خاص ـ شؤون عمانية
تسبب الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي في زيادة الفجوة بين أفراد الأسرة، وهو ما يعتبره عدد من الكتاب والصحفيين أنه خطر قد يؤدي إلى التفكك الأسري، ناصحين بضرورة الاهتمام بالتواصل المباشر بين أفراد الأسرة والمجتمع لتعزيز الروابط الأسرية والمجتمعية.
وتقول الصحفية والكاتبة أميمة عبدالامير، إن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يساهم في تفاقم المشكلات الأسرية والشخصية، موضحة: “أصبحت هذه الوسائل تستهلك جزءًا كبيرًا من وقت الأفراد، مما يقلل من وقت التفاعل الحقيقي المباشر بين أفراد الأسرة، كما أن الاعتماد الزائد على التواصل الافتراضي يؤدي إلى تقليل جودة التواصل الفعلي، وزيادة الفجوة العاطفية بين الأفراد”.
وأضافت: “استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي اختراق حياتنا والتأثير عليها بشكل مباشر وبشكل كبير، ويمكن تفسير ذلك بعدة عوامل، أبرزها: سهولة الوصول، فقد أصبح الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي سهلاً ومتوفراً في أي وقت ومكان عبر الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، بالإضافة إلى الجاذبية والإدمان، حيث أن تصميم هذه الوسائل بأسلوب يجذب المستخدمين ويدفعهم لقضاء وقت طويل عليها، مما يؤدي إلى الإدمان، إضافة إلى ذلك الاحتياجات الاجتماعية، فتلك الوسائل تلبي احتياجات الإنسان للتواصل الاجتماعي والتعبير عن الذات، مما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مروراً بالضغوطات الاجتماعية، حيث أن الشعور بالضغط لمواكبة ما يحدث في العالم الافتراضي والمشاركة فيه يزيد من الاعتماد على هذه الوسائل”.
وتؤكد أنه على الرغم من التأثيرات السلبية، إلا أن هناك العديد من الفوائد التي لا يمكن إنكارها لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها: التواصل مع الآخرين إذ تسهل وسائل التواصل الاجتماعي التواصل مع الأصدقاء والعائلة، خاصةً مع من يقطنون بعيدًا، وهي أيضا مصدر للمعلومات حيث تعتبر مصدرًا رئيسيًا للحصول على الأخبار والمعلومات، مما يساهم في زيادة الوعي والمعرف، كما أن بعضها يوفر دعما نفسيًا واجتماعيًا للأشخاص الذين يعانون من مشاكل أو أزمات شخصية.
وتتابع قائلة: “لا تزال هذه الفوائد غير كافية لتبرير التأثيرات السلبية المتزايدة التي نواجهها في العلاقات الأسرية والشخصية، وهناك حاجة ملحة لتحقيق توازن بين الاستخدام الفعّال والإيجابي لهذه الوسائل وبين الحفاظ على جودة العلاقات الحقيقية والتواصل المباشر بين الأفراد، وستظل وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا ذا حدين؛ ففي حين توفر لنا العديد من المزايا، فإن الإفراط في استخدامها يحمل في طياته تحديات خطيرة تؤثر على حياتنا الأسرية والشخصية، ومن المهم العمل على تحقيق توازن صحي في استخدامها لضمان استفادة حقيقية دون الإضرار بالعلاقات الحقيقية”.
من جهته، يرى يوسف الذهلي -كاتب ومتابع للشأن الثقافي في سلطنة عمان- أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي تقلل أو تحد من العلاقات الإنسانية بين البشر؛ فكلما زاد تفعيل استخدام العلاقات الإنسانية زاد التواصل الاجتماعي الحضوري الشخصي بينهم عوضا عن التواصل الافتراضي (الاجتماعي).
ويبين: “استخدام التواصل الاجتماعي في التجمعات الأسرية خاصة بين الأولاد يقلل من عملية التواصل الكلامي الحي معهم الذي يحمل في طياته ملامح وحركات الجسم والتي هي من أساس التواصل السلوكي، طبعا هناك فوائد جمة لا تحصى في التواصل الافتراضي لتقليل الفاقد المالي؛ وأيضا كذلك بسرعة إنجاز المعاملات ولكن ليست على حساب الأسرة”.
كما تقول سهيلة البلوشية: “إدمان التواصل الاجتماعي يؤدي لانشغال أفراد الأسرة كل بهاتفه، ما يتسبب في عدم تواصل أفراد الأسرة بالطريقة الصحيحة، الأمر الذي يحدُّ من امتلاكهم لمهارات التواصل وتكوين العلاقات الشخصية، وينعكس سلبا على تلاحم أفراد الأسرة وتفاعلهم مع بعضهم”.
فيما توضح نسيمة البوسعيدية: “للأسف الشديد الغزو الكاسح الذي نراه في مجتمعاتنا من قبل وسائل التواصل الاجتماعي أطاح بكثير من القيم والعادات، وأوجد الكثير من المشكلات على النطاق الأسري والمجتمعي، فكم من أسره تفككت بسبب هذه الوسائل، وكم من أحبة تخاصموا وكم من أخوان تشاجروا، وخير دليل ما نراه في أروقة المحاكم من قضايا ونزاعات مستمرة سببها تلك الوسائل، وهي سميت وسائل التواصل الاجتماعي ولكن للأسف لم تحقق الهدف منها بل فرقت اجتماعيا وأسريا، ولا أتهم تلك الوسائل وتنوعها في ما يحصل في مجتمعنا ولكن الأسلوب الخاطئ في استخدامها وتوظيفها في غير وظائفها جعلها سلبياتها تطغي على إيجابياتها”.