤون عُمانية
استضافت سلطنة عُمان اليوم أعمال مؤتمر وزراء التربية والتعليم بدولِ العالم الإسلامي (الإيسيسكو)، تحت شعار “ما بعد قمة تحويل التعليم: من الالتزامات إلى التطبيقات”، بمشاركة أكثر من (31) من خبراء ومختصين في مجال التعليم والذكاء الاصطناعي، تحت رعاية معالي الشيخ عبدالملك بن عبدالله الخليلي رئيس مجلس الدولة.
و اشتمل المؤتمر الذي يستمر يومين على 8 جلسات، جلسة بعنوان وجهة نظر التعليم العالمي : المنظمات الدولية، وجلسة بعنوان الشراكة متعددة الأطراف من أجل تحويل التعليم، وجلسة بعنوان إطلاق الإمكانيات : أفضل الممارسات في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، وجلسة بعنوان التعليم الأخضر : مستقبل مستدام للجميع ومتحدون من أجل التعليم في ظل الازمات والطوارى.
وقالت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم ـ رئيسة اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم في كلمة لها: إن مؤتمر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) لوزراء التربية والتعليم، الذي تستضيفه سلطنة عُمان يسعى إلى تحقيق تطلعات تطوير مسيرة العمل المشترك.
وأضافت معاليها أن قمة المستقبل التي عُقدت بنيويورك من أجل تنشيط العمل العالمي، دعت إلى إعادة الالتزام بالمبادئ الأساسية لتحويل التعليم، ووضع أطر لتعاون أكثر فعالية، وتعليم مرن قادر على التعامل مع التحديات التي يشهدها عالمنا اليوم، بما يحقق الاستشراف الإستراتيجي للمستقبل.
وأوضحت معاليها أن تحويل التعليم وتطوير مضامينه بما يتفق مع تلك المبادئ يعد مسؤولية مشتركة تتضافر فيها الجهود الوطنية والإقليمية والدولية كافة؛ من أجل تمويل التعليم، ورفع جاهزية النظم التعليمية واستعدادها الاستباقي لمواجهة الأزمات، ودمج مفاهيم التنمية المستدامة، ومفاهيم الهوية والمواطنة، والتنوع الثقافي واللغوي والتسامح والحوار الحضاري في البرامج التربوية؛ سعيا لتحقيق جدول أعمال التعليم 2030، وتنفيذًا للتوصيات الواردة في التقرير الذي أعدته الإيسيسكو بعنوان “التقدم في تحويل التعليم: من الالتزامات إلى التطبيقات”.
وأشارت إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي والعالم الإسلامي يمر بمنعطفات وأزمات تعصف بالمجتمعات العربية والإسلامية وتداعياتها على المؤسسات التعليمية والثقافية والاقتصادية، لا سيما ما يتعرض له قطاع غزة وجنوب لبنان من عدوان وتدمير ممنهج للبنية الأساسية للمنشآت، والمؤسسات التربوية والصحية والعلمية، والمواقع التراثية والثقافية.
وأكدت معاليها في كلمة لها على موقف سلطنة عُمان الثابت في دعم القضية الفلسطينية، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية في إيجاد حل عادل لهذه القضية على أساس الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، واتخاذ خطوات وتدابير عملية لحفظ الأمن والسلام، واحترام حقوق الإنسان والتعايش السلمي بين الشعوب طبقًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني.
وأفادت معاليها أن تخصيص منظمة الإيسيسكو العام الحالي 2024م عامًا للشباب، يأتي في سياق الاهتمام العالمي بهم؛ نظرا لدورهم المحوري في قيادة المجتمعات نحو الرقي والتطور، ودعم عجلة الاقتصاد، لمواجهة التحديات المستقبلية، مشيدة بجهود المنظمة في تشجيع الدول على الاستثمار في الشباب، وإيجاد منصات لهم للتعبير عن آرائهم، ومشاركتهم في صنع القرار، وتوفير مسارات تعليمية مرنة تجعلهم قادرين على استثمار الفرص والممكنات المتاحة لهم؛ ليكونوا أكثر استعدادا وقدرة للتعامل مع المتغيرات والمستجدات المستقبلية.
ولفتت معاليها إلى أن الشباب في سلطنة عُمان يمثلون نصف عدد السكان، وقد حظوا برعاية كريمة من قائد البلاد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه ، الذي وجه بأهمية الاستماع إليهم، وتلمس احتياجاتهم، وإشراكهم في صنع السياسات واتخاذ القرارات الوطنية، ودعمهم في مجالات ريادة الأعمال والإبداع والابتكار.
وقالت معاليها إن التغير المتسارع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يتطلب من الأنظمة التعليمية المختلفة مواكبة التطبيقات والبرمجيات التقنية الحديثة، وبناء قدرات العاملين في استخدامها وتوظيفها بما يسهم في رفع الجودة الشاملة للعملية التعليمية، والارتقاء بمنظومة الأداء المؤسسي .
وأضافت معاليها أن إطلاق سلطنة عُمان البرنامج التنفيذي للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة يأتي في إطار التحولات التكنولوجية والرقمية، وإيمانا بدورها في توفير بيئة تعليمية مستدامة قابلة للتكيف مع التحولات الرقمية المستقبلية لرفع مستوى الجاهزية الرقمية الشاملة، مشيرة إلى أنها مستمرة في تطوير مبادراتها في مجال التحول الرقمي بالقطاعات المختلفة، استرشادا بميثاق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي حسب توافق إعلان بيجين 2019م.
وذكرت معاليها أن التعاون بين سلطنة عُمان ومنظمة الإيسيسكو أثمر في إنشاء كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية في شهر يناير الماضي ، وكذلك إعداد ميثاق المنظمة لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، كما شاركت الوزارة في أسبوع التعلم الرقمي المنعقد بباريس في سبتمبر الماضي، الذي خلص إلى تدشين إطار كفايات الذكاء الاصطناعي لطلبة المدارس، وإطار آخر لكفايات المعلمين.
وبينت معاليها أن الأنظمة التعليمية تعوّل على المعلم الدور الأكبر في تنفيذ برامج تحويل التعليم، مشيرة إلى أن هذا يقتضي الارتقاء بمهنته، وتعزيز كفاءته، وإكسابه المهارات المطلوبة؛ لمواكبة التطورات والمستجدات العالمية، مؤكدة على الدور الذي تقوم به منظمة الإيسيسكو في دعوة الدول نحو الاهتمام بأنظمة إعداد المعلمين وتأهيلهم، وتطوير قدراتهم بما يؤدي إلى نموهم المهني الشامل.
وأوضحت أن المنظمات الإقليمية والدولية تؤكد أهمية التوجه نحو “تخضير التعليم”، الذي يعد إستراتيجية فاعلة في تهيئة الأجيال القادمة لفهم التحديات البيئية ومواجهتها، مما يستدعي دمج مفاهيم التعليم من أجل التنمية المستدامة، والتعليم الأخضر في البرامج التعليمية، مؤكدة أن التزام سلطنة عُمان بتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال انضمامها لمبادرة اليونسكو للشراكة من أجل تخضير التعليم، ووضع الخطط والإجراءات الكفيلة بالحفاظ على البيئة واستدامة عناصرها.
من جانبه أكد الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو في كلمة له إن أهمية مؤتمر وزراء التربية والتعليم بدولِ العالم الإسلامي (الإيسيسكو) تمثلت في اتصاله بمجال التربية الذي يتصدر مجالات نشاط المنظمة أما الثاني فيكمن في التحدي الذي يجابه منظومة دول العالم الإسلامي في السياق الحضاري التعليمي سواء على مستوى المنهج و السياسات أم على مستوى الأداء و التوجهات، أما الثالث ما مدى الالتزام حيال مطالب قمة تحويل التعليم.
وأضاف أن منظمة الإيسيسكو دعت إلى ضرورة إحداث تغيير بنيوي في مناهج التعليم وآليات تنشئة الأجيال القادمة بما يتواءم مع متطلبات المستقبل مشيرا إلى ضرورة التأهب والعمل مع الشركاء والمنظمات والمؤسسات في مساعدة الدول الأعضاء ، في بناء منظومات تعليمية مقتدرة.
وبين أن القيم والحاجات المجتمعية قادرة على رسم الأهداف الجديرة بالسعي نحوها وأن الثورة التكنولوجية الاتصالية هي تطور إنساني طبيعي، مشيرا إلى أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا أدى إلى تقليص الحيوية التقليدية لدى الطلاب وقاد إلى انحطام العلاقة التفاعلية بين الطلاب والمعلم وأفضى إلى تحجيم الذهنية الناقدة لصالح الذهنية الناقلة.
وأعلن في ختام كلمته عن تخصيص الإيسيسكو جائزة سنوية لأفضل الإنجازات التربوية التعليمية بين الدول الأعضاء مضيفا أن استيعاب التقنيات والآليات الجديدة المستطاعة تتيح فرصا تنافسية تهيب الإيسيسكو باغتنامها وتلتزم بالمضي قدما مع الدول الأعضاء على إعانة الخبراء المتخصصين بالدعم الفني المأمول.
من جانبه ألقى ماكي سال الرئيس السابق لجمهورية السنغال كلمة أكد خلالها على دور العلماء المسلمين في نشر العلم والمعرفة بمختلف العلوم وكافة أنحاء العالم، وبالإنجازات الإسلامية ومساهمتها في مجال العلوم لافتا إلى دور منظمة الإيسيسكو وجهودها في نقل المعرفة وتطوير التعليم وتسليط الضوء على جودة التعليم والتحديات المحيطة به من ضمنه تمويل التعليم.
ويشارك في المؤتمر أكثر من (31) مشاركا من أصحاب المعالي وزراء التربية والتعليم وممثلي وزارات التربية والتعليم بدول العالم الإسلامي، ومديري عموم منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، وعدد من الخبراء وممثلي المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بقطاع التعليم، وعدد من صنّاع القرار والأكاديميين في هذا المجال.
ويأتي تنظيم المؤتمر في ظل المتغيرات العالمية التي يشهدها العالم من تحديات تواجه المنظومة التعليمية العالمية التي أكدّت عليها قمة تحويل التعليم التي عقدت في (نيويورك).