سامر بن محمد البلوشي
في عالم يتسم بالتقلبات الاقتصادية المستمرة، تسعى الدول إلى تنويع مصادر دخلها وجذب الاستثمارات الأجنبية لتحقيق النمو المستدام.
ومن بين هذه الدول تبرز سلطنة عمان كوجهة جذابة للاستثمارات العالمية بفضل موقعها الاستراتيجي واستقرارها السياسي والاقتصادي.
وفي هذا السياق، يأتي الحديث عن جذب صندوق النرويج السيادي للاستثمار في السلطنة كخطوة استراتيجية يمكن أن تعزز من التنمية الاقتصادية في عمان.
صندوق النرويج السيادي، المعروف رسميًا باسم “صندوق التقاعد الحكومي العالمي”، هو أكبر صندوق سيادي في العالم، بإدارة استثمارات تتجاوز 1.8تريليون دولار، يتبع الصندوق استراتيجية استثمارية تعتمد على التنويع العالمي في الأصول، يستثمر الصندوق في أكثر من 70 دولة ويملك حصصًا في أكثر من 7000 شركة حول العالم، يتم اتخاذ قرارات الاستثمار بناءً على دراسات وتحليلات مالية دقيقة، مع مراعاة المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية، يتمتع الصندوق بسمعة قوية في إدارة الاستثمارات العالمية المتنوعة، ويركز على تحقيق عوائد طويلة الأجل مع الالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
هذه المعايير تجعل من الصندوق شريكًا مثاليًا للدول التي تسعى لتحقيق التنمية المستدامة، تمتلك سلطنة عمان مجموعة من المقومات التي تجعلها وجهة مثالية للاستثمار الأجنبي. من أبرز هذه المقومات موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب، فضلاً عن استقرارها السياسي والاقتصادي. كما تركز السلطنة في رؤيتها المستقبلية “رؤية عمان 2040” على تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، وذلك من خلال تعزيز القطاعات غير النفطية مثل السياحة، واللوجستيات، والتكنولوجيا، والصناعات التحويلية.
ومن مزايا التعاون مع صندوق النرويج السيادي التنويع الاقتصادي يمكن لاستثمارات صندوق النرويج السيادي في عمان أن تسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف السلطنة في تنويع الاقتصاد، من خلال الاستثمار في القطاعات الناشئة والمشاريع الاستراتيجية، يمكن للصندوق دعم جهود عمان في تقليل الاعتماد على النفط، بفضل خبرته الواسعة في إدارة الاستثمارات الدولية، يمكن لصندوق النرويج السيادي أن يسهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا إلى عمان، مما يعزز من قدرات السلطنة في مجالات جديدة مثل الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، يُعرف صندوق النرويج السيادي بالتزامه بمبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية.
ومن خلال الاستثمار في مشاريع مستدامة في عمان، يمكن للصندوق أن يعزز من جهود السلطنة في تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، استثمار صندوق النرويج السيادي في السلطنة يمكن أن يعزز من استقرار الاقتصاد العماني ويزيد من جاذبية السلطنة للمستثمرين الآخرين، مما يسهم في تعزيز الثقة الاقتصادية على المدى الطويل.
ورغم الفوائد المحتملة لجذب استثمارات صندوق النرويج السيادي، فإن هناك تحديات يجب مراعاتها. من بين هذه التحديات، الحاجة إلى تهيئة بيئة استثمارية مواتية وتوفير البنية التحتية المناسبة لدعم هذه الاستثمارات. كما أن التنسيق المستمر بين الجهات العمانية والصندوق النرويجي سيكون ضروريًا لضمان تحقيق الأهداف المشتركة.
النرويج ليست جزءًا من الاتحاد الأوروبي، ولكنها ترتبط به عبر اتفاقيات مثل المنطقة الاقتصادية الأوروبي، مما يسمح لها بالوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة مع الاحتفاظ باستقلالها السياسي والاقتصادي. هذا الوضع يعكس حرص النرويج على الحفاظ على سيادتها الوطنية مع الاستفادة من التعاون الاقتصادي الدولي.
النرويج تُعتبر من بين أفضل الدول في العالم في العديد من المؤشرات العالمية منها مؤشر التنمية البشرية، مؤشر السعادة العالمي، مؤشر الرفاهية الاقتصادية، مؤشر الديمقراطية، بالاضافة الى مؤشر الفساد النرويج تتمتع بدرجة منخفضة من الفساد مما يجعلها واحدة من أكثر الدول نزاهة في العالم، اما بالنسبة لمؤشر الشفافية فعند زيارة الموقع الرسمي للصندوق، ستجد معلومات مفصلة عن القيمة السوقية للصندوق، التي يتم تحديثها باستمرار. هذا يشمل، القيمة الإجمالية للصندوق، التوزيع الجغرافي، الاستثمارات القطاعية، المشروعات والاستثمارات الجادة، الصندوق يستثمر في مشاريع طويلة الأجل ويقوم بتقييم المخاطر والعوائد بشكل دقيق، كما يلتزم بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في اختيار استثماراته، لضمان استدامة الأرباح على المدى الطويل، الموقع يوفر أيضًا تقارير مالية تفصيلية واستراتيجيات استثمارية يمكن للمستخدمين الاطلاع عليها لفهم كيفية إدارة الصندوق وتحقيق أهدافه المالية.
إن جذب استثمارات صندوق النرويج السيادي إلى سلطنة عمان يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتنويع مصادر الدخل في السلطنة، من خلال التعاون الوثيق بين الطرفين، يمكن تحقيق فوائد متبادلة تساهم في تحقيق رؤية “عمان 2040” وتقديم نموذج ناجح للشراكات الدولية في القرن الحادي والعشرين.