شؤون عمانية- خاص
أكد عدد من الخبراء والمسؤولين أن التوجيهات السامية الأخيرة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- جاءت لتعزز الجهود الوطنية لتحقيق نهضة شاملة ومستدامة ترتكز على التخطيط الدقيق لتحقيق حياة أفضل لأبناء الوطن.
وقال سعادة الدكتور ناصر المعولي وكيل وزارة الاقتصاد –على حسابه الشخصي في منصة “إكس”– إن التوجيهات السامية الكريمة تعكس تطور المؤشرات الاقتصادية والمالية الإيجابية لاقتصاد السلطنة، وتحقق التوازن بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي لمسارات التنمية المستدامة.
وأضاف أن هذه التوجيهات تعزز من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وتسهم في استدامة النمو الاقتصادي الذي تشهده السلطنة في مختلف القطاعات.
من جانبه، أوضح سعادة يحيى بن زايد آل عبدالسلام، عضو مجلس الشورى ممثل ولاية صحم للفترة العاشرة، أت التوجيهات السامية حول ملف الباحثين عن عمل أتت متوائمة مع ما تم رفعه قبل من أعضاء مجلس الشورى، بما يعزز توفير الفرص الوظيفية ويضمن تحقيق السعادة والرفاهية لأبناء هذا الوطن الغالي.
وذكر سعادة محمد العنسي، عضو مجلس الشورى للفترة العاشرة ورئيس لجنة سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان، أن هذه التوجيهات تأتي نحو تعزيز دور القطاع الخاص في تأهيل وتمكين الشباب العماني، حيث تهدف هذه الأوامر السامية إلى خلق فرص العمل وتوفير الفرص التدريبية على رأس العمل، مما يسهم في تطوير مهارات الشباب وجعلهم أكثر قدرة على مواجهة تحديات سوق العمل.
وأكد العنسي أن هذه المبادرات تسهم أيضًا في دعم أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير الدعم المالي لتغطية الأجور وخلق فرص التدريب المقرون بالتشغيل، مما يعزز قدراتهم على خلق فرص عمل جديدة. وسيساعد هذا النوع من الدعم في تحقيق الاستقرار المعيشي للمواطنين، ويعزز من مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الأفراد في المجتمع.
وأشار إلى أن هذه القرارات تعكس رؤية القيادة الحكيمة في مواكبة متطلبات المرحلة الحالية، والتوجه نحو مستقبل مشرق.
من جهته، بيّن الأستاذ الدكتور سعيد المحرمي أن تخصيص مبلغ إضافي وقدره 50 مليون ريال عُماني لدعم برامج ومسارات تشغيل الباحثين عن عمل في القطاع الخاص، بالإضافة إلى المبالغ المحصلة بنسبة 1.2 % من قيمة فواتير مشتريات كل من قطاع النفط والغاز والوحدات الحكومية والشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني، يأتي كحزمة إضافية لتحقيق هدفين رئيسيين: الأول إيجاد فرص عمل أكثر للمواطنين من خلال تحمل الحكومة تكاليف التدريب والتأهيل بالإضافة إلى جزء من رواتبهم الشهرية لفترة زمنية، والثاني هو جذب الاستثمارات من خلال الحوافز التي تقدمها الحكومة للمستثمرين.
ولفت المحرمي إلى أن هناك حزمة من الحوافز والتسهيلات التي تقدمها الحكومة العمانية للمستثمرين، منها الإعفاء من ضريبة أرباح الشركات للمشاريع الصناعية، كما أنه لا توجد ضريبة على دخل الأفراد، إلى جانب حرية تحويل رؤوس الأموال والأرباح من وإلى سلطنة عمان، وحرية التحويل للعملات الأجنبية مع ثبات سعر صرف العملة، بالإضافة إلى تملك أجنبي كامل يصل إلى 100% وخدمات المحطة الواحدة (استثمر في عمان) التي تساعد المستثمرين على الحصول على كل الاستفسارات وإنجاز جميع المعاملات التي يحتاجونها في أسرع وقت ممكن، كما يمكن للشركات التي تقوم بتنفيذ أعمال عبر عقود أو اتفاقيات خاصة مع الحكومة تأسيس فرع أو فتح مكتب تمثيل تجاري في السلطنة.
وتابع المحرمي أن الإطار القانوني في السلطنة يتماشى مع النظم التجارية العالمية، حيث يمكن تشكيل أكثر من كيان قانوني في السلطنة لتنظيم عمل المستثمر، ومن بينها شركات المساهمة العامة، وشركات المساهمة المغلقة، والشركات ذات المسؤولية المحدودة والشركات القابضة، كما أضيف مؤخراً شركة الفرد الواحد.
وأوضح أن بعض المؤسسات العمانية توفر معلومات جاهزة للمستثمرين حول فرص الاستثمار، مثل المناطق الحرة والمناطق الصناعية ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإجراء الدراسات عن أسواق التصدير وتوفير ضمان ائتمان الصادرات، إلى جانب تسهيلات ائتمانية مدعومة من الحكومة عبر بنك التنمية بفائدة قدرها 3% فقط، وإنشاء المناطق الصناعية المجهزة والمناطق الصناعية الحرة وتوفير البنى الأساسية لإنشاء المشروعات الصناعية.
وأكد المحرمي أن الإعفاء الجمركي للمعدات والآلات المستوردة للمشاريع، بالإضافة إلى إعفاء المواد الأولية والمواد الخام من الرسوم الجمركية، تشكل عامل جذب إضافي للاستثمارات، كما تقوم الحكومة بتدريب القوى العاملة الوطنية وتنظيم ورش تدريبية للعاملين في القطاع الصناعي.
بدوره، اقترح علي الحمادي أن يخصص مبلغ دعم الباحثين عن عمل من خلال ثلاثة مسارات رئيسية، المسار الأول هو التوظيف من خلال البرامج المعمول بها حاليًا، ومن ضمنها برنامج التدريب المقرون بالتوظيف، أما المسار الثاني فيتمثل في دعم وتمكين الباحثين عن عمل، وخصوصًا المهندسين، ليصبحوا رواد أعمال بدلًا من البحث عن وظائف تقليدية، والمسار الثالث يركز على دعم برامج التدريب الاحترافي لصقل مهارات الشباب الذين لم يحصلوا على فرصة التعليم العالي، وذلك في مجالات يحتاجها سوق العمل مثل الزراعة، التسويق، البرمجيات، التصميم، الخياطة، النجارة، الحدادة، والسباكة.
وفيما يتعلق بتوجيهات جلالة السلطان المعظم حول ضرورة التطوير المستمر لمحافظة ظفار، أشاد الخبير الاقتصادي محمد بن أبو بكر السيل الغساني بتوجيهات المقام السامي حول أهمية استدامة نمو عدد السياح لمحافظة ظفار، مشيرا إلى أن وصول عدد السياح إلى أكثر من مليون زائر خلال موسم الخريف يعكس التطور الكبير في مستوى الفعاليات والخدمات التي يقدمها مكتب محافظ ظفار وبلدية ظفار.
وذكر الغساني أن استدامة هذا النمو تتطلب استشراف آراء الزوار والمواطنين وابتكار فعاليات جديدة وتحديث مستمر للبنية الأساسية والخدمات السياحية، مشددا على أن التعاون بين الجهات المعنية هو المفتاح لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود الذي سيعود بالنفع على المحافظة وعلى سلطنة عمان بشكل عام.
وأكد المحامي أحمد بن عبدالله الشنفري أن إشادة جلالة السلطان المعظم-أعزه الله- ومجلس الوزراء بنجاح موسم خريف ظفار تعد وسام شرف للمحافظة، موضحا أنه رغم استقبال أكثر من مليون سائح خلال أقل من شهرين، لم تسجل أي مشاكل تذكر بفضل تعاون جميع الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني.
وأضاف الشنفري أن المرحلة المقبلة تتطلب تنظيمًا أكثر دقة، واقترح أن يتم الإعلان عن جميع المنافسات والمواقع الترفيهية وفتح المجال لرواد الأعمال للمشاركة من بداية يناير والانتهاء من عمليات الإسناد قبل نهاية مايو، لضمان التخطيط السليم للمشاريع الجديدة.
وشدد الشنفري على أهمية إعطاء الأولوية للشركات المحلية التي لها مقرات ثابتة في محافظة ظفار وتوظف عمانيين، وعدم معاملة الشركات التي تأتي فقط للموسم بنفس معاملة الشركات المحلية المستقرة، داعيا إلى ضرورة رصف الطرق وإنشاء المماشي الرياضية وتطوير المتنفسات الطبيعية في المحافظة، وضرورة معالجة الطرق المتضررة من الأمطار بشكل فوري، والعمل على القضاء على الازدحامات المرورية من خلال إنشاء طرق مزدوجة وجسور وأنفاق، وأيضا تطوير شارع أرزات في صلالة وجعل ازدواجيته أولوية، بالإضافة إلى أهمية منح إدارة العيون المائية لشركة عمران للتنمية السياحية لجعلها وجهة سياحية وتجارية تحقق عوائد اقتصادية كبيرة.
وفي إطار التوجيهات الاجتماعية، أكد الدكتور بدر بن أحمد البلوشي أن تخصيص 72 مليون ريال عماني لتمويل برنامج “منفعة دعم الأسرة” يعكس اهتمام جلالة السلطان المعظم بتحسين مستوى المعيشة للمواطنين وضمان حياة كريمة لهم، مشيدا بتخصيص 40 مليون ريال عماني لبناء مدارس جديدة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، مما يعزز من التزام الحكومة بتوفير بيئة تعليمية متكاملة للأجيال القادمة.
من جانبه، أشار عصام بن سليمان الخنجري إلى أن التوجيهات السامية بتدشين منصة إلكترونية بالوزارات لتلقي الشكاوى والمقترحات تعد خطوة رائدة نحو تحسين الأداء الحكومي وتعزيز ثقة المستفيدين في جودة الخدمات المقدمة، مؤكدا أن التحول الرقمي وتبسيط الإجراءات الحكومية سيكون لهما دور كبير في تحقيق نقلة نوعية في مستوى الخدمات الحكومية والشفافية.
وفيما يخص إقرار البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي، دعا عبدالله العدوي صناع القرار إلى دعم الابتكار في هذا المجال بشكل أكبر من خلال إنشاء مختبرات متخصصة وورش عمل تتيح للشباب العماني اكتساب المهارات اللازمة ليصبحوا روادًا في هذا المجال بدلاً من أن يكونوا مستخدمين فقط.
وأكد العدوي أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية، بل هو مفتاح لتطوير الحلول المستقبلية لمختلف القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والطاقة.
وفي الختام، أكد سليمان بن خلفان الراجحي أن التوجيهات السامية تعد خارطة طريق للتغيير والتنمية في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية، مما يعكس حرص القيادة على تحقيق العدالة الاجتماعية والازدهار المستدام للمجتمع العماني.
وأشار إلى أن هذه التوجيهات تشكل ركيزة أساسية لتحقيق رؤية عمان 2040 وتجسد الطموح الوطني نحو بناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة.