نبيل بن محمد الهادي
بين حين وآخر، يطل علينا عبر وسائل الإعلام التقليدية والرقمية أشخاص يدّعون العمل الإعلامي وكأنهم يمتلكون خيوط هذه المهنة دون غيرهم، ويقومون بالتنظير حول ما يجب أن تكون عليه المؤسسات الإعلامية محليًا ودورها الذي يجب القيام به.
وللأسف، هذه الادعاءات سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة يكون الهدف منها أن تسير وسائل الإعلام وفقا لأهواء هؤلاء المدعين لأنهم يحاولون إقناع المتابعين بأنهم يمتلكون الحقيقة والرأي الصواب.
ولقد مرّ الإعلام في سلطنة عُمان بالعديد من الأحداث المفصلية على المستوى المحلي والعالمي، وقد ثبت حينها أنه إعلام مؤسسي يرتكز على سياسة رصينة في التعامل مع تلك الأحداث، دون إفراط أو تفريط، متجرد من الأهواء الشخصية والانفعالات العاطفية النفسية التي نراها تتعالى اليوم دون معرفة في وسائل التواصل الاجتماعي، فقد خرج للمتلقي حينها باحترافية عالية ودقيقة دون إسفاف أو ابتذال، فكان مثالا يحتذى به في الوعي والدقة والموضوعية، فاختيار ما يتضمنه من معلومات وتحليلات لم تأت عبثا وإنما يتماشى مع واقع الإعلام الحقيقي.
والراصد لوسائل التواصل يجد ذلك الاتهام المباشر وغير المسؤول من بعض المنظرين ممن يطلقون على أنفسهم “مثقفون أو إعلاميون وكتّاب” -إن صح القول- في وسائل التواصل الاجتماعي مسخرين أقلامهم للانقضاض على الإعلام الرسمي والخاص، هذا الإعلام الذي يصبح متهما مع أي قضية أو حادثة تقع في المجتمع من قبل هؤلاء، ومن خلال هذه الأسطر البسيطة أوكد بأنني لا أنصب نفسي لأكون خط دفاع لأي جهةٍ معينة وإنما مجرد رأي شخصي، فأكرر إلى ما أشرت إليه سابقا أن هذا الإعلام يقوم بتناول الأحداث بكل توجهاتها والتي تهم المجتمع العُماني بشكل خاص، ودعوني أعني الحوادث على سبيل المثال لا الحصر، فهو يتناولها بدقة وشفافية لإيصال الرسالة الاعلامية المطلوبة، وضمن محددات وأطر خاصة بها وبالسياسة العامة لواقع النشر وما يتوافق مع توجهات الرأي العام، متضمنة البيانات والمعلومات الصادرة عن الجهات الرسمية والعمل على بثها ضمن محتوى يتواكب مع الحدث بقراءة معمقة لإيصال المعلومات الحقيقة دون تضليل أو نقصان.
وفي المقابل يقوم هؤلاء ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على الإعلام برشق المشتغلين في الإعلام الرسمي والخاص بوابل من الاتهامات غير مدركين لحقيقة الأمر، في سياق نستطيع أن نطلق عليه (تسويف وتخوين وتقصير) ناهيك عن إصدار الأحكام المسبقة المغلفة بأمراض نفسية بغرض تصفية حسابات شخصية، ظنا منهم أن ما يتحدثون عنه هو الحقيقة، والبعض الآخر يقوم باستغلال حدثًا ما ليشفي حقدا مكنونا في داخله تجاه مؤسسة بعينها والتقليل من الجهود المبذولة التي تقوم بها تلك المؤسسة والمشتغلين فيها مبتعدا عن النقد البنّاء، ظنا منه أنه يقوم بتوجيه الرأي العام للحدث الحقيقي الذي يقوم بطرحه، متناسيا أن قلمه يجب أن يكون عين الحقيقة والموضوعية كونها المعيار الوحيد والحقيقي في إيصال ما يمكن إيصاله من حقائق، ليعلم وفي ظل الشتات والانفتاح الحقيقي للفضاءات أن ما يكتبه له تأثير على مجتمعه في المقام الأول، لكنه ولو بعد حين سيفقد مصداقيته، على الرغم أن من الواجب عليه في هذه الظروف والأحوال المفصلية أن يسخر قلمه للدفاع عن تراب وطنه ليشكل خط الدفاع الأول مبتعدا عن التشخيص والاتهامات التي لا علاقة لها بتصفية الحسابات الشخصية، ليخفي عن القارئ والمتابع حقيقة وأسباب هذا النقد.