مسقط- شؤون عُمانية
إعداد: جمعية الاجتماعيين العٌمانية
ظاهرة الطلاق من الظواهر الاجتماعية الملموسة التي تترتب عليها أبعاد محفوفة بالخطر تنعكس على الفرد والمجتمع بمؤسساته المختلفة، ما جعل العديد من الدول تبحث في الأساليب والطرق الناجحة التي قد تسهم في التقليل من حالات الطلاق والآثار المترتبة عليها.
وقالت أبرار بنت ناصر الحضرمية، عضو لجنة الدراسات والبحوث بجمعية الاجتماعيين العُمانية: إنَّ من أهم التجارب الدولية التي أتت بنتائج جيدة للحد من ظاهرة الطلاق هي التجربة الماليزية، حيث جاءت هذه التجربة نتيجة للارتفاع الملحوظ في عدد حالات الطلاق، فلقد شهدت ماليزيا معدلات مرتفعة وصلت في العام 1993 إلى 33%، ما دفع الحكومة الماليزية إلى اتخاذ قرار بتنفيذ دورات تأهيل إلزامية للمقبلين على الزواج التي عن طريقها يتم منح (رخصة الزواج)، وتقوم هذه الدورات على توعية المقبلين على الزواج بالعلاقة الزوجية الصحيحة، وتعريفهم بالواجبات والحقوق التي يجب الالتزام بها وذلك وفقًا لتعاليم الدين الإسلامي للمقبلين على الزواج من المسلمين، أما بالنسبة للأفراد من الديانات الأخرى فإنه يتم إعطاؤهم النصائح والإرشادات حسب ما يتوافق مع مبادئ ومعتقدات كل منهم.
وأضافت: من الحلول مساعدة الأزواج على وضع الخطط المالية المستقبلية، وذلك بهدف حمايتهم من الوقوع في مشكلات مالية قد تتسبب في حدوث الطلاق، والجدير بالذكر أن تلك الدورات لا تقدم إلا من بعد أن يتم تحليل دقيق لشخصية الشريكين وبناءً عليه تُوضَع الخطط والبرامج المناسبة لهم، ولقد انعكست هذه التجربة إيجابًا على العلاقات الزوجية حيث انخفضت نسبة الطلاق في ماليزيا إلى 8% في عام 2000م.
وفي نطاق مشابه، أشارت إلى تجرِبة محكمة الشعب الصينية كإحدى التجارِب الدولية الجيدة في التعامل مع ظاهرة الطلاق، فاتخذت المحكمة إجراء جديدًا ساعد على التقليل من حالات الطلاق وهو فرض (فترة تهدئة) لمدة شهر قبل إقرار الطلاق؛ ويهدف هذا الإجراء إلى مساعدة الزوجين على مراجعة قرارهما ودراسة إمكانية الاستمرار في العَلاقة وذلك من أجل تقليص حالات الطلاق، ولقد كانت لهذه التجربة نتائج إيجابية ملموسة فبين عام 2021م و2023م سحب أكثر من نصف المتقدمين بدعاوى طلاق ملفاتهم، وأعادوا ترميم علاقاتهم الزوجية.
كما سلطت الضوء على الجهود الكبيرة في التقليل من حالات الطلاق بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث حرصت الدولة على إنشاء مكاتب التوجيه الأسري في كافة المحاكم، وذلك من أجل زيادة الوعي الاجتماعي تجاه العلاقات الزوجية ومساعدة الزوجين على مواجهة مشكلاتهم الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والصحية؛ بعرضهم على مستشارين متخصصين ومؤهلين لمساعدتهم على حل تلك المشكلات.
وأضافت أسماء بنت عبدالله البلوشية عضو لجنة دعم الأعضاء بجمعية الاجتماعيين العُمانية وفق إطلاعها على الدراسة المعنونة بـ “أسباب الطلاق والحلول المبكرة لمعالجتها من وجهة نظر المطلقين والمطلقين والقضاة الشرعيين في الأردُن” للباحثين (ربابعة، وسالم، 2015): أن هناك مجموعة من المقترحات لمعالجة ظاهرة الطلاق من وجهة نظر عينة الدراسة، وقد تمثلت في أهمية اتباع المنهج الإسلامي في عملية اختيار الشريك بنسبة (90%)، يليها ضرورة وجود مكاتب الإصلاح الأسري بنسبة (83%) على أن تفعَل أدوار هذه المكاتب الإصلاحية قبل وصول قضايا الطلاق إلى المحكمة، أما في المرتبة الثالث فأشارت عينة الدراسة إلى أهمية توفير مواد تعليمية في مناهج المدارس والجامعات تعني بشأن الأسرة، وأيضًا التركيز على التوعية والإرشاد باستخدام وسائل التوعية للمقبلين على الزواج بنسبة (80%) وقد تكون في حملات التوعية الإرشادية يشترك فيها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة مع كافة مؤسسات الدولة في الأردن.
وأوضحت ريان بنت ناصر اليعربية، عضو لجنة الدراسات والبحوث بجمعية الاجتماعيين العُمانية فيمَا يخص التجارِب المحلية للحد من ظاهرة الطلاق: إنَّ المراكز الأسرية هي إحدى الجهات التي تتعامل مع حالات الطلاق وتداعياتها في سلطنة عُمان، ومن هذه المراكز مركز زلفى للاستشارات وهو بيت خبرة يستقبل ما معدله خمس حالات شهريًا محوَّلة عن طريق محكم أسري في المحاكم ويعمل داخل المركز وهي الخدمة الأولى في المجتمع العماني ويقوم المحكم بمحاولات الصلح والالتقاء بالزوجين والكشف عن أسباب الطلاق والسعي نحو أفضل الحلول، ويقدم المركز دورات تدريبية للمقبلين على الزواج في المجالات الدينية، والاجتماعية، والنفسية، والقانونية، والاقتصادية شهريًا بعدد (35) متدرباً على الأقل، كما يعد المركز جلسات توجيه أسري ونفسي، وتربوي للأفراد المعنيين بالطلاق سواء في فهم المشاعر والتحديات أو تفعيل استراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية والاجتماعية، ويقدم المركز خدمات دعم الأطفال بعد وقوع الطلاق حيث تسعى المراكز الاستشارية إلى التقليل من معدلات حالات الطلاق في السلطنة عن طريق رفع المقترحات والتوصيات إلى الجهات المختصة.
ووفق نتائج المقابلة مع الخبير الاستشاري الدكتور: أحمد بن عبدالله الشبيبي المؤسس لمركز زلفى اقترح الآتي:
1. التوعية والتثقيف للمقبلين على الزواج والمتزوجين بأهمية الزواج والاستعداد له وتنمية مهارات التواصل الفعال، وحل المشكلات مع قياس الأثر.
2. لا ينظر إلى شكاوى الطلاق إلا بعد مرورها بلجان المصالحة والتوفيق، وتضم مراكز الاستشارات الأسرية ضمن عضوية اللجنة ممثلة في مرشد أسري.
3. تحال دعاوى الطلاق إلى مراكز الاستشارات الأسرية عوضاً عن مكاتب المحاماة والجلوس مع الخبير الأسري.