شؤون عُمانية- عبير الرجيبية
ينتشر في الوقت الحالي تداول السجائر الإلكترونية بين أوساط طلبة المدارس، وتعد هذه المشكلة تحدٍ جديد أمام الجهات المختصة وأولياء الأمور، ولذلك يؤكد المختصون ضرورة تضافر الجهود للحد من هذه الظاهرة.
ويقول الأخصائي محمد العدوي: “كأخصائي اجتماعي، فإن طبيعة العمل في المدارس تحتم على أن أكون قريبا من الطلبة ومتابعا لسلوكياتهم داخل المدرسة، ومحاولة معالجة هذه السلوكيات بالتعاون مع ولي الأمر، ومن السلوكيات الخاطئة والشائعة والتي تنتشر بشكل كبير ولكن غير واضحة ظاهرة السجائر والشيشة الإلكترونية والتي وللأسف مظاهرها الصحية كبيرة على الرغم من الترويج لها بأنها أقل ضررا من السجائر والشيشة المعروفة لدينا، وكما ذكرت بأنها منتشرة ولكن بشكل مخفي وبشكل غير واضح بحكم المجتمع لا يزال متمسك بمجموعة من العادات والقيم الاجتماعية والأخلاقية لانتشار هذا الظاهرة”.
ويضيف أن من بين أسباب انتشار هذه الظاهرة بين الطلبة: “اعتقاد الطلبة انها ديل آمن وأقل ضررا من السجائر المعروفة حسب ما يشيع المروجين، والرغبة في التعرف وتجربة كل ما هو جديد والرفقة السيئة (الأقران)، والترويج بشكل صارخ في وسائل التواصل الاجتماعي والتي ليست بمعزل عن الطلبة، وتسويق المنتجات في المجتمع والتي تأتي بمظهر برّاق وجذاب”.
ويذكر العدوي: “الحلول يسيرة ولا بد من اتخاذ خطوات إجرائية لازمة من أجل الحد من هذه الظاهرة المميتة والتي للأسف باتت ظاهرة منتشرة بين الشباب والشابات على حد سواء ومن هذه الحلول -من وجهة نظري- التي من الممكن أن تحول دون انتشارها تتمثل في:
1-زيادة التوعية بآثار السجائر والشيشة الإلكترونية ( استخدام نموذج حي لهذه الظاهرة -التواصل مع متضررين لينقلوا للجمهور أثر السجائر الإلكترونية)
2- زيادة حملات التفتيش على المحلات البائعة والمروجة لمنتجات التبغ ووضع عقوبات رادعة تجاه من يتساهل في الأمر تصل لمرحلة الإيقاف عن مزاولة المهنة،
3-القيام بحملة وطنية توعوية شاملة على مستوى (الإعلام -الوزارات المعنية وغيرها…)،
4-التعاون مع المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي كي يكونوا جبهة مضادة تجاه ما يروج له من قبل البعض عن السجائر الإلكترونية،
5-وضع عقوبات رادعة لكل من المروج والبائع وحتى المستهلك (المدخن)،
6-على ولي الأمر القيام بدوره والمتمثل في متابعة الأبناء وتوعيتهم تجاه أضرار هذه الآفة،
7- المدرسة كونها الحاضن الثاني بعد البيت عليها أن تقوم بدور المتابعة والتوعية بشكل دائم”.
من جهته، يوضح الأخصائي النفسي الدكتور سعيد المقبالي: “في سلطنة عمان، أصبح استخدام السجائر الإلكترونية بين طلبة المدارس مصدر قلق متزايد على الرغم من غياب إحصائيات دقيقة حول انتشارها بين الطلبة، وتشير الدلائل إلى تزايد استخدامها بين الشباب كما هو الحال في العديد من البلدان الاخرى، لأنهم يعتقدون أنها أقل ضرراً من السجائر التقليدية التي تحرق التبغ لإنتاج الدخان، ولكن الأبحاث ما زالت جارية لتحديد سميتها على المدى الطويل”.
ويؤكد: “تواجه الجهات الصحية والتعليمية في سلطنة عمان تحديات كبيرة في مكافحة انتشار السجائر الإلكترونية بين الشباب، ويمكن القول بأن الطلبة الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل نفسية متعددة وأن هذا السلوك السلبي بوابة إلى الانحراف المبكر، ففي مرحلة المراهقة تنمو لديهم رغبة إثبات الذات وحب التجربة مما يدفعهم إلى إشباع فضولهم وإرضاء رغباتهم، إضافة إلى حب التقليد دون التفكير بالعواقب والنتائج، وهنا يأتي دور الأسرة في متابعة الأبناء وحرصهم في الحفاظ على سلامتهم النفسية لتجنب انجرافهم وراء العادات السلبية المنتشرة بينهم”.
ويشير المقبالي إلى أنه “لا تقتصر أضرار السجائر الالكترونية على الصحة الجسدية وإنما تمتد لتشمل الصحة النفسية فهي تؤثر على الحالة الاجتماعية للطالب فقد يلازمه القلق والتوتر والرغبة في الانعزال وتجنب الاختلاط مع الآخرين، كما أنها تضعف المستوى الأكاديمي للطالب في المستقبل البعيد”.
وفي السياق، تبين الطبيبة نورة المزروعي: “يكثر في الآونة الأخيرة تداول السجائر الالكترونية بين المراهقين والتي يعتقد البعض أنها أقل خطورة من السجائر التقليدية كونها تحتوي على نكهات مختلفة وأشكال تختلف تماما عن النمط القديم، ولكنها في الحقيقة تسبب ذات الضرر والأذى الذي تسببه السجائر التقليدية، حيث تحتوي على مادة النيكوتين السامة حيث أن التدخين الإلكتروني يسمح للجسم بامتصاص النيكوتين بسرعة، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل ضربات القلب وضغط الدم على الفور، إضافة إلى أنه يحفز إطلاق الدوبامين مما يجعلهم يشعرون بالاسترخاء والراحة، لكن سرعان ما ينقلب هذا الاسترخاء إلى موجة من الأمراض الجسدية التي يمكن أن تسببها السجائر الالكترونية، كما أن الجسيمات المتطايرة قد تساهم في تهيج مجرى الهواء وأعراض الجهاز التنفسي، تشمل: الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) والتهاب الشعب الهوائية، وأشكال عديدة من الالتهاب الرئوي وتلف المسالك الهوائية الصغيرة في الرئتين وعلى الرغم من أن العواقب طويلة المدى إلا أن تجاهل المشكلة يفاقم من الاضرار ويصعب حلها والتعامل معها”.
وتضيف: “للأسف تستهدف السجائر الإلكترونية الأطفال من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والجهات المؤثرة، وتُطعّم هذه المنتجات بما لا يقل عن 16000 نكهة جذابة، ويستعمل بعض هذه المنتجات شخصيات كرتونية وتعدّ تصاميم أنيقة تستهوي جيل الشباب، وبعضها الآخر يشبه اللعب والألعاب، وثمة زيادة مثيرة للذعر في استخدام السجائر الإلكترونية فيما بين الأطفال والشباب الذين تتجاوز معدلات استخدامها بينهم معدلاتها بين البالغين في بلدان كثيرة”.
وحول أسباب إقبال الطلبة على السجائر الالكترونية، يقول الطالب سليمان العبري: “في الآونة الأخيرة أصبح تداول السجائر الالكترونية منتشرا بشكل واضح في المدارس ولا تقتصر فقط على فئة الذكور في المراحل الثانوية، بل وتتواجد بين الأجيال الصغيرة في مختلف المؤسسات التعليمية. ويعود هذا الانتشار لعدة أسباب منها التهريب الذي يصدر من قبل طلبة يمتلكون هذه السجائر ومن ثم يتم تداولها بين باقي الطلاب، كما أن الأشكال المغرية والجذابة تساعد الطلاب على تقبلها وإبعاد فضولهم من خلال تجربتها ثم الإدمان عليها، وخاصة أنه يتم تشكيلها بطرق يصعب التعرف عليها على أنها سجائر الكترونية وأنها مواد خطرة ينبغي القضاء عليها، كما أن تساهل الهيئات الإدارية في المدارس وغياب التفتيش المستمر يفاقم هذه المشكلة بشكل كبير جدا. ويمكن أن يؤدي غياب الوازع الديني لدى الطلبة وعدم إدراكهم للأضرار النفسية والجسدية التي ستلحق بهم هو أحد أسباب خوض هذه التجارب”.
ويؤكد ولي الأمر أحمد الرجيبي: “تعد السجائر الالكترونية خطرا جسيما يهدد المجتمع ويخل توازنه، حيث أنها مسبب رئيسي في ضياع الفئة المنتجة في المجتمع وهم الشباب، فهم ركيزة المجتمعات الأساسية، والذي بدورهم يكمن الازدهار والتطور، لكن ما أن تتسلل السجائر الالكترونية وملحقاتها إلى أفواه الشباب تصبح سماً يدمنون عليه إلى أن تنتصر عليهم، وهنا لابد من مواجهة هذه المهمة الشاقة التي يتكفل بها الوالدين في المرتبة الأولى يليها الجهات المختصة والمعنية بما يتعلق بهذا الأمر، وإن من واجب الوالدين التوعية من الصغر وعدم إتاحة أي فرصة يمكن أن تتلاعب بهم، إضافة إلى أن التزام الوالدين باعتبارهم القدوة الأمثل للأبناء يسهم بشكل كبير في سيرهم على خطى والديهم، كما يجب عليهم الإلمام التام بكيفية التعامل مع أبنائهم لتجنيبهم هذه العادات السيئة والمراقبة الدائمة لخروج الأبناء في أوقات النزهة والعطلة مع أصدقائهم يساعد على كسب ثقة الأبناء والتأكد من ابتعادهم عن السلوكيات الخاطئة التي تلحق الضرر بهم.
ويتابع: “من جانب آخر فإن النصح والإرشاد من الناحية الدينية وتحليهم بأخلاق وقيم الإسلام يمثل الشق الأكبر في تجنيب الأبناء لمثل هذه الأضرار وعدم تأثرهم بالبيئة المحيطة”.