محمد بن عيسى البلوشي، كاتب ومحلل اقتصادي
في صورة تاريخية لخور البطح بولاية صور العفية تعود إلى بداية الثمانينات أو نهاية السبعينات، ظهرت تفاصيل لبيت جلالة السلطان وموقع “الفرضة” حيث كان يتم استقبال بضائع قادمة من مختلف الموانئ القريبة من سلطنة عمان.
نشرت سهام الجابرية عبر موقع (صور سيتي الإلكتروني) تقريرا بعنوان (سكة البوش شريان تاريخي في صور)، تقول في مقدمته “ما من أحد سكن ولاية صور أو جاء إليها تاجرا أو زائرا أو عابرا إلا وعرف أو تعرف على هذا المعلم التجاري التاريخي المرتبط بصور والمتمثل في “سكة أبوش” وهذا الاسم مشتق من ممر الجمال أو النوق التي تعبر هذا الطريق وهي في طريقها الى “الفرضة” -جمرك الميناء القديم لصور– محملة بالبضائع من وإلى الفرضة لتنقل فيما بعد عبر الأسطول البحري التجاري لصور والذي تجاوز 300 سفينة تجارية تجوب البحار وترسو في موانئ العالم، من صور العفية إلى اليمن والهند مرورا بموانئ الخليج العربي والبصرة في العراق ناقلة التمور إلى إفريقيا”.
تلك القصة التي عاشها أبناء ولاية صور حينها وإلى بداية الثمانينات مع تلك الصورة الواقعية حول دور ميناء خور البطح التجاري وربطه مع موانئ عالمية في تلك الحقبة التاريخية المهمة، جعلني أستذكر اللقاء الذي جمع أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى ممثلي ولايات جنوب الشرقية مع سعادة الشيخ محافظ جنوب الشرقية يوم ١٥ فبراير ٢٠٢٤، وطرح حينها سعادة طالب بن خميس بن ناجمان البلوشي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية صور مرئياته حول أهمية الإسراع في إنشاء ميناء صور التجاري.
إن وجود ميناء تجاري بولاية صور سوف ينعش المنطقة الصناعية والحركة التجارية ليس على مستوى صور فحسب بل على مستوى جميع الأسواق القريبة منها، كون ميناء العفية هو بوابة لعمليات الاستيراد والتصدير إلى الموانئ القريبة كموانئ بومباي الهندية وما جاورها وأيضا ميناء جوادر الباكستاني الذي يربط اليوم بطريق الحرير، إلى جانب الموانئ المحاذية له، وأيضا يمكن أن تعزز الصناعات المرتبطة بالمواد الأولية وإعادة تصديرها إلى أسواق العالم.
يبدو أن موقع ولاية صور هو ما يعزز الميزة النسبية والتنافسية الاقتصادية لنجاح مثل هذه المشاريع في إنعاش الحركة الاقتصادية والتجارية، ليس على مستوى ولاية صور فحسب بل على مستوى ولايات محافظتي جنوب وشمال الشرقية وأيضا أسواق محافظة الداخلية والولايات المحاذية للعفية، لكون أن كلفة المواد التي ستصل إلى ميناء صور التجاري ستكون أقل مما عليه في الموانئ الأخرى البعيدة عن تلك الأسواق.
وهنا يمكن للحكومة النظر في مشروع إنشاء ميناء صور التجاري والذي سيسهم في تحقيق رؤية عمان٢٠٤٠ عبر تعزيز دور اقتصاديات المحافظات وإيجاد فرص إنشاء شركات تسهم في صناعة المشهد الاقتصادي والتجاري بالمحافظة وأيضا تعزيز فرص توليد الوظائف والمهن وتوطينها.
ويمكن النظر من جانب آخر إلى إنشاء رصيف بحري تجاري مؤقت في الميناء البحري بولاية صور والذي سيكون النواة الأولى لتعزيز الدور الاقتصادي والتجاري للولاية.
ستظل ذاكرة الفرضة بخور البطح شاهدة على الدور الذي لعبه ميناء ولاية صور في المشهد الاقتصادي والتجاري لسلطنة عمان، وكيف كانت السفن العمانية تصل إلى موانئ العالم محملة بالمنتجات العمانية، وتعود بالبضائع التي كانت أسواق عمان والخليج بحاجة إليها، تلك الصورة ستعود بمشيئة الله بهمة المخلصين الأوفياء من أبناء عمان وحرصهم على إنشاء هذا المشروع الحيوي الهام.