محمد بن عيسى البلوشي
أثار الفيلم الهندي الذي يعرض حاليا عن حياة مغترب وصل إلى أرض الجزيرة العربية في حقبة زمنية معينة، حفيظة العديد من رواد منصات التواصل الإلكتروني في عالمنا العربي وحدثت حالة من الجدل حوله، خاصة وأن المنتجين الهنود قالوا إن الفيلم مقتبس من قصة حقيقية.
وهذا الجدل الحاصل حول الفيلم يعد أمرا طبيعيا يعكس تفاعل المجتمع مع المادة الفنية المقدمة، إذ إنه باختلاف زاوية النظر تتنوع الآراء حول الموضوع الواحد.
ومع تحفظي حول فكرة الدراما الهندية المقدمة في فيلم “حياة الماعز” والتي عادة ما يكون فيها المزيد من الإثارة والمبالغة لجذب المشاهد وترسيخ رسالة المنتجين، إلا أنني أعترف بأن مسيرتنا نحو التطور والتقدم شابها في فترة زمنية بعض التحديات الفردية لأسباب ثقافية واجتماعية واقتصادية وإنسانية، وهذا أمر يتفق معه أصحاب الحكمة والمنطق والرؤية.
لن أخوض في جدلية الفيلم الهندي، لأننا بحاجة إلى أن نعيد النظر أولا فيما يعرض على شاشاتنا الخليجية من أفلام ومواد فنية، لأن مثل هذه الأعمال تشكل أفكار الشعوب وثقافتهم المستقبلية، كما أن حوكمة ما يعرض على شاشاتنا الخليجية مطلب مهم لبناء جيل قوي بقيمته الاجتماعية والاخلاقية والوطنية، من أجل بناء الأوطان نحو مستقبل مشرق ومتحضر.
فمثلا، أنا استغرب كثيرا من تمرير العديد من المشاهد التي لا تمت إلى مجتمعنا العربي بصلة في مسلسلات تعرض على شاشاتنا، وكأننا كمجتمع لا نعتد بالقيم، ففي مشهد لإحدى المسلسلات الخليجية يطلب الممثل لزوجته وهو على سطح اليخت الخاص بأن تلبس “البكيني” وتخرج لأصدقائه، ويؤكد لها بأن هذا الأمر طبيعي.
وهنا أريد أن أسأل المجتمع صاحب الفزعة والقيم: أين أنت من تمرير هذا المشهد، ولماذا لم أر منك ردة الفعل حول مضمون المشهد في المسلسل؟!
إن هروبنا من المشكلات والتحديات الحقيقية، ونقدنا الموضوعي للأعمال التي تقدم في وسائلنا الإعلامية، هو ما يوجه تفكيرنا الإيجابي أو السلبي نحو صورة آرائنا المقدمة، فلا ريب بأن الأوطان لها مكانتها وهيبتها، ولكن من على أرضها هم من يصنعون صورتها وعزتها، فأراؤنا هي ما توضح إلى أين نتجه بمجتمعاتنا وقيمنا وإلى أي سبيل نمضي.