إبراهيم العزري
أنطلق في كتابة هذه السطور لكوني من المنتسبين لمهنة الصحافة منذ عام 1992م وهو شرفٌ عظيم ومصدرُ فخرٍ واعتزاز لي، كما أنني تشرّفتُ بأن تمت دعوتي لحضور الاجتماعات التأسيسية التي سبقت الإعلان عن إشهار جمعية الصحفيين العمانية في عام 2004م ، حتى خرجت الجمعية إلى النور وبدعم واهتمام من لدن المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه ، ومنذ ذلك الحين تولّى دفة القيادة في مجالس إدارة الجمعية المنتخبة ثلاثةٌ من الأساتذة الإعلاميين ، ولاشك أنّ لكل منهم بصمات واضحة في تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها الجمعية والمضمنة في لائحتها التنفيذية ، ولكن ومع كل تلك الجهود والإنجازات التي حققتها جمعيةُ الصحفيين العمانية طوال السنوات العشرين الماضية من حقنا أن نطرح تساؤلات حول الدور المنتظر للجمعية وخصوصًا في ظل ما تشهده سلطنة عُمان من نهضة متجددة في جميع المجالات، ومنها قطاع الإعلام الذي أكدّ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – خلال ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء في شهر أكتوبر الماضي على أهمية الارتقاء به ووضع الخطط الفاعلة لتعزيز الاستفادة من التطورات التي يشهدها بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية ، ويمكن للجمعية أن تنطلق في مرحلتها القادمة لتحقيق ذلك اعتمادا على تفعيل الصلاحيات المتاحة لها في الارتقاء بالمستوى الثقافي والمهني للصحفيين عن طريق عقد الدورات التدريبية للصحفيين واللقاءات الإعلامية، وفي هذا الشأن لا نريد أن نبخس الجمعية حقها فيما يخص التدريب ، فهي تعكف سنويا على تنفيذ دورات تدريبية داخلية وخارجية لمنتسبيها ، ولكن يقفز سؤال هنا حول انعكاس ذلك على أداء الصحفيين الذين انخرطوا في تلك الدورات واللقاءات ، وهل هناك تقييم مهني حقيقي لتطور مستواهم، وتحسين جودة عملهم في المؤسسات الإعلامية التي يعملون بها؟
شخصيا ومن وجهة نظر متواضعة ومن واقع معايشة العمل الصحفي اليومي لا أشعر بأن ذلك التطور المهني متحقق على أرض الواقع ، وعلى إدارة الجمعية بذل جهود أكبر للمساهمة في النهوض بالصحافة العمانية لتكون الوجه المعبر والصادق عن سلطنة عمان في المحافل الإقليمية والدولية، وفي هذا الشأن يمكن طرح سؤال آخر حول جدوى الفعاليات التي دأبت جمعية الصحفيين العمانية على إقامتها في العديد من الدول ، ومدى تحقق الهدف من وراء إقامتها بحضور أعداد كبيرة من أعضاء مجلس إدارتها ومنتسبيها، وحضورٍ أقل للمشاركين من المعنيين في تلك الدول.
ويبدو أن السفر والترحال داخليا وخارجيا أصبح هدفا رئيسيا وحلما يمكن تحقيقه لمن ينتسب إلى عضوية جمعية الصحفيين العمانية بغض النظر عن الهدف الأسمى للزيارات الذي ينبغي أن ينعكس على رسالة الجمعية وأدائها الواقعي ، وللأسف فإن مرجع ذلك هو غياب الحوكمة في آلية إدارة وتنفيذ برامج الجمعية، وعدم وجود مساءلة في اجتماعات الجمعية العمومية ، حول ما حققه مجلس الإدارة من نتائج واقعية تنعكس على تطور الصحافة في سلطنة عمان.
ولكي لا أطيل في هذه الهواجس ، أقول ومن واقع خبرة متواضعة إنّ الدور المنتظر من جمعية الصحفيين العمانية أكبر بكثير مما هو عليه الآن، ومن يصل إلى سدة الإدارة في مجلسها القادم ، لابد أن يعي أن الواقع الذي نعيشه اليوم اختلف كثيرا عن الأمس ، وأن من يقع تحت مسؤوليته من أعضاء الجمعية وخصوصا الجيل الجديد بحاجة إلى اهتمام كبير ، ومن الواجب أن تكون المصلحة العامة هي الهدف ، وليس المصالح الشخصية، فالجمعيةُ منوطةٌ بحماية مبادئ العمل الصحفي انطلاقا من ثوابت المجتمع وآداب المهنة ،والدفاعِ عن حقوق الصحفيين ومصالحهم بما يمكّنهم من أداء رسالتهم على الوجه الأمثل ،والمساهمةِ في نشر الوعي ،وتوثيق الصلات مع طلاب الصحافة في الجامعات والكليات وتيسير سبل البحث العلمي ، وتحقيقُ تلك الأهداف ليس بالأمر اليسير والهيّن ، بل يتطلب برنامج عمل واضح ، ومتابعة متواصلة من أعضاء مجلس الإدارة واللجان التابعة له ، ولست هنا في وارد التشكيك في جهود كل من تعاقبوا على مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية وبصماتهم واضحة ولهم خالص الشكر والتقدير ، ولكن يظل هناك دائما طموح للأفضل ، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الممارسة الديموقراطية الحقيقية في اختيار الأكفاء من أعضاء مجلس الإدارة ، وليتأكد الزملاء الصحفيين أن التشبث بكرسي مجلس الإدارة لسنوات طويلة لن يؤدي إلاّ إلى ترهل أداء العمل الإداري ، والتحكم في مسارات العمل بصورة فردية ، وضياع الأهداف الحقيقية لوجود الجمعية التي تعدّ من واجهات مؤسسات المجتمع المدني في جميع دول العالم ، وهنا يجب أن نضع نصب أعيننا عند انتخاب أي عضو أو قائمة جديدة لمجلس الإدارة أنّ مصلحة عمان فوق كل اعتبار .
·