محمد جواد أرويلي .. كاتب وصحفي
تحتفل سلطنة عُمان في الـ 18 من نوفمبر بعيدها الوطني الثالث والخمسين، وهي تظهر دعما قويا للقضية الفلسطينية من خلال مواقف واضحة وإنسانية تقف في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وتدعم القضية على الساحة الدولية.
وقد اتخذت سلطنة عمان قرارها الإنساني والحضاري وأعلنته من خلال الأمانة العامة للاحتفالات الوطنية، والذي قضى بأن يقتصر الاحتفال بالعيد الوطني الـ53 على العرض العسكري تضامنا وحزنا على ما يتعرض له الفلسطينيون في قطاع غزة.
ومع بدء الحرب الهمجية الصهيونية على قطاع غزة توالت المواقف السياسية الواضحة لسلطنة عُمان لدعم الشعب الفلسطيني المظلوم، وقد تجلى هذا الموقف في خطاب السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله- خلال افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان، حين وصف الاحتلال الإسرائيلي بالغاشم، وأكد على ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته والتزاماته تجاه القضية الفلسطينية، والمسارعة في إيجاد حلول جذرية لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ليعم السلام في منطقتنا وينعم العالم أجمع بالأمن والأمان.
لقد تركز الموقف العماني في دعم القضية الفلسطينية على استخدام الأساليب الدبلوماسية والقانونية وتوظيف صوت الحق الدامغ ولغة العقل وقوة المنطق أمام العدوان الإسرائيلي الظالم في قتله المدنيين، وتجلى ذلك في موقف وزير الخارجية العماني السيد بدر بن حمد البوسعيدي عندما صرح للصحفيين الأوروبيين وقال إن “حماس هي حركة مقاومة وليست منظمة إرهابية” وأكد على ضرورة إعطاء الشعب الفلسطيني الحق في الدفاع عن نفسه.
التصريحات والمواقف العمانية الداعمة للقضية الفلسطينية رافقتها مواقف عملية أيضا على أرض الواقع، فقد أفادت صحيفة هآرتس العبرية في الـ30 من أكتوبر الماضي أن سلطنة عُمان قررت عدم السماح للطائرات الإسرائيلية التحليق في أجوائها مؤكدة ان “هذا القرار سيؤثر بشكل كبير على الطيران الإسرائيلي من الناحية الاقتصادية وحركة الملاحة الجوية.
وبهذه المناسبة لابد وأن نشير الى ان سياسة سلطنة عمان جديرة بالبحث والدراسة كونها جعلت البلاد محل ثقة من جانب مختلف الأطراف المتنازعة في القضايا الإقليمية والدولية.
وهناك بصمة متميزة وعلامة فارقة لدبلوماسية سلطنة عمان الهادئة في التعامل مع القضايا المصيرية بالمنطقة وفي مقدمتها تلك التي تتعلق بالشأن الإيراني على وجه الخصوص.
ويمكن القول إن الدور الدبلوماسي لسلطنة عمان كان هادئاً و بعيداً للغاية عن متابعة وسائل الإعلام، لكن في الواقع ترى على سبيل المثال أن مسقط حاضرة في اتفاقية بكين لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، كما كانت حاضرة وبقوة في صفقة الدوحة لتبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة والإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة، وأيضا مسقط قادت جهودا كبيرة للتقدم بالمحادثات بين الحوثيين والسعودية وحل العقد بين صنعاء والرياض وغيرها من الملفات التي تشير إلى مساعي مسقط في البحث عن السلام.
في الختام، وفي ظل الوضع المعقد دولياً وإقليمياً، أثبتت التجربة أن مسقط لا ترى بداً من الدخول على خط الملفات الساخنة بما يتفق مع رؤيتها لأمن المنطقة، فالثوابت السياسية لسلطنة عمان مبنية على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين وعلى إرساء نظام عادل لتبادل المنافع والمصالح وإقامة أسس الاستقرار والسلام والإسهام فيها بإيجابية.