فاطمة بنت ناصر
التسريح من العمل ظاهرة غريبة في عمان تتكرر من بعض مؤسسات القطاع الخاص، وهو ما يتطلب طرح أسئلة كثيرة ومنها:
– ما هي أسباب التسريح الشائعة؟ هل تتعثر بعض الشركات مثلا بسبب خسارات مالية، أم أن هناك أسباباً أخرى؟
– لماذا لا نجد خبرا عن مسرحين من العمالة الوافدة؟ هل بسبب عدم تسريحهم؟ وإن كان كذلك لماذا يتم تسريح العماني بهذه السهولة؟
– لماذا لاتزال العقود لا تقدم ضمانات كافية للموظفين في القطاع الخاص؟ ولماذا تضطر الحكومة للتدخل ولعب دور الوسيط لإرجاع المسرحين كل مرة! أليس من الطبيعي أن يكون هناك نظام صارم يكفل حقوق الطرفين ويحمي الموظف.
– في حالة العقود المؤقتة، فالعقد شريعة المتعاقدين، وهنا ليس على الشركات ذنب أبداً، الدور هنا يتعلق بالحكومة وتفعيل نظام حماية اجتماعي قوي يشمل كل الفئات المجتمعية و المسرحين أحد أهم تلك الفئات، فهم في الغالب شريحة معيلة، فهذا الشخص لا يفقد مصروف جيبه هو يفقد قوت عائلته. ومن هنا تترتب العديد من النتائج الكارثية على المجتمع.
قبل أن نستعرض بعض الحلول المقترحة، دعونا نستعرض أهم سمات نظام الحماية الخاص بالباحثين عن العمل والمسرحين حول العالم:
من الملاحظ أن أغلب المنح المخصصة للباحث عن عمل أو المسرح مرتبطة ببرنامج تدريب وتأهيل ومدة معينة حتى يلتحق بوظيفة، لهذا من المهم أن نشير لعدة أمور :
– المنفعة المخصصة للباحثين عن عمل والمسرحين هي منفعة مؤقتة وليست دائمة حتى يتم توفر وظيفة جديدة.
– مبلغ المنفعة يقتل تدريجياً وهو ليس ثابت.. عادة بعد مرور (٣- ٦ أشهر)
– المنفعة التي تقدمها الحكومة ليست مالية فقط ولكن صرفها مرتبط بتوفير الحكومة لبرامج تدريب وفرص لوظائف، وفي حالة عدم التزام الباحث عن عمل أوالمُسرح بالالتحاق ببرنامج التدريب التي تناسبه، سوف تقل المنفعة بعد الفترة المذكورة أعلاه.
– قيمة المنفعة ليست ثابتة للجميع، فلكل فرد ظرف مختلف، فمن يعيل ٥ أفراد ليس كمن يعيل فردين، ومن يعيل فردين ليس كمن لم يؤسس عائلة بعد، لهذا قيمة المنفعة متباينة وتعتمد على ظروف كل فرد.
أول دولة تطبق نظام منفعة الباحثين عن عمل
تعد بريطانيا أول دولة طبقت دفع مخصصات مالية مباشرة للباحثين عن عمل في ١٩١١، وذلك من خلال إصدار قانون التأمين الوطني، ومن المهم أن نفهم آلية عمله فلربما ساعدتنا أفكار هذا النظام الراسخ الذي لايزال يطور من نفسه حتى اليوم.
يعتمد نظام التأمين الوطني (National Insurance) في بريطانيا على مساهمات تُدفع من قبل الأفراد العاملين وأصحاب العمل والحكومة، وتُستخدم هذه المساهمات لتمويل مجموعة من الفوائد والخدمات الاجتماعية، بما في ذلك معاشات التقاعد الحكومية ودعم البطالة والرعاية الصحية.
في بريطانيا، هناك ما يُعرف بـ “المساهمات الائتمانية” (National Insurance Credits)، ويمكن أن تُمنح هذه الائتمانات للأشخاص غير القادرين على العمل أو البحث عن عمل لأسباب معينة، مثل:
- الباحثون عن العمل: إذا كان الشخص يبحث بنشاط عن وظيفة ويستلم Universal Credit أو Jobseeker’s Allowance، فقد يحصل على مساهمات معتمدة تغطي فترة البطالة.
- الأشخاص الذين لديهم إعاقات أو رعاية لأفراد معالين: يمكن للأشخاص الذين يعتنون بأفراد الأسرة أو يعانون من ظروف صحية أن يحصلوا أيضًا على مساهمات معتمدة من الدولة.
- الإعفاءات المالية : في بعض الحالات، يمكن أن يحصل الأفراد على إعفاء من دفع المساهمات إذا كانوا يحصلون على دعم مالي من الدولة (مثل المساعدات الاجتماعية).
الدول التي يمكن الاستفادة من برامجها في منفعة الباحثين عن عمل
– كل الدول الأوربية فجميعها يطبق نظام المنفعة للباحثين عن عمل
– اليابان وكوريا الجنوبية لديها نظم متطورة جدا
– الدول الإسكندنافية
نموذج لمعدل المبالغ المقدمة للباحثين عن عمل حول العالم
- ألمانيا: يتلقى الشباب العاطلون عن العمل منحة تُسمى “Hartz IV” تصل إلى حوالي 450 يورو شهريًا للفرد البالغ، مع دعم إضافي للإسكان والمرافق.
- الدنمارك: تعتبر واحدة من أعلى الدول في تقديم المزايا، حيث يمكن أن يحصل الشباب العاطلون عن العمل على ما يصل إلى 80-90% من دخلهم السابق، وقد يصل المبلغ إلى 2,500 يورو شهريًا.
- فرنسا: تقدم مزايا تتراوح من 300 إلى 1,500 يورو شهريًا بناءً على العمر، والدخل السابق، والوضع العائلي.
- إسبانيا: تُقدم مزايا بطالة للشباب الباحثين عن عمل تصل إلى حوالي 430 يورو شهريًا.
- أستراليا: يقدم برنامج Youth Allowance حوالي 560-620 دولار أسترالي كل أسبوعين (حوالي 1,120-1,240 دولار أسترالي شهريًا) بناءً على العمر والحالة التعليمية.
- نيوزيلندا: يتراوح المبلغ بين 175 و350 دولار نيوزيلندي أسبوعيًا (حوالي 700-1,400 دولار نيوزيلندي شهريًا).
- السعودية: تقدم برنامج حافز، والذي يوفر حوالي 2,000 ريال سعودي شهريًا (حوالي 533 دولار أمريكي) لمدة تصل إلى 12 شهرًا.
- اليابان: يحصل العاطلون عن العمل على ما يتراوح بين 50% و80% من دخلهم السابق لمدة تصل إلى 330 يومًا، وقد تصل المزايا إلى 2,500 دولار أمريكي شهريًا.
- كوريا الجنوبية: تقدم حوالي 50% من الراتب السابق لمدة تصل إلى 8 أشهر، ويمكن أن يصل المبلغ إلى 1,200 دولار أمريكي شهريًا.
- الولايات المتحدة: المزايا تختلف حسب الولاية، ولكن في المتوسط، يمكن للشباب العاطلين عن العمل الحصول على 300 إلى 500 دولار أمريكي أسبوعيًا (أي حوالي 1,200 إلى 2,000 دولار أمريكي شهريًا).
- كندا: تقدم إعانات بطالة تتراوح بين 300 و573 دولار كندي أسبوعيًا (حوالي 1,200-2,292 دولار كندي شهريًا).
الآثار المترتبة على الدولة والمجتمع من البطالة
المسرحون يعتبرون عاطلين عن العمل لفترة قد تطول أو تقصر وينضمون لقائمة الباحثين عن عن عمل، ووضعهم أسوأ بكثير من حديثي التخرج فهم يعولون أسرا ولديهم التزامات مالية مختلفة: قروض واحتياجات المنزل الأكل والمشرب ومصروفات خدمات الكهرباء والمياه.
الأثر السلبي للتسريح عن عمل يتعدى الضرر المباشر على الفرد ولكن هناك أضرار خطيرة على المجتمع و اقتصاد الدولة ومن هذه الآثار :
1- الأثر الاجتماعي: زيادة معدلات الفقر والجريمة.
2- الأثر النفسي: الضغوط النفسية التي تقع على كاهل المسرح تؤدي إلى تدهور صحته النفسية والجسدية ونتائج ذلك وخيمة فشعور العجز والإحباط قد يقود إلى أفعال غير مسؤولة ويضر بشكل مباشر أفراد الأسرة الواحدة، وهي أحد أسباب التفكك الأسري.
3- الأثر الاقتصادي: ضعف القدرة الشرائية والتي تؤثر بشكل كبير ومباشر على الاقتصاد.
حلول مستنبطة من الدول ذات الأنظمة القوية في رعاية الباحثين والمسرحين عن العمل:
- القوانين: العمل على تحديث قوانين العمل وضمان تطبيقها لحماية حقوق العمال.
- تحسين وتطوير برامج الدعم: توسيع برامج إعانات البطالة وتقديم دعم طارئ للأسر المتضررة.
- تطوير برامج التدريب: من خلال توفير برامج تدريب مهني وإعادة تأهيل الأفراد لتحسين فرص حصولهم على عمل.
4.النهوض بالسياسات الاقتصادية: وذلك بتحفيز الاستثمار ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
- تحسين أنظمة الأمان الاجتماعي: ضمان تأمين صحي وتقديم شتى مجالات الدعم خاصة الدعم النفسي للعاطلين عن العمل.
.6 إنشاء برامج توظيف مؤقتة: تقديم برامج توظيف مؤقتة أو تدريبات عملية في القطاع العام أو المنظمات غير الحكومية لدعم العمال المتضررين وتحسين فرصهم في العودة إلى سوق العمل.
.7 تشجيع التوظيف المحلي: دعم المبادرات التي تعزز التوظيف المحلي، مثل مشاريع البنية التحتية التي توفر فرص عمل للمجتمعات المحلية، وذلك بتطبيق التعمين في مختلف القطاعات.
المراجع:
– منظمة العمل الدولية (ILO)
– المركز الدولي لتطوير سياسات العمل (ICLP)
– برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP): تقارير ودراسات حول الدعم الاجتماعي وبرامج الحماية.
– منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD:ً معلومات حول إعانات البطالة والحماية الاجتماعية.
– برنامج العمل العالمي (Global Jobs Program) بيانات عن برامج التدريب والتأهيل.
– المصدر: البنك الدولي